مقالات متنوعة

محمد أحمد الكباشي يكتب: (حزب المزارعين)

ربما لا يحتمل ماعون السياسة السودانية ميلاد أحزاب جديدة فقد ضاقت الساحة بها حتى أنها تجاوزت الـ (100) حزب سياسي ومثلها من الحركات المسلحة وبالتالي ليس بمقدور كثير من المراقبين حصر وتسمية هذا الجيش الجرار من الأحزاب والحركات المسلحة وهذه واحدة أساسيات تعقيد المشهد السياسي بالبلاد وهو ما لا يوجد في أية دولة من دول العالم من حولنا ما يؤكد أن غالبية هذه الأحزاب ظلت بلا رؤية ولا برنامج ، بعض الأحزاب عفا عنها الزمن بعد أن شاخت وهرمت وبعضها يقاتل لأجل أهداف لا تمثل إلا قياداتها فقط ما يعني أن المواطن لا ناقة له ولا جمل من مثل هذه الأحزاب التي ينتمي إليها فصار البون شاسعاً بين قيادة تلك الأحزاب وقواعدها ، ويتضح هذا جلياً حال الحديث عن قيام إنتخابات مبكرة إذ تتوارى وترفض مجرد الحديث عن الدعوة وهي تثبت أن لا وزن لها وليس بمقدورها خوض معركة لا تمتلك أدواتها.
وفي ظل هذا الجو المشحون والحديث عن فشل الأحزاب يطل والي القضارف الأسبق كرم الله عباس الشيخ بعد طول غياب ليعلن عن ميلاد حزب جديد وأطلق عليه اسم (تجمع المزارعين الوطنيين) ومن الواضح أن الرجل قرأ الملعب جيداً للدخول إلى معترك السياسة عبر واجهة جديدة هي قطاع الزراعة والتي تمثل العمود الفقري في الإقتصاد السوداني.
كرم الله ومن خلال خبرته وقيادته لإتحاد المزارعين طوال السنوات الماضية تأكد له أن الزراعة هي آخر إهتمامات الدولة وأن المزارعين المنتشرين في كافة ربوع البلاد يواجهون ظروفاً معقدة وهم يمارسون نشاطهم يكابدون لأجل الحصول على التمويل فتغلق الأبواب دونهم ويبحثون عن الأسمدة لكنها تستعصي عليهم بسبب جشع التجار وسياسة وزارة التجارة والمالية بينما تستعصي مدخلات الزراعة على المزارعين وإن وجدت فهي سبيل الجهد الشخصي ، تتوقف قنوات الري وتتعرض محاصيلهم للعطش وتكون النتيجة في الغالب تبادل للإتهامات بين الري ووزارة الزراعة ويتسبب في هدر لموسم زراعة وفقدان لمحاصيل نقدية وأقسى من كل ذلك ذهاب عشرات المزارعين إلى السجون بسبب الإعسار.
كما أشرت أن دوافع ميلاد حزب يحمل هم المزارعين والزراعة يمثل ضربة لازب في محاولة جادة لإخراج البلاد من كبوتها بإعتبار أنه سيجد الإلتفاف من قيادات المجتمع ذلك الزراعة إذا ما وجدت الإهتمام فهي تمثل حلاً لأزمة القمح والبقوليات وستمزق فاتورة استيراد كثير من المحاصيل والمنتجات ذات الصلة خاصة الألبان ومشتقاتها وتوفير اللحوم وتصديرها بدلاً عن تصديرها حية ثم أنها سترفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة وتفتح آفاق الاستثمار الزراعي والحيواني كما أنها أي الزراعة ستحل مشكلة الرعاة في الحصول علي العلف وبالتالي ستذوب الصراعات بين الرعاة والمزارعين أكثر من ذلك فأن الزراعة تمثل أرضاً خصبة لاستيعاب الخرجين وبالتالي محاربة البطالة في أوساط الخريجين ( هنا أشير إلى تجربة شركة زادنا وهي تمضي بذات الخطى وكان آخر إنجازاتها إفتتاح مشروع ضخم بمنطقة ود الزاكي بولاية النيل الأبيض ).
قبل أن يعلن كرم الله عباس ويسمي حزبه الجديد فقد أخطرني الأخ سامي عبد المنعم بخيت وهو من قيادات المزارعين بولاية النيل الأبيض أنه ضمن مجموعة خبراء زارعيين في تطبيق (واتس آب) أعلنوا عن حزب أطلقوا عليه ( حزب الثورة الزراعية ) .

صحيفة الانتباهة