مقالات متنوعة

هل يشهد العالم حرب عالمية ثالثة؟


_____

قديماً قال الشاعر إن الحرب مبدؤها كلام وهذا ما يحدث هذه الأيام بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد حول جمهورية أوكرانيا التي تشترك في الحدود مع دول في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى روسيا وباعتبارها جمهورية سوفيتية سابقة، فإنها تتمتع بعلاقات اجتماعية وثقافية عميقة مع روسيا وينتشر فيها التحدث باللغة الروسية على نطاق واسع وهذا سر تصميم موسكو على وقف توسع الناتو إلى الشرق ونشر أسلحة في الدول المجاورة التي قد تهدد روسيا، طوال فترات الصراع ما بين روسيا التي كانت تحمل في الماضي مسمى الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة لم تكن تصل الأمور الى درجة إشعال حرب باستثناء أزمة الصواريخ الكوبية حيث كان العالم خلالها على شفا حرب نووية.. وتعود الأحداث الى العام 1962م عندما التقطت طائرة تجسس أمريكية تحلق فوق كوبا صوراً تظهر بناء مواقع إطلاق الصواريخ السوفيتية وكوبا جزيرة تقع على بعد 90 ميلاً فقط من ساحل الولايات المتحدة الشرقي وأسباب التوتر بين البلدين يعود إلى العام 1959 عندما تمت الإطاحة بالرئيس الكوبي باتيستا في ثورة مسلحة قادها فيدل كاسترو، وكانت إحدى أولى خطوات كاسترو هي الذهاب إلى الولايات المتحدة لتأمين دعم واشنطن، لكن الرئيس آيزنهاور رفض التحدث معه وفي مكتب الأمم المتحدة في نيويورك تحدث كاسترو مع ممثلي الاتحاد السوفيتي الذين عرضوا دعمهم لحكومته الجديدة، ومن المفارقات أن كاسترو لم يكن شيوعياً قبل عام 1960م، لكنه انجذب إلى الشيوعية من خلال الصداقة والدعم الذي قدمه الزعيم السوفيتي خروتشوف الذي أراد دعم الدولة الشيوعية الجديدة، وطعن خاصرة الولايات المتحدة ولم تحل الأزمة التي كادت تكون سبباً في وقوع حرب عالمية إلا بعد تدخل الدبلوماسية الناعمة حيث تلقى الرئيس الأمريكي كينيدي رسالة من الزعيم السوفيتي خروتشوف يعد فيها الأخير بإزالة مواقع إطلاق الصواريخ إذا وافقت الولايات المتحدة على رفع الحصار عن كوبا مع وعد بعدم غزو كوبا، وربما تكون تلك الحادثة التاريخية شفيعاً لمنع وقوع حرب كونية جديدة خاصة وأنها إذا اندلعت لن تكون مثل الحروب السابقة فهذه المرة تمتلك كافة الأطراف مختلف الأسلحة النووية العابرة للقارات وربما يتشكل حلف جديد يعيد تشكيل خارطة العالم، فالصين لن تتردد في مساندة روسيا لأجل استرداد تايوان تلك الجزيرة الواقعة في حضن الولايات المتحدة التي توفر لها الحماية ضد أي تهديد صيني، فالصين تشعر بالعجز لعدم تمكنها من ضم جزيرة تايوان بمثل ما قامت به مع منطقة هونج كونج المستعمرة البريطانية السابقة وشبه جزيرة مكاوة المحتلة سابقاً من قبل البرتغال حيث نجحت بكين عبر الدبلوماسية الناعمة من إبرام اتفاقيات طويلة الأمد مع المملكة المتحدة والبرتغال لاستراجاع مناطقها بعد تسعين عاماً، والهند ربما تختار الحياد ولكنها الأقرب الى المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وباكستان هي الأخرى س تنتظر موقف الهند حتى تختار النقيض والبلدان يمتلكان السلاح النووي وكوريا الشمالية لن تقف في الحياد فستعلن الحرب على الولايات المتحدة ومكانها مضمون في المعسكر الروسي وستكون أولى حروبها ضد جارتها كوريا الجنوبية واليابان وإيران ستكون ضمن الحلف الروسي خاصة وأن وجود عناصر من الحرس الثوري الإيراني ضمن المساندة لجيش بشار الأسد على الأرض السورية المدعوم من القوات الروسية ساعد على التنسيق بينهم وانضمام مليشيات العراق الشيعية وحزب الله من لبنان مرهون بموقف إيران التي لن تجد أنسب من هذه الأحداث في إشعال مناطق الشيعة النائمة في الخليج العربي والتسبب بالمزيد من المتاعب للسعودية، وتركيا ستلعب هذه المرة لصالح إحياء رابطة الشعوب المتحدثة باللغة التركية في وسط آسيا لخلق حلف اجتماعي واقتصادي جديد، وتركيا الأكثر حسرة باعتبار أن العديد من مناطق جنوب روسيا والبلقان كانت ضمن حدود الدولة العثمانية التي كانت تملك إمبراطورية في قارات العالم الثالثة، لذلك ستعمل على ضرب الطرفين ببعضهما البعض، وفي قارة أمريكا الجنوبية ستكون فنزويلا الدولة الشيوعية النفطية تحت تصرف جيوش وصورايخ روسيا، وكذلك كوبا التي لن تجد روسيا أنسب منها لأجل تركيع الولايات المتحدة بمثل ما قامت به في العام 1962م وقارة افريقيا ستجد روسيا في الدول التي وقعت فيها انقلابات عسكرية في الفترة الماضية أقوى داعم لها خاصة وأن سياسة الولايات المتحدة ودول الغرب لن تبارك وقوع تلك الانقلابات بالتالي لا ملاذ أمام قادة تلك الانقلابات الا بالانضمام الى المعسكر الروسي، إذاً العالم على حافة حرب عالمية جديدة، فكما كانت بولندا ساحة صراع قادت الى الحرب العالمية الثانية فإن أوكرانيا هي الأخرى ربما تشعل فتيل حرب عالمية ثالثة حيث لم يمنع حسن العلاقات بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا النازية في العام 1939م من نشوب الحرب حيث اعتدت الجيوش الألمانية على بولندا، بعد أسبوع واحد فقط بعد الاتفاقية بين ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي.

وبعد بضعة أيام أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا، وبالتالي بدأت الحرب العالمية الثانية.!!

ربما يحمل الحزب الديمقراطي الأمريكي مخابرات روسيا المسؤولية في فوز الرئيس اأامريكي السابق دونالد ترامب في العام 2016م حيث انتشر آنذاك خبر يزعم بتعرض مراكز الاقتراع الانتخابي الإليكترونية الأمريكية الى اختراق إليكتروني ربما يكون قد حول الكفة لصالح مرشح الحزب الجمهوري السيد ترامب على حساب مرشحة الحزب الديمقراطي السيدة هيلاري كلينتون، ولكن لم يعتاد العالم من روساء الولايات المتحدة خاصة الحزب الديمقراطي اتباع سياسة نشر الغسيل القذر والضرب تحت الحزام خاصة بالقضايا التي يتعلق الأمر فيها بأمن واستقرار العالم، فالحرب إذا اندلعت هذه المرة فلن تفرق الصواريخ النووية ما بين موسكو أو اشنطون، فالطرفان وحلفاؤهما يمتلكون الأسلحة النووية العابرة للقارة بالتالي على السيد رئيس الولايات المتحدة جو بايدن العمل على خفض التوتر خاصة وأن روسيا ليست دولة صغيرة يسهل ترويضها، فهي بالرغم من تفكك الاتحاد السوفييتي السابق الا أنها تعتبر الوريث الشرعي له وتمتلك ترسانة قوية من القدرات العسكرية، والاقتصادية ويكفي فقط في حال قيامها بإيقاف إمداد دول قارة أوربا بالغاز حيث لا يحتاج الغاز الروسي الا أيام قليلة فقط للوصول الى غرب أوربا وحتى وعود الولايات المتحدة لحلفائها في الغرب بضمان إيجاد بديل للغاز الروسي عبر حث دولة قطر لمد أوربا بالغاز الطبيعي الذي يحتاج الى النقل بالسفن انطلاقاً من الخليج العربي مروراً بالبحر الأحمر عبوراً بالبحر الأبيض المتوسط وهي رحلة تستغرق أياماً، وذلك ربما يؤثر على الاستقرار في غرب أوربا خاصة وأن فصل الشتاء لن ينتهي إلا في الربيع القادم، وروسيا في السابق تجاهلت قيام حلف شمال الأطلسي بضم دول البلطيق إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وتلك الدول كانت ذات يوم ضمن الاتحاد السوفييتي السابق لذلك لن تسمح موسكو هذه المرة لحلف شمال الأطلسي بالتوسع شرقاً بضم أوكرانيا ولو تطلب الأمر غزوها وإشعال حرب عالمية ثالثة.

المتاريس

علاء الدين محمد أبكر

صحيفة اليوم التالي