هاجر سليمان تكتب: تشاهد غداً
(1)
الأسبوع القادم سيكون حافلاً بالأحداث المتتالية وبعضها مبهر وبعضها صادم، وسيكون الأسبوع القادم أسبوعاً انتقامياً مثل مليونية (17) يناير، فكل شيء يسير عكس التيار وعكس ما نريد وعكس ما تريد إرادة الشعب، وستكون الأيام رتيبة ومملة وتزيد من كآبة الضباب السياسي والعتمة التي تعاني منها البلاد التي غابت شمسها، ولن تشرق إلا وقد فقدت الأسر الكثير من الأرواح، فلا القاتل مقبوض ولا الدولة تسعى للأتيان بحق القتيل وتحديد شخصياتهم، والشعب الآن أقوى من أي وقت مضى، وهو أشد غضباً ولا يعدم حيلةً في الحصول على ما يريد بقوة السلاح، ولكنهم فضلوا السلمية، والقتلة الذين يحملون السلاح ليسوا سوى قتلة محترفين مأجورين يقتلون من أجل المال، ومن يدفع لهم عملاء يقيمون بالبلاد ويسعون لإنفاذ المخططات باستغلال الدماء والشواهد تشير إلى استهداف الثوار .
(2)
ما يحدث من قتل ممنهج الآن للثوار هو أمر مرفوض وغير مقبول، ويتطلب فتح أضخم ملف تحقيق للتوصل للقتلى الحقيقيين وتقديمهم للمحاكمات، ولن تعجز الشرطة عن الاتيان بأولئك القتلة إن أرادت ذلك، والشعب الآن أصبح يشعر بالملل من كل شيء، وهنالك انقسام ظاهر للشعب ما بين مؤيد للتتريس والإغلاق والإضراب ورافض لذلك، فثلثا الشعب فقراء ويعتاشون على رزق اليوم باليوم، ويريدون الديمقراطية ولكن يرفضون الإغلاق والتتريس لأن ذلك يزيد معاناة أطفالهم وأسرهم الجائعة، والمتاريس يجب أن تقام على أعتاب أبواب المسؤولين وحول منازلهم وحصارهم ومنعهم من التجول وقفل أبواب مكاتبهم، ولكن التتريس للشعب يعني الموت جوعاً وفقراً ومرضاً .
(3)
وعلى الشباب أن يعي أن القضية ليست قضية دين ولا عرق، ولكنها قضية شعب رفض الخضوع والإذلال وبحث عن الديمقراطية، وبالإمكان أن يحدث كل شيء من خلال الضغط على الدولة وليس ممارسة الضغط على المواطن، وذلك الضغط بالإمكان أن يتبلور في زيادة أعداد التظاهرات والمواكب واستمرارها الدائم، ولكن دون متاريس ودون حجر على حريات الغير، فقفل الطرق أمر مرفوض لأنه يزيد معاناة وآلام الشعب، بل ويخلف ظواهر سالبة قد تؤثر سلباً في أمن الأحياء السكنية وتمكن اللصوص من إنفاذ جرائمهم بسهولة، وأذكر أنه في منطقة طرفية بالخرطوم وإبان أيام التتريس في 2019م قامت مجموعة بنصب تروس متعددة بأحد الشوارع الرئيسة، وباتت تستغلها في نهب المواطنين، فكانت كلما مرت مركبة أو ركشة وأبطأت سرعتها تسارع المجموعة إلى نهب الركاب وتهشيم زجاج السيارات، وهكذا استمر الوضع لفترة قبل أن تتدخل السلطات وتقوم بإزالة المتاريس.
(4)
نستنكر وندين بشدة قتل الأبرياء العزل والصبيان الذين لم تتجاوز أعمارهم عشرين عاماً، ونقدم أحر التعازي للأمهات والأسر لفقدهم ومصابهم الجلل، و (الجمرة بتحرق الواطيها)، ولا أظن أن هنالك من يشعر بالألم والحزن مثلما تشعر تلك الأمهات اللائي فقدن أبناءهن، فمن يعيد لتلك الأسر حياتها القديمة، ومات الشباب وفي الحلق غصة والقلب منفطر، فبينهم من عرفنا وبينهم من لم نعرف، ولكن يبقى الحزن والألم والتساؤل لماذا اصطياد مثل أولئك الزهور المتفتحة، ألم يكن الأجدى أخذهم بهدوء وإقناعهم، أم أن الأمر خرج من بين يدي الحاكم؟
صحيفة الانتباهة