مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي يكتب: (الدم الغالي) وين؟


(1)

سيخرج اليوم الأحد مئات الآلاف من الشباب والشابات لإحياء ذكرى ثورة ديسمبر العظيمة التي ظننا أنها طوت صفحة سوداء من عهد مظلم أباح تقتيل المظاهرين السلميين بعد أن كمم الأفواه لعقودٍ ثلاثة، لكن بكل أسف لم يكن ظننا في محله فقد تبيَّن لكل ذي بصيرة أنه وبعد ثلاثة أعوام من عمر الثورة أن صفحة قتل المتظاهرين السلميين لم تنطوِ بعد، إذ لا زال الدم (الغالي) يا حمدوك ينزف ويروي الأرض، فأين تعهداتك بمنع نزف الدم الغالي.

(2)

بعد انتهاء إقامته الجبرية تحدث السيد رئيس الوزراء كثيراً عن الدم السوداني الغالي، وبرر قبول عودته إلى السلطة رئيساً للوزراء بوقف الدم السوداني الغالي حتى لكأنه قال شعراً عن هذا الدم الغالي، وقد زعم أن الاتفاق السياسي الذي أنجزه مع السيد البرهان سيكون ضمانة لوقف نزف الدم، وبشّر بأن المتظاهرين لن يتعرض لهم أحدُ بالرصاص بعد اليوم، ورهن استمرار الاتفاق بحماية المتظاهرين السلميين من القتل والرصاص، لكن استمر نزف الدم واستمر الاتفاق أيضاً، وكان ذلك محك اختبار عصيب لاتفاق البرهان حمدوك، لكن للأسف سقطت فيه تعهدات حمدوك بحماية الثوار قبل سقوط ضحايا الرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع.

(3)

سيخرج مئات الآلاف اليوم في عدد من المدن السودانية إحياءً لذكرى الثورة، ومطالبةً بالسير في مدنية الدولة ووضع أسس الانتقال على نحو يؤكد مدنية الدولة، بينما تشير التوقعات إلى سقوط المزيد من الضحايا وسفك الدماء وعودة المغالطات حول “القاتل”، هل هو قناصة ؟ أم هو الشرطة أم الجيش ، أم كتائب الظل أم كتائب حنين أم الحركات، وهكذا تتدفق الشائعات والمغالطات وتصفية الحسابات…

(4)

الثوار سيخرجون إلى الشوارع لا محالة، وهذا حق مكفول وهم أصحاب حق، وأهل الباطل يترصدونهم بالقتل … والدولة لن تستحق لقب الدولة إن لم تحمهم من الرصاص الغادر، ولن تكون جديرة بالاحترام إن هي عجزت عن معرفة مصدر الرصاصة القاتلة التي تتسلل خلسة إلى الثوار الفاعلين في الميادين.. ولن تكون الدولة دولة إن هي عجزت كذلك عن محاكمة ومحاسبة القاتل المأجور..

(5)

ثم بقي أن نقول للشباب والشابات الثوار الشرفاء : حافظوا على سلميتكم ووعيكم وعِشقكم لبلادكم فإنكم مهما أوتيتم من قوة ومؤازرة فلن تحققوا أهداف الثورة ولن تنالوا غاياتكم إلا بهذه السلمية والوعي وحب الوطن ، ولا تسمحوا لأرباب الفتن والخراب أن يتسللوا بينكم يبغونكم الفتنة (وفيكم سماعون لهم)، لا تسمحوا لهم بسرقة سلاحكم الفاعل (السلمية)، وأحلامكم وطموحاتكم، لا تسمحوا لهم بإشانة سمعتكم واهتزاز صورتكم المثالية النضالية في أعين العامة وتصويركم كمخربين وطائشين، فهؤلاء هم العدو فاحذروهم، وستعرفونهم بلحن القول …..اللهم هذا قسمي فيما املك.

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة