سمية سيد تكتب زيارة خاطفة بعيداً عن المعركة
صور ومقاطع فديو صادمة يتم تداولها لما يحدث في ولاية غرب دارفور، قتل وسحل وحريق للمنازل وتشريد للسكان، والحكومة المركزية هنا في الخرطوم شغالة بالمثل (البعيد عن العين بعيد عن القلب).
إحصاءات غير رسمية قدرت عدد الموتى بأكثر من (40) شخصاً وعشرات الجرحى بمحلية كرينك.. هذه الكارثة الإنسانية تتصدر الأخبار الرئيسية على القنوات الفضائية العربية والعالمية عداً إعلامنا الرسمي الذي يتعامل مع القضية بنهج الحكومة التي لا ترى في الضحايا غير عدد من الأسماء في قائمة الوفيات.
قبل يومين استهجن عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة لمني أركو مناوي قال عبرها إنه في زيارة سريعة الى إقليم دارفور.
حاكم الإقليم الذي كان عليه أن يقيم بالإقليم ويسجل زياراته السريعة الى الخرطوم، يقوم بالعكس، ويدير دائرة حكمه بالريموت من المركز.
هذه الزيارة الخاطفة تزامنت مع أحداث كرينك واشتعال النيران على المنازل والسوق، وانعدام الأمن والأمان في المنطقة.
الشهر الماضي شهد جبل مون نفس الأحداث وراح ضحيتها عدد من الأشخاص. وفي العام الماضي فقدت منطقة مستري أكثر من 200 شخص بسبب الحرب والعنف في المنطقة.
البعض حمل اتفاقية سلام جوبا مسؤولية استمرار العنف باعتبار أن قيادات حركات الكفاح المسلح هرعت الى تقاسم السلطة وأهملت ما يهم أهل دارفور وقضاياهم الأساسية.
قضايا النازحين واللاجئين، وتنمية قطاع البدو والرحل.. توزيع الأراضي وحل مشكلات الحواكير.. التعويضات وجبر الضرر، وكذلك قضية حل المليشيات ودمج أفراد الحركات المسلحة في القوات الحكومية.. كلها نقاط أساسية أي اتفاق جوبا للسلام، لكن لم ينفذ منها غير تقاسم السلطة والتمثيل السياسي للأفراد في مجلس السيادة.
كنت شخصياً من أكثر المتفائلين بتعيين مناوي حاكماً على إقليم دارفور، كنت أعتقد أن تفهمه لطبيعة مشاكل دارفور في كل ولاياتها وقربه من ملفات معقدة وذات حساسية كالصراع القبلي ومشاكل الأرض وانتشار السلاح قد تساعده على اتخاذ إجراءات لإيجاد حلول، لكن للأسف الآن يتم التعامل مع مشكلات دارفور بنفس طريقة النظام السابق، ولم نسمع حتى اللحظة عن أي آليات لتنفيذ اتفاق سلام جوبا.
حاكم إقليم دارفور الذي كان عليه أن يكون موجوداً في منطقة الصراع اكتفى بمحادثة هاتفية أجراها هو والنائب الأول لرئيس المجلس السيادي حميدتي مع لجنة السلم والصلح في أحداث غرب دارفور مشدداًً على حسم التفلتات ومحاسبة الجناة بشكل حاسم.
اللجنة المعنية تضم إدارات أهلية وشباباً وأعياناً تقوم بعمل مهم لنزع فتيل الأزمة. لكن وبما أن هذه اللجنة ذات طبيعة أهلية كان الأجدى أن تقودها جهة رسمية بقيادة حاكم إقليم دارفور مناوي نفسه.
وقف نزيف دارفور يحتاج إرادة شعبية وإرادة سياسية قوية تبدأ بتنفيذ اتفاقية السلام على أرض الواقع، وتشرع في تنمية المنطقة بما يحقق الاستقرار الدائم.
صحيفة السوداني