نهى محمد الأمين تكتب.. ريان…والسودان !!

تابعنا جميعاً بأنفاس لاهثة؛ قصة الصغير ريان، الطفل المغربي الذي وقع في البئر، حدثٌ استحوذ على اهتمام العالم بأسره، وربما حطم الأرقام القياسية لل(تريند) على وسائل التواصل الاجتماعي، رفعت الأكف بالدعوات لينجو الصغير، ولكن إرادة الله كانت سابقة، والعمر مقدر ومكتوب منذ أن يخلق الإنسان نطفة في رحم أمه.
استرد الله وديعته، وسيهنأ ريان بالجنة وسيعوضه الله سبحانه وتعالى كل الضيق والمعاناة التي اختبرها بروْح وريْحان وعسل مصفى، وسترقد روحه الطاهرة في أمن وأمان من بعد خوف وذعر.
كانت حكاية الصغير ريان مفتاحاً للكثير من النقاشات التي دارت عبر الأسافير، فقد لفتت المملكة المغربية أنظار العالم للاهتمام الذي أولته للحادثة، والمجهود الكبير الشاق والمتواصل الذي استمر في همة وبدون كلل أو ملل لخمسة أيام،،
والذي جعلنا نبكي حزناً وغبينة على شبابنا الذين يتم قتلهم من قبل القائمين علينا بدون أن يرف لهم جفن، لماذا كانت غالية روح ريان عند قادات دولته ؟ ورخيصة هي أرواح شبابنا الذين لم يرتكبوا جرماً ولم يؤذوا أحداً !! ولكنهم فقط طالبوا بحقهم المشروع في الحرية والديمقراطية وفي حياة كريمة ووطن يليق بهم.
إلى أين يسير هذا الوطن المبتلي بقادة، ومنذ الاستقلال، لم يحدث أن وضعوه في المقدمة؟
منذ الديمقراطية الأولى مروراً بالثانية، تمت إضاعة فرصة التأسيس لمدنية احترافية، لأن الأجندات الشخصية كانت دائماً في المقدمة، لم يفكر أحد في المصلحة العامة، في بناء وطن يسع الجميع.
كل كان يغني دوماً على ليلاه، والوطن يرزح تحت طائلة الخلافات والعداء وشخصنة الشأن العام، لنصبح خير مثال لأمة تبكي على ماضيها؛ لأنه خير من حاضرها، العالم يتطور راكضاً ونحن نركض بذات السرعة ولكن إلى الوراء،،
مشكلتنا الأساسية التنظير بدون عمل، عدم المحاسبية وعدم الاستفادة من الدروس والعبر المستقاة من التجارب، نقع في ذات الأخطاء، بكل عجرفة واستبداد بالرأي،
الأمر الوحيد الجميل والذي كان يمكن أن يكون بداية لحقبة تاريخية جديدة لينتفض هذا البلد المليء بالموارد وينهض من العثرات ، ألا وهي ثورة ديسمبر المجيدة، تعاون و كل هذه الإشكاليات، الخلافات والأجندات،
زمن الأنبياء انتهى وزمن المعجزات ولى، وليس لدينا عصا موسى، لدينا تركة لا يخالها المرء في أبشع كوابيسه، من إرث المؤتمر الوطني الذي شوه كل شيء، مروراً بأحزاب تعاني من المراهقة السياسية وعدم الوعي بمعنى المدنية والديمقراطية، انتهاءً لأولائك الذين أضاعوا الفرصة بتهافتهم على المناصب والكراسي وهيئوا للانقلاب المشئوم.
حالياً نحن مواجهون بواقع مأساوي، وطن متهالك، اقتصاد متهاوٍ، تم طردنا من جديد من المجتمع الدولي بكل ما تحتويه هذه العملية من عناء ومكابدة اختبرناها في عهد الإنقاذ.
لن تمطر السماء ذهباً ، ولن يأتينا فجأة مخلوقات من كوكب آخر، وليس هناك رجال آليون ليقوموا بتعمير هذا الوطن من الخراب الذي يشهده.
لا بد من أن نترك الخلافات، لا بد أن ننبذ الأنانية والتفكير في المنفعة الشخصية، سواءً كنا أفراداً أو أحزاباً.
الأوطان تبنى بسواعد بنيها،
أين نحن من كل ذلك ؟
نهى محمد الامين
صحيفة اليوم التالي






