الصحافة الورقية.. أهمية قصوى
لا شك أن الصحافة الورقية تعتير لسان حال الوطن ومرآة المواطن، ولسان حاله، والناقل الأمين لكافة قضاياه التي تتبناها صفحاتها وتضعها بين يدي المسؤولين وأصحاب القرار، ولسنا بحاجة لكثير من الجهد لنستذكر الحضور البارز والدور المهم الذي لعبته الصحافة السودانية منذ عهد ماقبل الاستقلال وحتى الأن في أهم القضايا الوطنية والمفصلية، ومواكبتها لكافة الإجراءات الحكومية، حيث لعبت الصحف دورها الوطني بامتياز في مناصرة لهموم المواطن، تأكيداً على دورها الأصيل كمنابر وطنية قادرة على إيصال صوت الشارع لأصحاب القرار وخلق حالة التوازن بين الحكومة والمواطن.
وبالتالي فإن الصحافة تعتير ذات أهمية قصوى بالنسبة للكثير من المجتمعات، من خلال مساهمتها وبشكل أساسي في نشر الوعي و الثقافة في مختلف المجالات، الأمر المؤكد على أهمية الصحافة الورقية، والتي تعتبر مهنة ذات طابع خاصمن منطلق سعيها للوصول إلى الحقيقة، و للتحدث عن حال الجمهور، وذلك عبر حصرها للأخبار وتأكيد من صحتها، ومن ثم تقديمها إلى الجمهور و سواءً كانت أخباراً وتقارير تتعلق بالأحوال الإقتصادية أو القضايا والمشكلات الإجتماعية أو الأمور السياسية أو الأخبار الرياضية والفنية، وغيرهاـ بحيث لا تترك مجالاً إلا و اهتمت به، من خلال سعيها للأهتمام بكل ما يشغل بال وفكر المواطن، عبر طرقها ونشرها للقضايا المشتعلة في الوطن، الأمر الذي أدى بمرور الوقت إلى خيازتها الإهتمام الأكبر وسط المواطنين، لاسيّما وأنها تعتبر من أكثر الوسائل الإعلامية المؤثرة في الرأي العام فالمواطن من خلا تأثيرها في قيم ومعتقدات المجتمع، وبمرور الوقت و في ظل التقدم الذي نعيشه اليوم أصبح من الممكن مطالعة الصحف من خلال المواقع الإلكترونية.
من ما سبق يتضح بجلاء الفوائد الجمَّة لوسائل الإعلام المكتوبة والمقروءة تتلخص في تمثيلها لرأي أفراد ومؤسّسات المجتمع المحلي والعالمي وطرحه من خلال منابرها المختلفة، وعملها على رفع مستوى الوعي الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي وغيره لدى القارئ، الأمر الذي يجعل القارئ على اطّلاع بكلّ المستجدات حول العالم، ناهيك عن تقديمها لخدمات التسويق والإعلان والترويج، ورفعها لرصيد القارئ اللغوي، باعتبارها خير جليسٍ وصديقٍ ومؤنسٍ للقارئ على مرّ السنين فضلاً عن مساعدتها على تدعيم وتوجيه بعض الرسائل، ويمكن الحكم
على تقدم الشعوب من خلال تقدم الصحافة وإنتشارها وسط المجتمع، الذي ظلت تعمل بجد على حمايته من التعرض للتشويش والأفكار والسلوكيات السالبة من خلال كشفها للحقائق وتبصيره بالسلبيات، ونت أهم المميزات التي تتميز بها الصحافة المكتوبة أنها يمكن أن تكون مرجع للقارئ في أي وقت، وتقديم النصح والإرشاد للأفراد، حيث تقوم بتسليط الضوء على القضايا الهامة بالأخص في حالات الحروب والثورات، بجانب الأحداث السياسية ومن خلالها يتم ملاحقة الأشخاص الفاسدين في الدولة.
والأهم من كل ما سبق مساهمة الصحافة المكتوبة بشكل كبير ومؤثر في صناعة القرار، وبالأخص عند تحول نقل المعلومة إلى قضية رأي عام، الأمر الذي يساعد على تعزيز مبدأ الشفافية في نقل المعلومة، ويعمل على صنع القرار من معرفة توقعات الجمهور وآرائه، وما النتائج المترتبة نتيجة اتخاذ قرارات سابقة، ومن خلال الصحافة المكتوبة يتم الإعلان عن القضايا الكبرى التي توجد في البلاد عامة، والأقاليم خاصَّة، والتي يكون لها أهمية كبيرة مما يدفع الجمهور إلى التضامن معها سواء كان فكري أو عاطفي، وهذا يساعد على حفظ واستعلام المجتمع وتحقيق التوازن.
تلك إذن هي المهام الأساسية للصحافة الورقية بالنسلة للمجتمعات والحكومات معاً، الأمر الذي يوجب على المسئولين عنها في الدولة من ضرورة الاهتمام بها، وتيسير أمر توسيع مدى إنتشارها وتوزيعها على أكير نطاق في كل أقاليم وولايات السودان المختلفة، الأمر الذي لا يمكن أن يتوفر إلا بحلحلة كل المشاكل التي تمر بها الصحافة المطبوعة حالياً، حيث تمر بأسوأ فتراتها على كافة الأصعدة، حيث نجدها الآن في أضعق حلاتها والمتمثلة في ضعف وتراجع في الإيرادات، ومحاولات يائسة لضبط الإنفاق، وتراجع مهني مقلق، وذلك جراء السياسات الإعلامية الخاطية، والمتمثلة في الارتفاع الباهظ لمدخلات الإنتاج والطباعة، الأمر الذي يستوجب على النختصين في وزارات الإعلام والتجارة والضرائب واتحاد الصحقيين، العمل الجاد لإزالة كافة المعوقات التي تعترض سبيل إخراج الصحافة الورقية من الوهدة التي تمر بها الآن، والسعي لإيجاد الحلول الناجعة، ولو على مراحل لحل الأزمة التي تمر بها صحافتنا المكتوبة الآن، وذلك من خلا الضغط باتجاه تجميد الضرائب المفروضة على الصحف ومدخلاتها، خصوصاً على الورق والأحبار وضريبة المبيعات، وزيادة نسخ الاشتراك بالصحف والإنفاق الحكومي على الإعلان وتوزيعه بشكل عادل بين الصحف، وكذلك بوضع خطة طارئة لضبط الإنفاق في الصحف تحت رقابة لجان مشتركة، وينتظر الصحافيون أن تعلن الحكومة حلولا عملية لواقع الصحافة الورقية، بشكل يسهم في دعم الصحافة بشكل خاص باعتبارها الأكثر تهديداً بالأزمة خلال المرحلة الحالية، لاسيَّما وإن هناك حاجة لتشاركية أكثر، وتشكيل لجنة تشرف على دعم الصحافة الورقية، والاستماع لجميع الأطراف في القطاع ومقترحاتهم من خلال حوار ونقاش جامع، لأن الصحف لا تحتاج إلى دعم مالي بقدر حاجتها إلى حلول تتسم بالاستمرارية، فالحل المالي جزئي، ولابد من حلول تجعل من الصحف قادرة على مواجهة فوضى وسائل التواصل الاجتماعي بمهنية، على أن تصحب ذلك أهمية تطوير المنتج الصحافي، بحيث يكون منسجما مع التطورات في عالم الإعلام، فالصحف تحتاج إلى تحولات جذرية في سياسات التحرير لتكون قادرة على استعادة دورها وجمهورها، والعمل على إنشاء صندوق لدعم الصحف، بجانب أهمية إعادة النظر بكلفة الإنتاج الخاصة بالمؤسسات الإعلامية، وشمولها ببرامج الدعم الحكومي الموجّهة للقطاعات الأكثر تضررا وخاصة للصحف الورقية، والأهم من كل ماسبق، أهمية كف الحكومة عن أية ممارسات تحد من الحريات الصحافية وحصر محاكمة الصحافيين
إبراهيم النزير العاقب
صحيفة اليوم التالي