مقالات متنوعة

منى عبدالفتاح تكتب.. الحرب الإثيوبية وصياغة التحالفات


“منى عبدالفتاح / كيف لا”

انطلق تحالف باسم “الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية” الشهر الماضي في واشنطن، من تسعة فصائل مناهضة للحكومة الإثيوبية هدفها اسقاط رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، مكونة من جبهة تحرير شعب تيغراي، وجيش تحرير أورومو، وجبهة عفار الثورية للوحدة الديمقراطية، وحركة أقاو الديمقراطية، وحركة التحرير الشعبية بني شنقول، وجيش التحرير الشعبي لغامبيلا، وحزب قيمانت الديمقراطي، وجبهة تحرير سيداما الوطنية، ومقاومة الدولة الصومالية. وتصف هذه الحركات نفسها بأنّ تحركها هو نضال الشعوب المضطهدة في إثيوبيا، وأن تحالفها سوف يشمل التعاون العسكري والسياسي والدبلوماسي وهو توسيع للاتفاق القائم بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو. وفي الأثناء حشد آبي أحمد سكان العاصمة أديس أبابا الذين هتفوا متهمين جبهة تيغراي ومن ورائها الولايات المتحدة بالعمل ضد حكومة بلادهم. وبينما تحاول واشنطن حفظ الاستقرار عن طريق الوساطة التي يقودها مبعوثها للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، فإن تحركات روسية وصينية قريبة ربما تعمل على صياغة تحالفات دولية بالإضافة إلى الداخلية.

سبق التطور الاجتماعي في إثيوبيا التطوران السياسي والاقتصادي، إذ ان القوميات الإثيوبية اكتسبت ثقافة مشتركة وظلت معاً في ظل اعتقاد بالتهميش من قِبل السلطة السياسية. وقبل حكومة آبي احمد حاولت الحكومات السابقة توحيد هذه القوميات إلا أن كل الجهود أسفرت عن قوميات مقاومة للسلطة عندما لا تكون جزءاً منها، ولكن من دون مصادمة، وأغلبها لم تنخرط في الحكومة بينما سيطرت قوميات مثل تيغراي على الحكم خلال 27 عاماً الماضية، واكتسبت قوتها من تلك التجربة، بينما كان يُنظر إلى قوميات أخرى مثل أورومو، كجماعات متصارعة من أجل السلطة.

بعد الثورة التي أطاحت بحكم أمهرة على يد منغستو هيلا مريام، على يد مسؤولي “الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية” في عام 1991، ومجيء ميليس زيناوي إلى الحكم وقد كان ملتحقاً بجبهة تحرير شعب تيغراي خلال نظام منغستو الشيوعي، قام بصياغة الدستور الإثيوبي الفيدرالي الدائم لعام 1995، الذي فرض الفيدرالية الإثنية، وأتاح حق ملكية الأرض وحق تقرير المصير. حصل شعب أورومو على حكم ذاتي شكلي، وتخلصوا مع بقية الأقاليم من سيطرة الحكومة الإثيوبية بفرض زيادة حصيلة الضرائب على مناطق الإنتاج الزراعي خصوصاً البن، في أقاليم إثيوبيا وكما حدث تحديداً في إقليم أوروميا إذ كان نظام الديرغ الشيوعي يفرض على المزارعين توجيه مبيعاتهم إلى مراكز محددة في أديس أبابا ولم تكن لديهم استقلالية، وبموجب الدستور الإثيوبي “الدولة هي من تمتلك جميع الأراضي وتوفر عقود إيجار طويلة الأجل للمستأجرين”. ولكن حركة تحرير شعب أورومو ظلت تطالب باستعادة إقليمهم الواسع تاريخياً وتكون عاصمته أديس أبابا، ففي اعتقادهم أنَّ الفيدرالية الإثنية تتيح التوسع الإداري والجغرافي للعاصمة أديس أبابا على حساب إقليمهم. أسهمت التعديلات الدستورية بين العهدين في تشكيل شعور بهوية وثقافة محلية تنتمي للإقليم فقط، وساعد على ذلك هيمنة الدولة عند ظهور تشكيلات عسكرية تتحدى مركزية وسيادة الدولة.

أخذ الوضع السياسي القائم على أساس التحالفات، النموذج القومي للبروز العسكري، الأمر الذي عزز قوة هذه الجماعات وفيها حركات لم تعرف النشاط السياسي من قبل مثل حركة غامبيلا، وأخرى ضعيفة، مثل أقلية الكومنت التي تعيش شمال إقليم أمهرة على الحدود السودانية، وتتهم الأمهرة بتهميشهم. ولكن قوة الحركات الأخرى عسكرياً وكثرة تعداد قومياتهم، خلق توازناً لهذا الضعف. وهو كما قال مدير مشروع القرن الأفريقي بمجموعة الأزمات الدولية، موريثي موتيغا، إنَّ “القضية الأساسية هي أن جميع الأطراف قررت أنه يمكنهم تسوية هذا الصراع عسكرياً”.

صحيفة السوداني