أحمد يوسف التاي يكتب: التطهير قبل تصحيح المسار
(1)
الثورة مازالت وستظل هي وسيلتنا إلى الغاية الكبرى… وسيلتنا لسلطة مدنية وبناء دولة ديمقراطية تصون الحقوق والواجبات وكرامة الإنسان والسيادة الوطنية، وتحقق العدالة والمساواة بين مواطنيها… وستبقى الثورة هي الخيار لبناء دولة القانون وبسط الحرية والسلام والعدالة، ولهذا لا بد أن تكون هذه الوسيلة نظيفة من الأدران والتشوهات، سليمة معافاة من الأمراض، محصنة من الاختراقات والشبهات و (الخبائث) ..
(2)
وتأسيساً على النقطة أعلاه يجب تطهير وتنظيف الوسيلة (الثورة) قبل تصحيح مسارها، إذ لا يمكن تصحيح المسار بالمتربصين والمتآمرين والشموليين وأرباب المصالح الذين لا تهمهم إلا أنفسهم، وأصحاب القامات القصيرة ودعاة الفوضى والتفسخ والانحلال والملحدين… فكل ثوري حريص على الثورة وتتوق نفسه لأن تبلغ ثورته غاياتها وأهدافها العظيمة، يتوجب عليه الحرص الأكيد على تطهير الثورة وتنظيفها من الشوائب والتشويهات، وذلك بإبعاد كل من يسيء إلى الثورة بأفعاله وأقواله وسلوكه، فهذا أولاً قبل تصحيح مسار الثورة، فدعاة الفوضى والتفسخ والانحلال و(المخنثين) و (الشواذ) لن يصححوا مساراً، والأجدر بهم أن يصححوا ما بأنفسهم أولاً، واللصوص المتربصون المتآمرون على الثورة وشعاراتها هم الأحوج لإصلاح أنفسهم المريضة، وأصحاب المصالح الحزبية والشخصية وأبطال حلبة المحاصصات الأولى لهم أن يتعالجوا من هذه الأمراض العائقة أولاً قبل الانبراء لمعالجة قضايا الثورة..
(3)
تسلل بعض الملحدين والشواذ من الجنسين إلى هذه الوسيلة الطاهرة، وقد حاولوا تدنيسها مرات، مما جعل كثيراً من الناس يزهدون في الثورة الظافرة ويرمونها بكل ما هو قبيح، وينسبون إليها ممارسات أولئك المتطفلين عليها، وكان الأجدر بهم أن ينظفوا صفوف ثورتهم ممن تسيء نسبتهم إليها، لأنها ثورة عظيمة اشتعلت ضد الطغيان والفساد والنفاق السياسي والقهر والاستبداد وتحرير الدين من الاستغلال السياسي، ولم تنفجر لمحاربة الدين الإسلامي ولا عقيدته، ولم تأتِ للتطاول عليه وعلى رسوله المعصوم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم… ولأنها ثورة وعي وقيم نبيلة، تتوشح برداء الحرية والسلمية والعدالة، لا ينبغي أن يقود خطامها الشموليون ممن لا يؤمنون بالديمقراطية والحرية والعدالة أصلاً، ولأنها الأعلى قامة لا يجدر بها أن يمسك بمقودها الأقزام من الذين قَصُرت قاماتهم عن بلوغ قامة الثورة المجيدة، ولأنها جاءت من أجل الجميع لا ينبغي أن تستفرد بها قلة من اللصوص أو مختطفون من الساسة والعسكر.
(4)
أعود وأقول إن تصحيح مسار الثورة يبدأ أولاً بتطهير صفوفها من المحتالين واللصوص والانتهازيين والمتصارعين على حلبة المحاصصات، والمتزلفين الذين سودوا الصفحات المدفوعة بأحرف الانقياد الأعمى ليصنعوا لنا ديكتاتورية جديدة وطغياناً جديداً واصطفافاً شمولياً آخر لتعطيل الانتقال إلى الديمقراطية.. وتصحيح المسار يبدأ أيضاً بوضع الحواجز الكبيرة بين الثورة والملحدين الذين أمعنوا في سب الدين الإسلامي ومحاربة شرائعه السمحة باسم الثورة والحرية، فكأنما هذه الثورة الغالية جاءت لإشاعة الرذيلة والحرب على العقيدة والقيم الإنسانية، فالثورة والله العظيم من هؤلاء براء.. فلا هم منها ولا هي منهم، إن هم إلا متسللين جاءوا لتلويث وسيلتنا الطاهرة إلى غايتنا النبيلة..
(5)
والحقيقة التي تبدو كالسراج المنير في عتمة الليل البهيم، هي أن الدكتور حمدوك وبما تحقق له من قبول محلي ودولي، يجب أن يتحرر أولاً من قبضة عسكر (25) أكتوبر ومن أبوية البرهان، وأن يتحرر أيضاً من أية حاضنة سياسية على إطلاقها، ومن تأثير تحالف (ق. ح. ت) القديم والجديد واللاحق والمتسلط والانتهازي، وأن يعمد إلى الشارع الحر الذي لا تكبله قيود تنظيمية، ويشكل حكومته بحيث لا تشوبها شائبة حزبية أو كدرة من بقايا النظام المخلوع.. فإن فعل فذلك أول الطريق للعبور إلى ساحة السباق الانتخابي، وإلا فإن كل السيناريوهات الأسوأ مفتوحة على آخرها.. اللهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة