رأي ومقالات

قبل استقالة “حمدوك”.. روشتة الخروج من نفق الانقلاب


ماذا سيفعل الدكتور “عبدالله حمدوك” .. هل سيستقيل فعلاً ؟! أم ينتظر أسبوعاً .. أو أسبوعين ، ريثما تنفرج الضائقة السياسة الراهنة الذي هو -نفسه- متشاركاً مع المكون العسكري بقيادة الفريق أول “البرهان” سبباً أساسياً فيها ؟!
كان بمقدور “حمدوك” أن يتخذ قرار حل الحكومة قبل صباح 25 أكتوبر ، دون حاجة إلى انقلاب عسكري، وقتها كانت الفرصة مواتية لاستمرار ذات الحاضنة السياسية في توجيه الحكومة الجديدة ، بتعديلات و مراجعات مطلوبة ومهمة لمنهج ومسار الحكم الانتقالي ، في ملفات السلطة التنفيذية، السياسية والعدلية.
في ما يتعلق بالعدالة ، فلا يختلف عاقلان راشدان على أن سلوك لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو الانتقامي والاستعراضي ، الذي أزهق العدالة في مواجهة عشرات السودانيين والأجانب، متجاوزاً قانون التفكيك ذاته، دعك من بقية القوانين، قد أسس لسلطة غابة ، لا تعرف تراتبية درجات التقاضي ولا تحترم حق المتهم في السماع والدفاع والاستئناف !!
اللجنة ألغت مرحلتي الاستئناف الواردة في قانون التفكيك ، وظلت تعبث بالقانون وتهين العدالة، وسط ترحيب بل وتصفيق رئيس الوزراء و رئيس وأعضاء مجلس السيادة العسكريين والمدنيين، ويُحمد للسيدة “رجاء نيكولا” أنها حاولت أن تتولى الدور الذي تخلى عنه الفريق “إبراهيم جابر” في رئاسة لجنة الاستئناف ، ولكن يبدو أنها ووجهت بضغط و تواطؤ من الجميع ، فتوقفت محاولاتها النبيلة في محطة الهزيمة !!
ولذا ، فإن ضرب قواعد العدالة بواسطة لجنة التفكيك ، كان أحد عوامل إضطراب وفشل الفترة الانتقالية فتم وصمها بـ(الانتقامية) وهو وصف دقيق وصحيح.
في الملف السياسي ، فإن استئثار أحزاب (المجلس المركزي) للحرية والتغيير ، بمهام الحاضنة السياسية دون بقية الأحزاب والتنظيمات و الحركات والقوى المدنية التي شاركت في الإطاحة بالنظام السابق، بما في ذلك الحزب الشيوعي السوداني و (تجمع المهنيين) حادي الثورة ، أحدث شرخاً كبيراً بين عناصر المكون المدني العريض ، فتضاءلت الحاضنة السياسية وتقزّم دورها ، فلم يعد رئيس الوزراء ينفذ برنامجها الاقتصادي ولا يأبه لنصائحها ، بل يمضي قُدماً في تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي رفضته قوى الحرية ولجنتها الاقتصادية مراراً وتكراراً.
والحقيقة أن الدكتور “حمدوك” ، كان يعمل بمشورة حاضنة (أولى) أجنبية (غربية) ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا وفرنسا ، وهي بمثابة الغرفة (الأعلى) في برلمان “حمدوك” الافتراضي، بينما الغرفة (الأدنى) وتقوم مقامها قوى الحرية و التغيير (المجلس المركزي) أوكل لها مهام ترشيح الوزراء والمديرين والولاة المكلفين ، أما السياسات العميقة المتعلقة بالاقتصاد والعلاقات الخارجية وإدارة مكتب رئيس الوزراء ومستشاريه فلا علاقة للغرفة (الأدنى) بها !!
كان لابد من معالجة هذا الاختلال في علاقة “حمدوك” بحاضنته (الوطنية) و توسيعها وتقويتها ، أيضاً دون حاجة إلى انقلاب عسكري.
لكن “حمدوك” أهدر الفرص، واحدة تلو الأخرى، وظل يلوذ بالصمت المريب ويختبىء في قصر “كافوري” البديع، في أشد لحظات التوتر والمواجهة بين حاضنته (الداخلية) وشركائه العسكريين ، وكأن الأمر لا يعنيه !!
كان بإمكان “حمدوك” أن يوقف التراشقات بين “البرهان” و”حميدتي” من جهة ، و “إبراهيم الشيخ” و”محمد الفكي” و”خالد عمر- سلك” من جهة أخرى ، وهي معركة ظلت (مكتومة) حول تسليم كرسي رئاسة السيادي للمدنيين.
“حمدوك” لم يكن مهتماً بهذه القضية ، ولا هي من أولوياته ، وكان و مازال قريباً من المكون العسكري ، لم يكن على علم بالانقلاب -حسب معلوماتي- لكنه كان متفقاً مع الجنرالات على حل الحكومة وتوسيع الحاضنة وتقليص نفوذ (المجلس المركزي) ، ولما طال تأخيره ، ولم يوف بوعده بحل الحكومة ، مع ارتفاع وتيرة التراشق الإعلامي بين إعلام “برهان” و الوزيرين ” إبراهيم الشيخ” و “خالد عمر” ، تقدمت ساعة الانقلاب ، فحدث ما حدث !!
الآن .. ماذا يفعل “حمدوك” وشارعه وحاضنته رافضان لاتفاقه الموقع مع “البرهان” في 21 نوفمبر ؟!
“حمدوك” حالياً مكشوف الظهر ، وحاضنته (الأجنبية) ليس في وسعها أن تفعل أكثر مما فعلت لتخفيف الضغط الدولي على الانقلاب؟!
أمريكا والاتحاد الأوروبي، كما تعودنا منهما ، يقفان دائماً مع الكاسب (المحلي) على الأرض ، الأمثلة كثيرة ، آخرها ما جرى في أفغانستان من تخلٍ عن حليفهم بل ربيبهم الرئيس “أشرف غني” الذي لولا هروبه إلى الإمارات، لربما كان في عداد القتلى، عند دخول (طالبان) العاصمة “كابل” ، وكذا ما حدث بالسودان في انتفاضة أبريل 1985م ، عندما خذل الغرب حليفه الأهم في الإقليم الرئيس “جعفر نميري” وأيّد الانقلاب عليه وساند الثورة !!
الأفق مسدود أمام “البرهان” و “حمدوك”.
بالمقابل ، فإن مسؤولية وطنية عظيمة تقع على القوى السياسية في تجاوز الصراع على العدم، والاتفاق سريعاً على تسمية رئيس وزراء مقبول بمستوى الحد الأدنى عند جميع المكونات المدنية ، ليشرع بأعجل ما تيسر في تشكيل حكومة تعبر بالبلاد إلى محطة الانتخابات التي يدخلها الجميع ، بما في ذلك (الإسلاميون) بأي كيان ومسمى يختارون، الحريات للكافة و الانتخابات للجميع .. ليصدر الشعب قراره عبر صناديق الانتخابات (الرئاسية) و(البرلمانية).
على قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي + الحزب الشيوعي + تجمع المهنيين + الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا) أن ترتفع لمقام الوطن وتجتمع في مكان واحد (يمكن للسيد إبراهيم الشيخ و هو مقبول من هذه القوى أن يدعو لهذا الاجتماع) للاتفاق على المرشح البديل لمنصب رئيس الوزراء في حالة تقديم “حمدوك” لاستقالته. فلا معنى لمليونيات وأنتم غير جاهزين لتقديم قائمة من ثلاثة أسماء لرئاسة الحكومة !!
أما الفريقان “البرهان” و”حميدتي” وبقية المكون العسكري في مجلس السيادة، فعليهم تغليب المصلحة الوطنية العليا، وحقن الدماء ، والاستعداد لتقديم أية تضحيات وتنازلات ممكنة ، بما في ذلك إخلاء المقاعد لغيرهم من رجال المؤسسة العسكرية.

حفظ الله بلادنا وشعبنا.

الهندي عز الدين
المجهر


‫3 تعليقات

  1. استقالة حمدوك الان خطوة متاخرة فهو صاحب اعلي نصيب من الفشل يحصده حاكم سوداني . مصيبته انه ازعن لامريكا ودفع لها من حر مال الشعب لفك الحصار واعفاء الديون ولم توفي له وطبع مع العدو الصهيوني للفلوس ولم ينل فلسا ونفذ برنامج الاتحاد الاوربي والعرب العلمانيين بحرب مفتوحة علي الاسلام ولم ينل غير اطراء هو في حقيقته ذم بتشبيهه باتاتورك القرن .
    نسق قبل حضوره للبعثة الدولية كي تغير له القوانين وتضع له برنامج انتخابات وتعيينات فاذا لجنة التمكين تنسف له حلم القوانين وقحت والشييوعيين واليسار يرفضون له الانتخابات.
    ماذا بقي لحمدوك كي ينتظره للنجاح.
    كل يوم يمر يزداد فشل الرجل .
    الحل في اختيار رئس وزراء ليخطط لانتخابات مبكرة يرفضها من يرفضها ويشارك من يشارك … والحكم للفايز

    1. حمدوك يشر يخطئ ويصيب ثانبا العسكر هم سبب بلاوى السودان كان يمكن لو حالفهم الذكاء ان يحموا الثوره ياخى اى ملف يمسكه حمدوك يختطفه العسكر قوة عين خلق مشاكل اثنيه وتلفيقها للمؤتمر اللاوطنى هذا المكر السئ والان برهان بعد ما برطع فعد يتلفت انا اتمنى من العلى القدير ان يصبح هذا السودان اسوا من سوريا عشان يعرفوا المستعربين ان اسوا ملل الارض نحن .اها حمدوك ساب ليكم الجمل بما حمل امريكا اذا كانت عايزه خير ما خلت اصحاب الهوس الدينى يرجعوا لان اشرف غنى كان فاسد زى البرهان وابو هديه ولا مريومه ماعارف. شعب فيهوا ناس فاهمه لايمكن ان يحكمه الفاقد التربوى لغة العسكر واحده ماتقول لى زبط وربط اين الانجازات ناس مويه ما لاقيه امن مافى عليك الله شوف دارفور مناوى وجبريل موت بالجمله باخى اتفاق سلام شنو وعبط شنوا من الاشياء المضحكه والمبكيه حمدتى يبقى رئيس اللجنه الاقتصاديه والله قمة السفه ياعالم اقروا عن الامم الصغيره ذات الامكانيات المتواضعه ماذا صنعت لشعبها تفو على سياسى السودان اللصوص

  2. السودان الان في مفترق طرق بعد ان اسلم امره تماما لحمدوك الذي وضع بيضه كله في سلة البعثة الاستعمارية والسفراء الغربيين وعملاء وجواسيس الداخل ولم يحصد الا مزيد من الفشل.
    الغرب ممثلا في العدو التقليدي القديم بريطانيا والعدو الدائم امريكا وبعض توابع اوربا النرويج وغيرهم ،
    تبني فكرة اخنقوا السودان ومكنوا للفاشلين ودعوا الفشل يكبر لينتج ازمة تعقبها حرب اهلية لا تبقي ولا تذر وقد بدا بالفعل تنفيذ الخطةبمساعدة بعض العرب وقد ظهر الضغط والتواطؤ بوضوح في بيان الرباعية الذي فاجا الجميع بدعوة السودان للديمقراطية وتناسي ما سواها ..كما ان مجموعات اصدقاء السودان واعداؤه الدائمين لا يفوتون فرصة الحديث عن كل كبيرة وصغيرة بصورة مشوهة وتلفيق مكشوف وحتي اختلاق احداث كان واضحا بصورة مدهشة للجميع. .فعليا
    تم تجنيد اعلام العلمانيين الخليجيين بالكامل ليعكس اوضاع غير حقيقية علي الارض باجتهاد مدعوم من حكوماتهم بحجة حرب الإسلاميين وفي حقيقتها حرب علي الشعب السوداني كي لا ينهض.
    التعويل كان علي عقلاء الاحزاب وبكل اسف اظهروا انانية ولا مبالاة وتفكير في المناصب ومصالح احزابهم ولم ينل البلد ولا الشعب منهم الا مزيد من الجهل والسفاهة السياسية مع انحناء لعمالة حمدوك وبرنامجه العلماني المدمر …
    السكوت ومماهة جماعة قحت في اهانة الجيش وترك العمل السياسي ورفض البعض الانتخابات والسخرية منها مؤشر خطير علي البعد عن طريق السلامة لطريق اللعب بالنار ولابد لعقلاء الاحزاب من الخروج من مواقف الصمت والجبن واعتبار الصمت علي حديث سلك باهانة الجيش ورفض الانتخابات لابد من اعتباره جريمة في حق الوطن والمواطن ولو لم ناخذ بايدي امثال سلك لا نلومه بل اللوم يشمل قحت والجيش وقائده وحمدوك كشخص وطاقمه وحتي الشعب لا مجال للهروب من تحمل المسؤلية حال وقوع ما لا يحمد عقباه.
    الحل بابعاد حمدوك وطرد هؤلاء السفراء واختيار شخص وطني لايميل لخطط الغرب وينفتح علي جميع افراد وأحزاب الشعب ليكون برنامجه مصالحة وطنية لا تستثني احد ويعقبها انتخابات بمشاركة الجميع.
    الاقتصاد لابد من العمل علي مراجعة لجنة التمكين وارجاع ما صادرته مع تفعيل القوانين التي تحمي حق الناس من المصادرة الا بعد استيفاء كافة الاحكام القضائية كما يحدث في كل العالم وتوجيه كل الطاقات الزراعة والبترول والصناعة التحويلية ومحاربة التهريب.
    شباب الثورة لابد ان يراجعوا شعار لا تفاوض ولا مشاركة ولا شرعية فالتفاوض والمشاركة من اسس الديمقراطية والمدنية وابسط مقوماتها يا شباب اما الشرعية فهي لمن ينتخبه الشعب وهو ما تتحصلوا عليه فلا توجد مطالب دون انتخابات انما برامج الفيصل فيها للشعب من خلال الاعداد للانتخابات القادمة.
    لجان المقاومة والسير وراء اليسار دمر فكرة لجان تخدم مواطنين وجعلها صورة مصغرة من صراع الاحزاب.
    قحت لابد من الرجوع للقواعد ومواجهة الحقيقة والوقوف امام الشعب كل ببرنامجه او ابتعدا حتي تنتهي الفترة الانتقالية ومن اراد رفض الانتخابات فليجلس ليتفرج وسيتجاوزه الشعب لا محالة.
    طلاب الجامعات والاساتذة عليهم توعية الناس والتهدئة وترك المهاترات والسجال المتواصل ولابد لكم كطليعة ان تجبروا احزابكم وقادتها للسير في طريق المصالحات واجتماع الناس علي برنامج الحد الادني.
    مقال موجه للمسئولين ولاصحاب الراي والفاعلين و للعقلاء وكل من اراد ان يتحرك فليتحرك الان وليترك الماضي وراؤه فالمستقبل يهم جميع الشعب السوداني