رأي ومقالات

عودة الاستعمار فى السودان


الصراع الدائر في السودان اصبح الان صراع بقاء للدولة السودانية الحرة المستقلة التي ينشدها السودانيون. الوجود المستقل صاحب السيادة مهدد بالاطماع الخارجية خاصة الاقليمية التي تقتات من الصراعات الاقليمية الحقيقية و المفتعلة من اجل تحقيق عدم الاستقرار الداخلي او الحرب الاهلية حتي يسهل للخارج تمرير اجندته التي يتولي في اغلب الاحيان تنفيذها طاقم من ابناء و بنات الوطن كممثلين للمصالح الخارجية ضد بلادهم نتيجة غياب الوعي و النرجسية و حب الذات الذى يفوق الولاء الوطني او بسبب الجهل و عدم المعرفة. و امثال كرزاى و الجلبي و حفتر يوجد في كل دولة و السودان ليس استثناءاً من عدم المعرفة و النرجسية و حب الذات و يوجد من الثراء و الثروة الموارد الطبيعية المعلومة و المجربة عبر التاريخ و التي يعلمها الخارج و لا يراها الداخل. سوء الادارة و عدم الاستقرار السياسي و الصراعات الداخلية غير المواكبة للواقع ووضعوا في عيني الداخل غشاوة لا يري خلالها الا الفقر المدقع و المسغبة الاجتماعية و ضيق الحال.
رغم الواقع الاقتصادي المتردي و الفقر المستدام علي مستوي الشعب و تردي و ربما انعدام الخدمات الصحية و التعليمية و التي هي نذير مستقبل اكثر بؤساً من الحاضر المعاش، رغم هذا الواقع الداخلي فان الثروة و الرجال الاشاوس المقاتلين جيشاً و مليشيات يحاربون حرب الخارج لصالح الخارج حيث لا ناقة و لا جمل كما هو معلوم في حرب اهل اليمن الذين تقاسمنا معهم رغيف الخبز و معلم المدرسة في اباء و شمم و محبة. هذا الوضع المتردي داخلياً و المسغبة الوطنية التي يعيشها البلد هي عبارة عن ساتر يحمي مصالح دول الجوار و الاقليم الناهبة لمعادن الذهب و الثروة الحيوانية و المحاصيل الزراعية المشتراة بالعملة السودانية المزورة ليعاد تصديرها من دولة الجوار (المحتلة) و يعاد عائد الصادر بالعملة الصعبة لدولة الجوار و يعيش السودان مواصلاً مسلسل المسغبة الرابح لدول الجوار المستعمرين الجدد شرقاً و شمالاً.
اذا كان الاستعمار هو استغلال دولة لموارد دولة اخري بدون استفادة دولة المصدر و خصماً علي رصيدها من الثروة. اذا كان الاستعمار هو استغلال الرجال في حروب الغير مثل ما حدث في الحرب العالمية و استعمال ابناء المستعمرات في خروب بريطانيا و فرنسا والمانيا لحماية المستعمر فاليوم الرجال السودانيون يحاربون حرب الامارات السعودية ضد اليمن بذات الفهم الاستعماري القديم الحديث. و كما قاد الرجال و الذهب محمد علي باشا لغزو السودان ها هو التاريخ يعيد نفسه فهذا محمد ابن زايد يحذو طريق الباشا محمد علي فيحارب حربه بالرجال من السودان و ياتيه الذهب كاملاً غير منقوص و محروس بحكومة الانتداب التي تدين بالولاء للامارات حتي اوائل الشهادة السودانية يصدروا كمواد خام مستقبلية الي جامعات الامارات. بعد ان ضمنت الامارات السيطرة علي الذهب و بعد ان اصبح الجندي السوداني تحت امرة الامارات يخوض حربها في اليمن، اصبح التفكير في المستقبل و خلق طبقة من المتعلمين و المدجنين لخدمة الامارات في المستقبل (يسرقون حتي النوابغ من طلاب المستقبل) .
ما زالت شركة مواني دبي تنتظر الفرصة المتوالية لاحتلال مواني السودان في البحر الاحمر و لولا (حمرة عين ) عمال الميناء و جسارتهم الوطنية ايام الحكومة السابقة لكان الميناء تحت سيطرة الامارات و شركتها الفلبينية.
قامت الثورة من اجل الاصلاح اما ملف الامارات و السعودية فصار مقدساً مثل بقرة الهندوس لا تمس بسوء بل تتمدد و تجتمع القيادات السياسية داخل السفارات الاجنبية سعودية و اماراتية و يخرجوا بالتصريحات الصحفية من داخل تلك السفارات هل هو الغباء و الجهل ام العمالة التي لا تعرف الحجاب ولا السترة. تتدخل السفارة السعودية حتي في القضايا المحلية مثل قضية شرق السودان و تدخل السفير السعودي الغير مبرر فيها و كانه شيخ القبيلة و يشكر من القيادات السياسية علي سعيه الميمون و مدده.
الصراع الدائر الان في السودان ليس صراعاً داخلياً بين الثورة و النظام السابق و دولته العميقة و كتائب ظله و لجنته الامنية. فان كان للنظام قوي بهذا المستوي لما ترنح امام الثورة و لم يجد من يدافع عنه. ما يجري الان هو غطاء لستر حركة المطامع الخارجية و سلامة وصولها رجالاً و ذهباً و قطناً الي دول الاقليم المستعمرين الجدد.
صرح الرئيس المصري السيسي في عام ٢٠١٩ بان هنالك دول تحاول ان تضع المليشيات في مكان الجيش الوطني السوداني و يقصد بذلك دولة الامارات (رغم حلفهم معه) و مليشيات الدعم السريع التي تتغذي بحبل سري مرني و مسموع من دولة الامارات قبلة قيادات الغفلة حتي صار حجهم ابوظبي و عمرتهم دبي. قيادات الحركات المسلحة كانت وجهتها ابوظبي قبل الخرطوم.
نجحت خطة عزل الجيش السوداني عن المشاعر السودانية و لم يعد للجيش دور مامول عند الثوار. الجيش المدافع عن الارواح اصبح الان في نظر الشارع الثائر هو العدو الاول و القاتل للثوار . الشارع السوداني الان لا يفرق بين البرهان و الجيش الا القليل من اصحاب الحجي و العقل. الاعلام الخارجي خاصة (الحدث و العربية و الجزيرة) وظفت من قبل الدول المالكة لها ( الامارات في حالة الحدث و العربية) لتدير المعركة اعلامياً في السودان و نجحت هذه القنوات في تاجيج الصراع بين الاطراف السودانية خاصةً المدنين و العساكر و بين المدنيين و بعضهم البعض.
الجيش السوداني الذي يضعف كل يوم اصبح العدو اللدود للثورة في ذات الوقت يقوي دور الدعم السريع و يزاد قوةً لوجستية من الدعم غير المحدود المتوفر له من دول الاقليم التي تستخدمهم في حروبها و تعمل علي جعلهم قوة دفاع لمصالحها في السودان بعد القضاء علي الجيش القومي السوداني كما هو مخطط و ينفذ الان.
علينا ان نعي ان الصراع الدائر في السودان له اهداف و محركات خارجية ذات اطماع في السودان و موارده بشرية و اقتصادية.
علينا ان نعي ان الاستعمار لم ينتهي في العالم و لن ينتهي بل ياخذ اشكالاً مواكبة للزمن فما عاد المندوب السامي و العمومي بريطانيان فامثال كرزاي و احمد الجلبي و السيسي يقوم بالدور خير قيام بدون تدخل مباشر من دول الشر. فقرقاش لا يحتاج لاكثر من زيارة واحدة للخرطوم في السنة للاطمئنان علي سير العمل و يقوم عملاؤهم في الداخل بالتنفيذ.
الصراع الان صراع بقاء دولة السودان او ما تبقي منها و ليس صراع علي الحكم بين السودانين.
يجب ان نعي ان السودان الان كله مستهدف من دول الاقليم خاصةً التي تري ان عدم الاستقرار السياسي و حالة الفوضي الداخلية هي صمام الامان لتنفيذ المصالح غير المشروعة للخارج فيبقي المستفيد الاول من مما يحدث في السودان هم اعداء السودان المدني و السودان العسكري هم ينشدون اخضاع السودان الشيوعي و السودان الاسلامي و السودان الناصري و السودان الاتحادي و الانصاري.
الجيش يضعف كل يوم و الشقة تزداد بين الجيش و الشعب كانما الجيش هو جيش الدفاع الصهيوني و الشعب هو الشعب الفلسطيني و السودان مخيم الشيخ جراح او مخيم شتيلا. افسح الموقف المعادي للجيش المجال لتقوية قوات الدعم السريع التي يعتبر قائدها الرجل الثاني في الدولة اي الخليفة في حالة غياب البرهان و هنا نقول كسبت خطة الامارات و السعودية الرهان علي تدمير الجيش السوداني حتي يكون الطريق معبدً لتحقيق مصالحهم في السودان و سالك حاضراً و مستقبلاً. بالتاكيد الان قوات الدعمً السريع اكثر عدةً و عتاداً و تمويلاً من الجيش السوداني الوطني المعزول من شعبه.
يجب ان نعي ان بين الفاس و الراس شعرة اذا قطعت فلا تنفع ساعة مندم و قبل ذلك علينا ان نجتمع علي كلمة سواء لدرء المخاطر الجسيمة التي تتهدد بقاء السودان ثروةً و مواني و جيش و سيادةً مدنية او عسكرية. فالدعم السريع هو مشروع خلاص من الجيش السوداني حتي يصير الامر بيد الامارات و تحت سيطرة مندوبها النائب الاول كما مخطط له و ينفذ الان بنجاح.
قومو الي حركتكم الوطنية او تجمعكم الوطني او جبهتكم الوطنية قبل فوات الاوان و قبل ان تقع الفاس علي الراس لنجد ان الحكم الثنائ تطور الي حكم ثلاثي و رباعي اقليمي دولي حديث فالامارات و السعودية و مصر هم الان مخلب القط الامبريالي.

* الامين الصديق الهندى


تعليق واحد

  1. اصدق مقال يعبر عن حال البلد … ولا نامت اعين الجبناء ابناء الامام وبناته وحزبه الجبان الساير في درب اليسار العميل..لا نامت اعين الاتحادي المتواطي بالصمت.. لا نامت اعين الشعب …لا نامت اعين البرهان الذي يتفرج ولا يحرك ساكنا… اغرب ما في المشهد هو عدم طرد قنوات العربية والحدث ولتصخيح الكانب فناة العربية خكومية سعودية بوجهة لبنانية درزية وادارة علمانية متطرفة في حرب مفتوحة مع الاسلام…ما يفتح باب الحرب المفتوحة هو توقيع السعودية والامارات علي بيانات أمريكا واوربا اعداء الامة المطالبة بالديمقراطية في بلدنا والمجرمة في بلدانهم في جريمة سياسية تستخف بعقول شعوبهم وشعبنا الشامخ…اوقفوا التظاهر واطردوا السفراء السفهاء والبعثة واجلسوا لبعضكم تجدوا حلا والا لن تجدوا وطنا تبكون عليه وستذهب خيراتكم من ذهب ومحاصيل واعينكم تري .