فائز بابكر كرار يكتب دولة القانون والحوار السياسي
بقلم المستشار فائز بابكر كرار
(الحل في إعادة صياغة الشخصية السودانية وإعادة تشكيل العقل السياسي السوداني ).
(لا تتحقق الديمقراطية والسيادة لدولة ما إن لم تكن دولة قانون).
تُعدّ المشاركة السياسية محصلة تضافر عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية وأخلاقية تهدف لتحديد المجتمع ونظامه السياسي .
إن بناء الأوطان وتنميتها لا يجب أن يبقى محتكرًا بيد شخص أو فئة أو حتى جزء من الشعب مهما كانت نسبته، بل يجب أن تكون هذه المهام والأهداف متاحة لكل الشعب من خلال الشراكة والمشاركة التي تجسد الديمقراطية الحقيقية بمفهومها الحضاري والإنساني .
تتطلب المشاركة السياسية توافر عناصر أساسية؛ يتعلق أولها بالبنية السياسية ووجود التكامل المؤسسي (الدستور والتشريعات التي تحمي الحرية والديمقراطية وكيفية ممارستها قوانين الأحزاب والانتخابات).
والواقع أنه مهما تعددت المفاهيم فإنها تشترك في التأكيد على القيم الرئيسية للمواطنة وهي: قيمة المساواة والحرية والمشاركة، والشراكة والمسئولية الاجتماعية. كما أنها تتضمن أبعادًا معينة يمكن حصرها في البعد السياسي للمواطنة والمتمثل في مدى إحساس الفرد بانتمائه إلى الوطن كجسم سياسي يتمثل في مؤسسات الدولة الشرعية .
هل برزت هذه الظواهر السياسية في مجتمعاتنا، وفي المجتمع السوداني على وجه الخصوص؟ وإلى أي مدى توفر هذه الكيانات الجديدة توافقًا بين القوى السياسية لتسهم إيجابيًا في عملية التقارب الوطني وترفد الشراكة السياسية؟ وإلى أي مدى تسهم في تجذير الانشقاقات الاجتماعية وتعيق مستقبل الشراكة في المجتمع السوداني
يُعد النظام السياسي الديمقراطي (الحزبي/البرلماني) في السودان من أكثر الأنظمة حاجة للائتلاف؛ لعدم وجود حزب جماهيري يحصل على الأغلبية بحسب نتائج الانتخابات التي جرت في الفترات الديمقراطية الثلاث. كما أن الواقع السياسي في السودان يحتاج إلى شراكة سياسية لتمثيل أكبر عدد ممكن من مكونات المجتمع السوداني العالي المتعدد والمتنوع الإثنيات في ضوء أن هذا المجتمع وبحكم طبيعة تكوينه الإثني المتعدد لتحقق قسمة السلطة والثروة بين مختلف قومياته بعدالة في إطار صيغة من الديمقراطية التوافقية.
ويكمن الحل في إعادة صياغة الشخصية السودانية وإعادة تشكيل العقل السياسي السوداني. ولا يتم ذلك إلا بمنهج مزدوج تربوي/ إعلامي بالتركيز على النشء؛ بغية تأسيس عقلية سياسية جديدة تتسم بالمرونة وقبول الآخر والانفتاح والقدرة على التكيف والبعد عن التعصب والأنانية ، وهو حل يحتاج إلى اجتهاد وجهود مكثفة وممنهجة تقوم على دراسات علمية وتحتاج إلى الكثير من الصبر لأن التغيير في السلوك والثقافة ونمط التفكير يحتاج إلى فترة طويلة
لأحكام القانون وسمو مبدأ سيادة وحكم القانون على الجميع، ولبناء دولة القانون لا بد من أن تتوافر جملة من مقومات يتضمنها دستور الدولة، بالعمل بمبدأ الفصل بين السلطات ومنع سوء استعمالها وتعسفها واستقلالية السلطة القضائية وتفعيل دور المجتمع المدني والعمل على تحقيق استقلاليته وتبني نظام حكم ديمقراطي رشيد يقوم على العقلانية والرشادة والفعالية… كل ذلك يساهم بشكل فعلي في إرساء وبناء دولة القانون.
لا تتحقق الديمقراطية والسيادة لدولة ما إن لم تكن دولة قانون قائمة على علاقة بين الحاكم والمحكوم بطريقة متوازنة بين طرفي العلاقة، تقيد نفسها بنظام قانوني تشريعي يحمي المصالح العامة، ولا يقيد الحقوق العامة.
تقتصر سلطة الدولة في دولة القانون على حماية الأفراد فيها من الممارسات التعسفيّة للسلطة، حيث يتمتّع المواطن في ظلّ هذه الدولة بالحريّة المدنيّة بشكلٍ قانوني.
ويفرض تحقيق دولة القانون توفير مجموعة من الضمانات أهمها : سيادة القانون، التدرج الهرمي للقواعد القانونية، المساواة أمام القانون، الفصل بين السلطات، الاعتراف بالحقوق والحريات، واستقلالية السلطة القضائية والنائب العام وتولي وزارة العدل ولاية المال العام.
تحياتى مستشار فائز بابكر كرار
صحيفة السوداني