مقالات متنوعة

محمد المبروك يكتب.. تَباً للمترجم


* استلفت كتاب مايلز كوبلاند “لعبة الأمم” من الصديق أرسطو، ولم أعده له كعادة ارسطو.. هذه إحدى عادات الناس الذميمة هذه الأيام، أن يسلفوك كتاباً ثم ينتظرون منك إعادته .. لا أعيدُ كتاباً استلفته .. وقيل، في هذا السياق: أحمقان من يُسلِف كتاباً ومن يعيده. وأنا لا أريدُ أن أدمغ بأنني أحمق.
* المهم أنّ أرسطو هو لقب زميلنا في الجامعة درس الاقتصاد، ولا أدري لماذا رضي بهذا اللقب؟ فالعلاقة بين الاقتصاد والفلسفة بعيدة شيئاً ما، سلفني الكتاب وحملته سعيداً ليرافقني في عطلة نهاية العام. أما مايلز كوبلاند فهو ضابط سابق في وكالة المخابرات الأمريكية CIA وبعد تقاعده تفرغ لتدوين الأوهام التي لا تنطلي على أحد وربما كان يشبه من شخصيات هذا الزمان المستر كاميرون هدسون الذي تقاعد من الCIA وتفرغ للكتابة والتغريد في (تويتر) عن تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وأفريقيا.
* كتاب “لعبة الأمم” من الكتب الشهيرة التي شغفت بها أجيال الستينات والسبعينات وفيه يجادل مايلز كوبلاند بأن أغلب قادة العالم الثالث هم أبناء طبيعيين لمختبرات المخابرات الغربية – عملاء يعني – وهذا زعم كبير لم أشتريه.
* تباً لمترجم كتاب مايلز كوبلاند للغة العربية، كان يتدخل بين سطور الكتاب، وقد نصب نفسه وصياً على القارئ يعلق على كل فقرة بحيث لا تعرف ما قاله الكاتب الأصلي وما قاله المترجم. تباً للمترجم، كان يتدخل في كل شيء في طيات الكتاب لا يترك براحآ للمؤلف الأصلي . راح يأخذ من الكتاب فقرة ويسهب فيها بقلمه الحانق على جمال عبدالناصر الزعيم المصري الراحل، حيث يزعم أن عبدالناصر عميل لل CIA دون دليل دامغ على الأقل حتى الآن، في الواقع بدا لي ان المترجم – الإسلامي التوجه – أخذ كتاب مايلز كغنيمة حرب و’دخل بها “.
* وصلت لمنتصف الكتاب بعد جهد جهيد وضجر لا حدود له، ولا أعرف بالضبط ما قاله كوبلاند وما حشا به المترجم الكتاب من خزعبلات. على أي حال، سأكمل الكتاب مع نهاية العام ثم أوقد به ناراً في هذا الشتاء القارص، وليشرب ارسطو من بحر مقرن النيلين.. إن لم يعجبه هذا.

صحيفة اليوم التالي