رأي ومقالات

فضل الله رابح يكتب: غندور وآخرين في (غوانتانامو) الخرطوم !!


عصر الخميس 13 يناير 2022م إستمعت لروايات حزينة ومبكية عن حال وواقع المعتقلين السياسيين البروفيسور ـ إبراهيم غندور وأنس عمر وكمال إبراهيم وجمعة عريس وآخرين الذين لا يعرف لهم مصير ولا موعد محاكمة حتي الآن .. قصص وروايات سردها في مؤتمر صحفي بالخرطوم ممثل هيئة الدفاع الدكتور ـ عبدالله درف وأسر المعتقلين .. كانت روايات مبكية علي صعيد سمعة دولة الحرية والسلام والعدالة التي تنشد رفع الظلم عن الناس وحزينة علي صعيد سمعة وأخلاقيات المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية التي صمتت عن هذه الجريمة العدلية والإنسانية طيلة الفترة الماضية بينما كانت في وقت سابق هذه المنظمات وسفارات العالم الأول بالخرطوم قد ملأت الدنيا ضجيجا وشغلت الإعلام لمجرد أن السلطات وقتها قد نبهت صحفية لطريقة لبسها المستفز لمشاعر المجتمع المحافظ الذي تقيم وسطه وتعيش فيه وهي قصة مشهورة عرفت فيما بعد بإسم ساخر ( قضية سروال لبني) وليس مدعاة عجب أن سفير فرنسا منح الصحفية جواز بلاده وزارها في مقرها لمنحها مزيد من ثقة العالم في موقفها وقضيتها العادلة .. هؤلاء جميعا صمتوا اليوم عن كارثة إنسانية فاضحة إذ يتم التجديد بالحبس لـ ـ أكثر من (28) مرة بغرض إستبقاء أشخاص داخل السجون دون تقديمهم لمحاكمات ودون مراعاة لظروف أسرهم ومن يعولون الصحية والنفسية والمعيشية .. الأمر المحير أكثر ليس صمت المنظمات الدولية التي تعمل بإزدواجية المعايير ولكن المدهش حقا صمت مجتمعنا السوداني الذي بات يعيش حالة إزدواجية غريبة فهو تجده أحيانا يريد زعيما ويصفق لمواقفه النبيلة ويمتدح مواصفاته القيادية لكن ذات الشعب تأكد بالتجربة أنه لايملك في نفسيته نزعة التقدير اللازمة للزعماء والقيادات وراجعوا التاريخ الوطني ستجدون العجب .. كما أن جميعنا لاحظ محبة الشعب السوداني وتقديره لقدرات غندور وكيف تعاطف معه عندما جهر بصوته داخل البرلمان وهو يشكو لنواب الشعب الحالة الإقتصادية السيئة التي وصلت إليها الدبلوماسية السودانية وكيف أنهم مضطرين يغلقون بعض السفارات رغم حوجة البلاد لمزيد من ترشيد الصرف قالها في وجود الرئيس عمر البشير وقتها لكن ذات الذين إتخذونه إيقونة النضال الداخلي وصاحب الضمير الصاحي ذاتهم اليوم قد شاحوا بوجههم عنه وهو يواجه بتهم جزافية ملفقة ولم ينطقوا بكلمة حق مناصرة له .. إنني أدرك قيمة الإنتقاد لأي إنسان مهما كان فاضلا لكن حالة كثير من النقاد الذين خرجوا من وسط الشعب السوداني وإنتهازي السياسة الذين أنجبتهم ثورة ديمسبر الذين يبحثون اليوم عن عيوب غندور وإخوانه ويزلقون كل تجربتهم بألسنتة حداد فهذه الحالة لم أجد لها مقياس دقيق في الأخلاق لتقييمها وأصدقكم القول فمثل هؤلاء لو عاش مع الأنبياء المعصومين لوجد فيهم كثيرا من الهنات والمعائب .. غندور وإخوته كما قال المحامي ـ درف قد عجزوا عن الوصول للعدالة عن طريق القانون واليوم جربوا البحث عن العدالة عن طريق إمعائهم مستخدمين سلاح الإضراب عن الطعام لعله ينفع وبغروب شمس هذا اليوم يكونوا قد دخلوا يومهم الثالث وهم صيام عن الطعام في سجن الهدي حيث لا مستشفي ولا مركز صحي ولا وسيلة نقل قريبة حتي إذا حدث لأحدهم أي مضاعفات صحية بسبب الصيام لن يجد من يسعفه ومعروف أن المسافة ما بين زنازينهم والبوابة الرئيسية للسجن تساوي مسافة كيلو ونصف يقطعونها راجلين ولا توجد عربة ترحيل .. هؤلاء جميعهم في سجن الهدي بأمدرمان ما عدا غندور وأنس عمر في كوبر ومن المعلوم عندي بالضرورة أن غندور وإخوانه يؤمنون بأنهم يعيشون لقيمهم ولمبادئهم والعدالة واحدة منها ومستعدون للموت في سبيل مبادئهم لكي يعرف الناس قدرهم وثباتهم علي الحق ومع كل ذلك يؤمنون بأنهم ما داموا أحياء في الدنيا فإن الناس لابد أن يلاحقونهم باحثين عن عيوبهم فهم ليسوا معصومين كالأنبياء لديهم نواقص مثلهم وكل الناس لكن مقاييسهم الأخلاقية عالية ويجتهدون علي تطبيقها علي أنفسهم قبل الآخرين .. ومن المفارقات التي ذكرتها وفاء غندور كريمة ابراهيم غندور وأمن عليها طارق محمد نور الأستاذ بجامعة الخرطوم وشقيق المعتقل خالد محمد نور أن الحكومة التي تعتقل ذويهم وطيلة هذه المدة الطويلة لم توجه لهم تهم ولم تقدمهم الي تحري ولا للمحاكم فقط تجدد لهم أوامر الحبس والإنتظار لكن هذه المرة القضاة رفضوا التجديد للمعتقلين والشرطةوالنيابة كذلك وعندما إستشعر الذين يقفون خلف المؤامرة الحرج بالأمس النيابة وجهة لهم تهم و بدأوا معهم التحريات ليأتوا بالحجج والأعذار الواهية لتبرير الحبس المتطاول وبلا مسوغات قانونية إستجابة لما سمعوه من المقاييس الوعظية من مستشاريهم السياسيين ودعاة التشفي والإنتقام والمحاكمة بعيدا عن العدالة .. المحامي ـ درف قال أن القاضي الذي كان يجدد للمعتقلين خالف المنشور الصادر عن رئيس القضاء وخالف كل المواثيق والمعاهدات الدولية بل خالف الميثاق الدولي للحقوق المدنية وميثاق الإتحاد الإفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب مشيرا بأن كل التجديدات التي تمت بما فيها التجديد الاخير لا علاقة لها بالقانون .. وطالبت أسر المعتقلين والمحامون بسيادة حكم القانون وناشدوا المنظومة العدلية بتحقيق العدالة وعدم التعسف في إستخدام القانون وناشدوا الجهات السياسية العليا بعدم التدخل في القضاء والتأثير علي سير العدالة حتي لا يضطر الناس ويلجأون إلي طرق أخري لتحقيق العدالة كما حملت أسر المعتقلين رئيس مجلس السيادة والنائب العام تبعات ومسئولية كل مكروه يحدث للمعتقلين وجددوا في نفس الوقت ثقتهم في القضاء السوداني وعدالته وبعثوا نداء إستغاثة لضمير المشتغلين في المؤسسات العدلية والمنظمات الدولية بالموقوف معهم في قضيتهم العادلة .. إن الذي يحدث جزء يسير من تبعات ثورة ديمسبر والظواهر النفسية لدي البعض من الذين يدعون التعاطف معها ويتبنون شعاراتها الجوفاء .. ثورة تركت الشعب كله يركض كمن يركض وراء السراب .. تركته شعب يركض وراء كل شئ .. المعاش .. العدالة .. إستقرار الحكم .. فقط ركوض وبلا جدوي .. أما نفاق النخبة السياسية فحدث ولا حرج .. ثورة شتت مجهود الشباب وعبأت طاقاتهم للكراهية وسلاطة اللسان .. شباب منكر لكل شئ ولا يكره الخطر عليه وعلي وطنه .. إنتهازية جعلت هؤلاء رغم كرههم للإحزاب إلا أنهم من حيث لا يعلمون باتوا عضوية إفتراضية لليسار بمقدوره يقدم في سبيل الثورة المصنوعة والمسروقة روحه ودمه وأمواله دون ان تترك له فرصة للبحث عن جواب سؤال النتيجة النهائية وفوائد ومصلحة الذي يدفع ويجعل الشعب يحطم كل شئ حتي العدالة وقيمتها .. صدقوني الصداقة التي ينالها الإنسان بالشراء .. لا تبقي .. وقد تنقلب عليه في لحظة .. أخيرا الحرية لكل المعتقلين ظلما وتجبرا وطغيانا في سجون غوانتنامو الخرطـــــــوم


تعليق واحد

  1. من كان يؤيد ويوالي نظام الكيزان الإستبدادي الإجرامي الذي اعتقل معارضيه وعذبهم وقتلهم … يحدثك الآن بكل استهبال وبراءة مصطنعة وهو يظهر الحزن ويتباكى على حال المعتقلين السياسيين الأبرياء المظلومين وعلى العدالة التي ضاعت في السودان بعد ثورة الشعب على نظام الكيزان وإطاحته .
    …..

    هل استنكر كاتب المقال التعامل الوحشي الإجرامي لنظام الكيزان البائد مع معارضيه؟
    هل ذرف الدمع حزنا وهو صاحب القلب الرقيق والمشاعر الجياشة على الضباط الثمانية والعشرين الذين أعدمهم الكيزان في أواخر رمضان والعيد على الأبواب ودفنوهم بحفرة بالعراء ؟ لا لشيء سوى انهم حاولوا القيام بذات الفعل الذي قام به الكيزان وهو الإنقلاب العسكري !؟
    وهذه جريمة واحدة فقط من جرائم الكيزان اذكرها على سبيل المثال .