الصادق الرزيقي

الحوار والحرب بين موقفين!!

[JUSTIFY]
الحوار والحرب بين موقفين!!

لا يوجد خلاف على الإطلاق، بين ما يطرحه الحزب الشيوعي وتحالف المعارضة بالداخل والقوى المسلحة المتمردة على الدولة بالخارج، خاصة قطاع الشمال في الحركة الشعبية.. برغم وجود تناقضات أملتها التعمية والتكتيكات المتعجلة، وتبدو كأنها تتقاطع في أهدافها، بين الجهتين المتناصرتين المتآلفتين المكملتين لبعضهما البعض.
ومن خلال الورقة التي قدمها قطاع الشمال في مفاوضات أديس أبابا التي علقت أخيراً حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، يتبين الحبل السري الذي يربط هذا القطاع مع الحزب الشيوعي السوداني وتحالف أحزاب المعارضة خاصة تلك التكوينات الأميبية الصغيرة التي لا تراها العين المجردة، وشخصيات ضئيلة في المشهد السياسي لا تمثل إلا لحمها وشحمها مثل فاروق أبو عيسى.
وبقراءة بسيطة لموقف الحزب الشيوعي وتحالف المعارضة من خطاب الرئيس البشير الأخير «خطاب الوثبة»، الذي دعا فيه إلى حوار وطني ووفاق يجمع السودانيين، فاشتراطات الحزب العجوز المتهالك، كانت تتمحور حول حكومة قومية انتقالية تشارك فيها كل أطراف العميلة الدستورية وتستمر لمدة عامين، تشرف فيها على قيام المؤتمر القومي الدستوري وعلى الانتخابات المراقبة دولياً، وضرورة وقف الحرب وإلغاء القوانين المقيدة للحريات كما يقال، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وبالقراءة البسيطة في ورقة الحركة قطاع الشمال المقدمة للتفاوض، لا يحس قارئها على الإطلاق أنها غريبة عليه، لأنها الأدبيات المطروحة في الساحة السياسية للحزب الشيوعي وتحالف المعارضة وكادره الذي بلغ من العمر أرذله وأكل على كل الموائد ولم يذق طعم التمثيل النيابي إلا في عهدالحكومة الحالية التي يناصبها العداء المجنون.
وكون الحزب الشيوعي وتحالف المعارضة هو صاحب التغذية المباشرة لقطاع الشمال بالحركة الشعبية، فذلك أمر معروف لا خلاف عليه، لكن من الخبال أن يطرح القطاع كل رؤيته منسوخة نسخاً من الأدبيات والمواقف السياسية للمعارضة اليسارية السياسية القابعة في الخرطوم ويزايد عليها بتبني مواقف لا صلة لها بالقضية التي من أجلها حزم الجميع حقائبهم صوب أديس أبابا.
فمن ناحية لا مجال للإنكار أن ما يقوم به قطاع الشمال في الحركة الشعبية هو تسويق لآراء وتوجهات الحزب الشيوعي وتحالف المعارضة، تحت أسنة الرماح وعبر فوهات البنادق التي ترفعها الفرقتان التاسعة والعاشرة من الجيش الشعبي التي تنشر الرعب والخراب في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
كلا الجانبين القطاع والحزب، شريكان أصيلان في الحرب ضد الدولة والمجتمع، فالشعارات السياسية والمواقف المعلنة من الجانبين هي ذاتها، والهدف هو نفسه، والمسعى هو المرمى المشترك الذي تصوب نحوه السهام المسمومة.. وما قطاع الشمال إلا صدى أو تفسير ركيك لما ينطق به لسان الحزب الشيوعي السوداني وتحالفاته الداخلية وعمالته الغريبة للغرب، وحتى وقت قريب كان الناس يظنون أن الشيوعيين مازالوا على مواقفهم السابقة ضد القوى الاستعمارية والإمبريالية والرأسمالية، فما بين ليلة وضحاها صار الشيوعيون هم أهم وأخطر عملاء الغرب يتمرغون تحت أحذية رجال المخابرات المركزية الأمريكية ويخدمون إستراتيجيات الدول الغربية مثل كلاب الصيد التي تعدو وتهجم بمجرد الإشارة أو صافرة قصيرة من أصحاب الطريدة.
أما التناقض بين الموقفين لتحالف المعارضة والقطاع، وهو في الحقيقة ليس تناقضاً جوهرياً، إنما هو تبادل أدوار و «لعب على الدقون»، ففي موضوع الحوار الوطني نادى تحالف المعارضة بوقف الحرب كشرط للإنخراط في الحوار الداخلي بين المؤتمر الوطني والقوى السياسية، بينما تمسك قطاع الشمال في ورقته التفاوضية في مقترحاته للجنة السياسية بالدخول في الحوار الوطني وإتمام العملية الدستورية والمشاركة فيها قبل إيقاف الحرب!!
قد تبدو النقطتان والموقفان متعارضين ومتقابلين، القطاع لا يريد وقف الحرب ويرغب في الدخول في العملية الدستورية والحوار الوطني والمؤتمر القومي، والحزب الشيوعي وتحالف أبو عيسى يقدمان وقف الحرب مقدمة للدخول في الحوار.
لكن نقطة التلاقي بين الموقفين، أن الحرب لن تتوقف إلا بموافقة قطاع الشمال بالحركة الشعبية إذا تحققت له المشاركة غير المشروطة في المؤتمر القومي الدستوري المقترح، والمؤتمر القومي الدستوري لن يشارك فيه الحزب الشيوعي وتحالف المعارضة إلا بعد إيقاف الحرب!!
هذه الجدلية و «الغلطوية» السياسية أو العدمية والمطلب التعجيزي المزدوج، غرضه النهائي هو وضع العراقيل والصعوبات ومنع أي شيء يحدث، للإبقاء على الحالة الراهنة في البلاد، ويتساوى الموقفان هنا عند نقطة صفرية تعني الآتي:
«لا حوار مع الحرب .. ولا حرب مع الحوار»!!
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة