هاجر سليمان تكتب.. بين العسكر والمدنيين و (توم آند جيري)
بدأت حلقات مسلسل (توم وجيري) بين العسكر والثوار منذ الأربعاء الماضي، حينما اكملت اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع استعداداتها واقفلت الكبارى بالحاويات ونشرت العسكر وضربت الاطواق الامنية وانتظرت قدوم الثوار لقمعهم، الا انهم على نحو مفاجئ وقبل انطلاق المليونية بلحظات أعلنوا تراجعهم عن المليونية وتأجيلها لليوم التالى امس الخميس، محبطين بذلك القوات التى استعدت لهم، فى خطوة تكتيكية عجيبة جعلتنى افكر واقول فى نفسي ان البلد دخلها (….) الرجل صاحب التكتيكات والكر والفر والافكار القوية فى كيفية اضعاف القوة واحباطها معنوياً ونفسياً.
وفى صبيحة أمس الخميس انقلب الوضع، وفاجأ العسكر الشعب وعملوا (أضان الحامل طرشاء)، وعملوا رايحين وخلوا الناس كلها دخلت الخرطوم عادى وبارتياح، ولكنهم فاجأوا الثوار قبيل لحظات ودقائق معدودة، حينما نشروا الجيش وحملوا حاويتهم سريعاً وسارعوا بقفل المنافذ والطرق، ودوروا فى الجماعة بمبان وسخنوا الشغلة، وكان لسان حال العسكر يقول للثوار نحن برضو بنعرف (التكتيك) فى الوقت المناسب وهذه بتلك!!
ومن الصعب التنبؤ بتصرفات الثوار وكذلك من الصعب التنبؤ بتصرفات العسكر، ولكن كلما كان الثوار أذكياء وطوروا خططهم وآلياتهم فإن العسكر أدهياء وقادرون على وضع خطط سريعة وماكرة وحيلهم لا تنتهى، ولكن أقوى المواقف التى قد تهزم العسكر استمرار التظاهرات بقوة ولفترات طويلة ولأكثر من مرة فى الاسبوع، ولكن شريطة ان تكون سلمية مثلما كانت التظاهرات التى اسقطت نظام البشير، والتى التزم فيها الثوار بالسلمية ومنعوا اى متفلت من الاندساس وسطهم، وكانوا يقاومون بدون استخدام اية آلات حادة ولا اسلحة ولا حتى بمبان ولا ملتوف.
دعونا نقر ونعترف بأن تظاهراتنا هذه الفترة تخللتها عناصر متفلتة ربما مدعومة من بعض الجهات التى تسعى لتفكيك الوطن وخلق هوة واسعة يصعب سدها بين العسكر والمدنيين، وفي هذه الفترة اصبحت البلاد اكثر انحلالاً وانفلاتاً أمنياً، ليس لأن هنالك توأمة بين العسكر وعصابات النيقروز كما يزعم بعض الجهلاء والأميون، وطبعاً الامية التى نقصد ليست أمية الكتابة وفك الخط، ولكنها أمية الفهم ورجعية الافكار والجهل بما حولنا من مشاهد، فما يحدث الآن من تفلت سببه الرئيس انصراف الشرطة وانحرافها عن دورها فى بسط الامن والاستقرار بالمدن والعواصم والعمل الجنائي والمنعى والكشفى، الى تغطية التظاهرات ومتابعة المسيرات وتوقيف الثوار وفض التظاهرات، فعلى الرغم من ان تأمين المدن ومنع التجمعات غير المشروعة هو من صميم عمل الشرطة، الا ان تكريس العملية الامنية وتوجيهها نحو التظاهرات فقط واهمال الجانب الجنائي، كان له دور كبير فى خلق الخلل الامنى بالبلاد.
الشرطة جهاز منوط به تأمين المواطن وتقديم الخدمة له، ولكن للأسف اصبحت الدولة تستغل الشرطة فى عمليات تثبيت الحكومات وقمع التجمعات، وهذا يتنافى مع وظيفتها الدستورية والاساسية.
الاحد نواصل.
ان شاء الله
صحيفة السوداني