احمد يوسف التاي يكتب: احترز أمامك صندوق انتخابات
(1)
واحدة من أبرز تجليات الأزمة السياسية في السودان كثرة الأحزاب السياسية على نحوٍ ينمُ عن فوضى و”سبهللية”، وكذا تناسل الحركات المسلحة على ذات النحو… فلماذا 200 حزب، ومثلها من الحركات؟؟!!.. إذا أمعنت النظر ستجد أن الكثير من الأحزاب والحركات عبارة عن لافتات فقط لا وجود لها على الأرض، وإذا أردت أن نستبين أمرها فاذكر لها (فزاعة) الانتخابات، فهي أشد الكيانات عداوةً لصناديق الاقتراع التي تُبيِّن حجمها الطبيعي وتخنق صوتها العالي وتُجردها من كل الثياب..
(2)
الطبيعي أن الهدف من تأسيس أي حزب سياسي هو الوصول إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع عبر عملية انتخابية حرة ونزيهة، ومن ثم تطبيق سياساته وبرامجه وخططه ورؤاه السياسية… فالحزب بهذا المفهوم وسيلة للحكم عبر الاقتراع، أما الحزب الذي ينشأ لأهداف ليس من بينها الوصول إلى السلطة عن طريق صناديق الانتخابات، فقطعاً هو وسيلة لابتزاز السلطة القائمة أيّاً كانت، وما يقال عن هذه الشاكلة من الأحزاب يقال عن حركات أسرية وعائلية هي مجرد لافتات شهدتها الساحة السودانية خلال العقدين الماضيين…
(3)
الصنف أعلاه من الحركات والأحزاب لا يتناسل ويتكاثر إلا في مناخ الشمولية والديكتاتورية لأنها تمثل البيئة الصالحة للابتزاز السياسي وقابلة للمساومة والبيع والشراء.. ففي هذا المناخ لا يكلف إنشاء حزب سياسي سوى لافتة من قماش (مترين × متر) وحفظ بعض المصطلحات السياسية من شاكلة (انسداد الأفق السياسي)، وعبارات التهديد المألوفة المستخدمة لابتزاز الشموليين والديكتاتوريين والفاسدين في أي سلطة.. والتلويح بهذه اللافتات أثناء المواكب والاعتصامات والتظاهرات السياسية.
(4)
هناك كثير من اللافتات الحزبية و”الحركية” تنشأ وتُستخدم كوسيلة للابتزاز السياسي وليس من بين أهدافها الدخول في أي نوع من الانتخابات لأن هذه المعركة لا تمتلك أسلحتها ولا عوامل النصر فيها ولا الظروف المواتية لها، لذلك لا تقوم ولا تنشأ من أجل السباق الانتخابي بل من أجل التفاوض “تحت التربيزة” بعد إبراز اللافتة والصوت العالي وإطلاق التهديدات لتخويف السلطة القائمة لتكسب ما لا يستطيع نيله حزب سياسي عريق في الساحة له جماهيره العريضة وثقله السياسي..
(5)
بعض هذه اللافتات “الحزبية والحركية” خلقت كثيراً من الارتباك وأثارت الكثير من الغبار والجلبة وتسعى بكل ما تملك لإطالة أمد فترة الانتقال، وتعتبر صناديق الاقتراع عدوها الأول لما تحويه من مضادات (الطفيليات)….. هذه “اللافتات الحزبية” أراها الآن تسعى لقيام تحالفات وإعداد مواثيق وإعلانات سياسية لاختطاف المشهد وعرقلة أي خطة للانتخابات، فلا بد أن يعي حراس الثورة الحقيقيون هذه المكائد والحيل ويعملوا على قطع الطريق أمام أية جهة تسعى لعرقلة الانتخابات وإطالة أمد الفترة الانتقالية….اللهم هذا قسمي فيما املك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة