الغالي شقيفات يكتب.. مستشفى بحري
للمرة الثانية خلال أسبوع، زرت مستشفى بحري مرافقاً، وقد كتبت ونشرت صور التردي البيئي وغياب الرقابة والإدارة، ولا تزال تلك المُلاحظات والإخفاقات التي رصدناها المرة الماضية قائمة وكأنّ شيئاً لم يحدث، المياه راكدة والخدمات متوقفة والنفايات موجودة، وهي مؤشرات لانهيار النظام الصحي بالبلاد, وحال المستشفى ليس ببعيد عن مستشفيات ولاية الخرطوم الأخرى، ولأن المسؤولين في بلادنا لا يتعالجون في المستشفيات العامة لا يعرفون حال عامة الناس، وأين وكيف يتعالجون!
فالمستشفى يفتقر لأدنى متطلبات قيام المرافق الصحية، وقد تحدثت مع عدد من الأطباء والسسترات والإداريين وهم يشكون من عدم توفر حتى القفازات والسكن المُريح.
ومن هنا، نناشد السلطات الصحية العليا، بمراقبة ومتابعة مديري المستشفيات والإداريين في المرافق الصحية لتطبيق المعايير الصحية والاشتراطات الصحية، وكيف لمستشفى كبيرة مثل مستشفى بحري تعجز عن توفير الكمامات والقفازات للأطباء والسكن اللائق بهم؟!
ومستشفى بحري رغم كبره واكتظاظه، إلا أنه يعاني نقصاً في الكوادر الطبية، ومن الواضح أن الصراعات السياسية أثّرت على النظام الصحي المُهترئ وغير القادر على تلبية احتياجات المرضى، والآن الرعاية الصحية من بين أشد الاحتجاجات الإنسانية إلحاحاً في الخرطوم.
وكنت في غرفة الغيار وفيها جراح تجميل واحد وغادر المستشفى، والتسجيل من السابعة صباحاً إن لم تحضر في الزحمة هذه، فعليك الحضور بعد يومين في نفس المنوال والبلاد بها الآلاف من الأطباء العطالى، فكان واجباً على الدولة توظيفهم وتأهيلهم للتخصص.
وواضح جداً هنالك نقص حاد في الأطباء والممرضين والفنيين، وقد صادفت طبيبة ذكرت أنها تعمل لساعات طويلة وظاهر عليها الضغط الذي تعاني منه وغيرها من الأطباء, في وقت مطالبين فيه بعلاج كثير من المرضى. ومستشفى بحري وغيرها من المستشفيات الحكومية أصبحت ملاذ البسطاء والطبقة الفقيرة وهي الشريحة الأكبر في المجتمع، وولاية الخرطوم بها تقريباً نصف سكان السودان، وقد كتبنا من قبل عن ضرورة تعيين وزير للصحة ليتحمّل المسؤولية عن الوضع الصحي المتردي والنقص الحاد في الكوادر الطبية والأدوية، خاصةً وأن فيروس كورونا ما زال منتشراً ومهدداً مباشراً للمرضى، وليس هنالك إلزامٌ للمرضى والزُّوّار والكوادر الطبية بارتداء الكمامات، وهو أبسط قرار يُمكن أن يتّخذه وكيل وزارة الصحة المُعيّن حديثاً، وكأنّه ضيفٌ الآن لا حس ولا أثر.
صحيفة الصيحة