هل هناك من يراهن على الجيش؟
مجدي إسحق
تحلقنا في دايرة من التوتر والمشاعر المنفلته مجموعة من مجروحي الوطن في الشتات نسبح للكريم الذي جعل من مصالح (الشريره) تتقاطع معنا فتصبح منبرا لقوى الثوره يحمل أخبارها ويوثق لها.
غرس صديقي نصله في قلبي وهو يتحدث عن إنحياز مجموعة من شرفاء الجيش للثوره ويحتضن تلفونه ويأتي مبشرا بمكالمة من الوطن تطمنه (بتسريبات) عن إجتماع في القياده لمجموعه من الضباط يحاصرون البرهان ويطالبونه بالإستقاله،
نظرت له بكل أسى وحسرة وسخرية لم يقرأ تفاصيلها وأنا أسأله… وثم ماذا بعذ ذلك؟؟
عندما لم يتبين ما يحمله تساؤلي من معاني وما يفتحه من دروب شائكه… جلست.. وتساءلت..
وهل سيقوم هؤلاء الشرفاء بالسيطره على الجيش وإعتقال الإنقلابيين والإسلاميين؟
وهل سيقومون بذلك تحت إسم مجلس قيادة الثوره العسكري الجديد؟؟
هل سيكون معهم(شرفاء) من الدعم السريع والحركات المسلحه والأمن ينحازون معهم في نفس الوقت؟؟
وإذا لم يوجد شرفاء من هذه المجموعات هل سيقهرونهم ويهزمونهم عسكريا؟؟
وبعد تنسيقهم مع هذه الفصائل أو بعد هزيمتها وسحقها هل سنبدأ معهم التفاوض لوثيقة دستورية جديده؟؟
وإذا رفضوا أن يعودوا للثكنات بعد هذه (التضحيات) هل سنقبل بالشراكه أم سيستمر النضال؟؟
لا نحتاج لكثير ذكاء لنعلم أن صديقي لم يكن يحمل من الإجابات ولا التصورات بما يدعم حجته أو يسند حلمه المتهاوي والمهزوز بقيام بعض الشرفاء لتقويم إعوجاج واقعنا السياسي المأزوم..فصمت.
إن قراءة المستقبل لا يمكن ان تتجاوز الواقع ومنطق التاريخ. إن الواقع يقول أن في لحظة التغيير يجب ان يكون للسلطة الجديد سند عسكري تفرض به هيبة الدولة والقانون. هذا السند سيتواجد نتاجا لأحد الإحتمالات الاربع
الأول
مايحلم به بعض الثوار بإحتمال (إنحياز) بعض الشرفاء من المؤسسه العسكريه لقوى الثورة ودعمها.
الإحتمال الثاني
ان تثوب المؤسسه العسكريه لرشدها وتأتي بكل فصائلها تجرجر أذيال العقل والحكمه متنازلة عن رغبتها في السلطه ومؤمنه بدورها في حماية الوطن والدستور
الإحتمال الثالث
ان تأتي قوات عسكريه من خارج الوطن لتحمي قوى الثوره وتسيطر على المؤسسة العسكريه.
الإحتمال الرابع
ان تسلح قوى الثوره نفسها وتكون جيشها الذي سيهزم المؤسسة العسكريه..
كل عاقل يعلم إن الإحتمالات الثلاث الأخيره هي أضغاث أحلام لن تحدث ولن تتحقق. حيث أن ثورتنا سلمية الهوى وحيث لا يؤمن شعبنا بالغزو الخارجي.. وفوق ذلك لا يتصور عاقل أن العسكر سيتنازلون عن أحلام السلطه وسيأتون لقوى الثوره مبايعيين من تلقاء انفسهم.
إذن الإحتمال الأول الذي يغرد به صديقي رغم ضعفه هو الوحيد الوارد الحدوث رغم ضآلة إحتماله. إحتمال محمل بالثقوب فهو يعتمد على الخيال والأماني وليس هناك ضمانا لحدوث ولا ترتيبا لتحققه. إحتمال يتناسى تركيبة العسكر وإنحيازهم لدولة الإنقاذ.. إحتمال يتغافل عن سايكولوجية العسكر ومفهوم التضحيات التى ترى انها ثمنا لأن يكونوا في السلطة مع عقلية مغلقه تؤمن بمسئوليتها الراشده في الاشراف والسيطرة على الشعب القاصر.
أمام هذا الإحتمالات هناك طريق آخر لا يعتمد على الأماني والتوقعات بل يعتمد على العمل الدؤب والطريق الطويل في تحقيق الهدف.
هذا الطريق هو تغيير تركيبة السلطة العسكريه من الداخل.
هو طريق القبول بللواقع والضغط لتغييره. هو طريق الدخول للسلطه القائمه وإستلام المجلس التشريعي.
ذلك بالإتفاق على مجلس تشريعي بغالبية من قوى الثوره يقوم بمهام ثلاث
اولا
مراقبة دمج الموسسه العسكريه تحت جسم قومي واحد
ثانيا.
البدء في الإبدال والإحلال للكوادر القياديه في المؤسسه العسكريه مع فتح الأبواب لشباب الثوره للدخول فيها.
ثالثا
تغيير التركيبه الفكريه والعقيدة التي تحكم المؤسسه العسكريه لتصبح حامي للدستور والوطن وليس للأنظمة والأفراد.
هو إحتمال خامس يزيد حيرتنا في دروب البحث. والتساؤل.
هذا التساؤل والإجابه علىه والإختيار لأي الإحتمالات ليس ترفا أكاديميا ولا حوارا بين الصفوه… بل سؤالا معقدا متشابك الأطراف.. ليس إجابة مثلى خالية من العنت والتنازل لكن لا مفر من مقارعته وتفكيكه لأنه أصبح ضرورة لا مفر منها والتي يجب ان نتفق عليها..وحتى نخطو سويا للأمام ولا ندور حول أنفسنا وننتظر الغمام… ليبني اليقين وليجيب على تساؤلاتنا الحيرى
نجحت المليونية ثم ماذا… ؟
ماهي الخطوة التاليه وكيف ستساهم في تحقيق رؤيتنا… هل هي مواصلة على الاحتجاج حتى يستسلم العسكر.. أم هو مواصلة الطرق حتى يصحى بعض الشرفاء منهم.. أم هو ضغط لنجد لقوى الثوره موطأ قدم في المجلس التشريعي ليبدوأ عملية التغيير من الداخل؟؟
تساؤل لن يجاوب عليه أحد… ذو مقدرات عاليه ولا سياسي مخضرم يظن انه يمتلك الحكمه ولا شريحة غاضبه تسيطر عليها الإنفعالات.. بل هو سؤال يحتاج للإجماع.. يحتاج ان تجلس قوى الثوره جميعها تستصحب تجاربها وخبراتها وتفتح ابواب التحاور بلا خوف ولا وجل ولا تخوين… حتى تتفق على صراط الثورة المستقيم.. وعليه نرسم خارطة طريق واضحة المعالم.. يعلم كل ثائر ماذا تعني المسيره… وماذا نريد تحقيقه… وماذا يليها من خطوات؟
فيا أحبتي
تعالوا لكلمة سواء نجلس نستولد من الحكمة مشروعا وهاديا يجيب على تساؤلاتنا ويضئ لنا الطريق.. فالطريق المظلم وغير معلوم النهايه يقود للإحباط والقلق..
والطريق المعلوم النهايات والمنحنيات يشحذ الهمم ويزرع الأمل مهما طالت مسافاته وكثرت فيه العفبات والعوائق.
فلنجلس نستنير بنور الوعي والمعرقه لنرسم طريق النصر ومنتصرون ولو طال الزمن.
صحيفة التحرير