مقالات متنوعة

بدر ..التحليق فوق سطح الحقيقة


لم أشأ التعليق على حادثة اعتقال المعارض المصري من بوابة شركة بدر للطيران في حينه ، وذلك حرصاً مني على الاطلاع على رأي الشركة وعلى الجهات الفنية والحقوقية في هكذا قضية حساسة.
مطاردة الدول لمعارضيها بالخارج وعمل صفقات لتسليمهم لا يعد أمراً ملفتاً ، خاصة في دولنا العربية والأفريقية.
ولو أن المخابرات السودانية هي من سلمت حسام محمد سلام إلى نظيرتها المصرية لما هاجت الدنيا ولم تقعد.
لكن الأمر متعلق بشركة طيران تجارية تعمل في المجال الجوي بسمعتها قبل إمكانياتها الفنية، وأي تلاعب في هذه السمعة يجعل منها طائرة منكوبة أخلاقياً .
كل الروايات المنشورة على الفضاء الإعلامي وعلى اختلافها وتباينها من حيث الإدانة أو التبرئة قابلة للتصديق. وكان من الممكن أن تكون رواية الشركة التي جاءت على لسان الرئيس التنفيذي في حواره مع صحيفة السوداني هي الأكثر قابلية لتبرير تسليم المعارض حسام إلى سلطة بلاده لولا بيانان في قمة التضارب والضعف من إدارة إعلام بدر للطيران .البيانان زادا من درجة الشكوك تجاه الشركة؛ مما أدى إلى تلك الحملة القاتلة على منصات التواصل الإعلامي.
لو أن الشركة في أول وهلة اتجهت لعقد مؤتمر صحفي للإجابة على كل الأسئلة التي ظلت حتى اللحظة مثارة لما كانت بدر تبحث عن تعديل صورة .
طالما أن الإنذار لم يكن حقيقياً ولم يكن هنالك خلل في الطائرة ،فما دواعي استبدالها بأخرى ليقبع المسافرون أكثر من 6 ساعات في مطار الأقصر. وإذا كان المسافرون على صالة الترانزيت فما السبب في عمل إجراءات جديدة لهم وهم نفس الركاب وبنفس التذكرة المتجهة بها إلى استانبول. ؟ وإذا كان كل ذلك بالصدفة، وهذا شيء وارد طبعاً. فكيف وصلت 4 مصفحات تتبع للأمن المصري لتأخذ صيداً ثميناً وقع داخل حدودها بالصدفة. ومن أبلغ بذلك، خاصة أن كل الروايات تتفق حول حقيقة أن حسام خضع لتحقيق لمدة ساعة بمطار الخرطوم قبل صعوده على طائرة بدر.
حتى تقنع شركة بدر عملاءها بأن الهبوط الاضطراري في مطار الأقصر كان بالصدفة البحتة، ولم يكن عملية مدبرة، بغض النظر عن من هو المدبر، على الإدارة العليا للشركة أن تفتح تحقيقاً عالي المهنية في هذه القضية المهمة. وأن تفضح أي متورط أو متورطين في العملية ..إن وجدوا..حتى لو كانوا من موظفيها حفاظاً على سمعتها. وأن تبدأ بكابتن الطائرة الروسي الجنسية، ليس لأنه أجنبي لكن لأنه المسؤول الأول الذي يقود الطائرة. وهو الذي قام بالهبوط الاضطراري .
إدارة إعلام بدر ورطت الشركة من منطلق الدفاع المهزوز ..
البيان الأول لم يذكر عملية تسليم المعارض المصري. بل ركز فقط على الإنذار الخاطئ. أنا سألت وقتها المسؤولة التجارية عن الأمر فأرسلت لي ذلك البيان. وكنت قد علمت من مصادري عن توقيف أحد المسافرين.
البيان الثاني جاء مدافعاً بعد الهجمة الشرسة التي تعرضت لها الشركة وحملات المقاطعة والرسومات المسيئة. لكنه لم يكن بقدر رد الفعل ولم يكن له أي تأثير إيجابي.
في مثل هذه الحالات يضعف التبرير المنسوب لنظرية المؤامرة حتى لو كان ذلك فعلاً جزءاً من حملة ممنهجة من منافسين .
شركة بدر من شركات الطيران ذات السمعة الجيدة على المستوى المحلي والإقليمي. ولها دور جيد ومعلوم في قطاع الطيران وليس من الحكمة التعامل مع مثل هذه القضايا بتبسيط الأمور.

سمية سيد
صحيفة اليوم التالي