تحقيقات وتقارير

كُتلة التوافق .. حاضنة سياسية جديدة أم مسار لعودة الفلول؟!

بدأت في الظهور بالفضاء السياسي, ملامح حاضنة سياسية جديدة تضم (30) حزباً سياسياً بديلة لقوى الحرية والتغيير لقيادة الفترة الانتقالية باسم (كتلة التوافق الجديدة), تعمل على ملء الفراغ السياسي الكبير حول رئيس الوزراء الذي أفرزه التوتر والاحتقان بالتظاهرات المستمرة في الشارع السوداني, وحالة الانقسام في المشهد السياسي السوداني بشأن المواقف المُتعارضة داخل قوى الحرية والتغيير من الاتفاق السياسي المُوقّع بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والقائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس السيادي الفريق البرهان.

أحزاب الكتلة

اللافت أنّ من بين القوى السياسية المُشاركة في تشكيل الحاضنة السياسية الجديدة أحزاب من قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي, أبرزها مجموعة الـ(18) حزباً التي التقت رئيس الوزراء عقب توقيعه للاتفاق السياسي, أبرزها حزب الأمة القومي الذي يعتبر رئيسه اللواء فضل الله مهندس وراعي الاتفاق, الى جانب الحزب الجمهوري بقيادة د. حيدر الصافي والناصري بقيادة المحامي ساطع الحاج والبعث السوداني بقيادة يحيى الحسين والتيار الاتحادي بقيادة يوسف محمد زين وحركة حق بقيادة الحاج وراق والحزب الاتحادي الموحد بقيادة محمد عصمت وجلاء الأزهري، بجانب (14) حزباً من مجموعة الحرية والتغيير ميثاق التوافق الوطني (منصّة التأسيس) بقيادة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم والحزب الاتحادي الديمقراطي الجبهة الثورية بقيادة التوم هجو.

تعديل

يتزامن تشكيل الحاضنة السياسية الجديدة كبديل لقِوى الحرية والتغيير مع بدء لجنة قانونية مُشتركة تكوّنت من مُختصين قانونيين من المكونَين المدني والعسكري، عملها في تعديل الوثيقة الدستورية بما يتماشى مع ما نصّت عليه الفقرة الثانية من الاتفاق السياسي بتوسيع ماعون الشراكة السياسية, لجهة أن الوثيقة الدستورية الأولى الموقع عليها من قِبل قِوى الحرية والتغيير والمكون العسكري, تنص على ان حمدوك غير مخول سياسياً ولا تشريعياً للقيام بأيِّ إجراء من دون التشاور مع مكونات حاضنته السياسية قوى الحرية والتغيير.

عودة الفلول

وبالتالي يرى الرافضون للاتفاق من القوى السياسية المُتمسِّكة بالعودة إلى ما قبل 25 أكتوبر، أن تعديل الوثيقة يتعارض مع مبادئ الثورة ويُمهِّد الطريق لعودة فلول النظام السابق من الإسلاميين وحلفائهم, بينما يرى المؤيدون لاتفاق الإعلان السياسي أنه يُوسِّع إطار الشراكة بين القوى الوطنية السياسية والمدنية والمكون العسكري والإدارة الأهلية ولجان المقاومة وقِوى الثورة الحيّة وقطاعات الشباب والمرأة ورجال الطرق الصوفية.

لكن حزمة من الأسئلة ينتظر الشارع السياسي السوداني, الإجابة عليها من شاكلة ما حدود صلاحيات ونفوذ الحاضنة السياسية, وهل تبدّد مخاوف المعارضين للاتفاق, الذين يجزمون بأن هناك طبخة تُجرى خلف الكواليس بإشراك عناصر من المُوالين أو المُتماهين مع للنظام السابق ولا سيما ما زال في الذاكرة أن المبادرة التي قدمها رئيس الوزراء قبل عزله حَوت ملامح تسوية شاملة.

تكرار الخطأ

وأبدى نائب رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي صلاح أبو السرة, استغرابه من المساعي التي تجريها بعض القوى السياسية لتأسيس حاضنة سياسية لتحل محل قوى الحرية والتغيير لاحتواء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك, وهذا تكرار للخطأ, لأن الحضانة السياسية كانت من الأسباب الرئيسية في التعقيدات التي شهدتها المرحلة السابقة بتغول مجموعة ما عُرف اصطلاحاً في قاموس السياسة السودانية بأحزاب “أربعة طويلة” على سلطات وصلاحيات رئيس الوزراء وكبّلته في تحركه, مشيراً إلى أنّ هذه الأحزاب التي تتداعى الآن هي من المباركين للاتفاق السياسي المُوقّع بين البرهان وحمدوك, لكن لن يكونا مؤثرين في المشهد.

وقال أبو السرة لـ(الصيحة), إنه لا يرى ضرورة أو حاجة لحاضنة سياسية, لأن مجلس الوزراء سيكون من كفاءات مُستقلة ليس لها أي انتماء سياسي، مضيفاً أن الحاجة الآن لتوافق سياسي يُساند حكومة حمدوك الانتقالية كأمر واقع وليس حاضنة سياسية, التي هي من البدع التي جلبتها أحزاب قوى الحرية والتغيير كخطأ تاريخي جرت إليه المكون العسكري وإدخاله في شراكة معها, ما جعله يأخذ الطابع السياسي بهذه الشراكة وهو قِوى عسكرية قومية لا يجوز لها الدخول في الشأن السياسي.

حاضنة جديدة

وقال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية د. عبد اللطيف محمد سعيد لـ”الصيحة”, إن حمدوك عاد للبحث عن حاضنة سياسية جديدة بعد أن فَقَدَ الحاضنة التي أتت به لرئاسة الوزراء وهذا واضحٌ في عجزه عن تشكيل الحكومة, لأنه فاقد للحاضنة السياسية التي يمكن أن تزوده بحصيلة من أسماء الكفاءات لتعينه في الاختيار منها لتشكيل حكومته, ولا سيما أنه ليست له معرفة بالكفاءات السودانية الموجودة في الداخل, لأنه غاب لفترة طويلة عن البلاد وهذا ما يجعله عُرضةً للوقوع في فخ أن يأتي بكفاءات سودانية من الخارج وتكرار تجربة حكومته الأولى.

وأضاف سعيد: الآن الحاضنة السياسية السابقة فَقَدَت الثقة في حمدوك ومن المتوقع أن تعود للتعامل معه, والآن الذين يستعين بهم مُتّهمون بأنهم من أنصار النظام السّابق.

تقرير- الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة