رأي ومقالات

الخيارات المتاحة أمام وزارة المالية

ذكرنا في هذا العمود بالأمس أن المؤسسات المالية الدولية وعدد من الدول المانحة جمدت معونات اقتصادية للسودان مقدارها 2675 مليون دولار (اثنين مليار وستمائة خمسة وسبعون مليون دولار) كان يفترض أن تنساب للاقتصاد خلال الفترة من 2021 الى 2024. ونتيجة لهذا واجهت الحكومة السودانية معضلة في تمويل مشروعات البنيات التحتية التي كان من المنتظر أن تحرك جمود الاقتصاد.

وذكرنا أن هناك عدد من السياسات الاقتصادية المطلوبة لتجاوز المحنة، وتطرقنا لواحدة من هذه السياسات وهي منح أراضي زراعية واسعة للشركات ورجال الأعمال الوطنيين لتحريك القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، مقابل ضرائب كبيرة تفرض بالتراضي على هذه الشركات مستصحبين في ذلك تجربة الرئيس دي سلفا بالبرازيل.

نتطرق هذه المرة لسياسة اقتصادية ثانية مطلوبة لتحريك جمود الاقتصاد وهي المتعلقة بحفز مدخرات المهاجرين السودانيين بالخارج لتمويل قطاع البنيات التحتية وقطاع البترول بالسودان.

غني عن البيان اننا هنا لا نتحدث عن تبرعات كما جرى في حملة (القومة للسودان)، ولا عن تحويلات المغتربين عن طريق الجهاز المصرفي، وكلها جهود مع احترامنا وتقديرنا لمن قام وساهم فيها كان مردودها الاقتصادي ضئيلاً جداً. إننا نتناول مشروعاً اقتصادياً محكماً يحقق الفائدة للاقتصاد السوداني، ويحقق الربح الأكيد للمهاجر أو المغترب.

في يونيو 2021 تم في السودان إجازة قانون الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص Public sector Private sector Partnership (P.P.P) تمثل إجازة هذا القانون فرصة مواتية للاستفادة من مدخرات المهاجرين السودانيين بالخارج والتي يقدرها البعض بمبلغ 50 مليار دولار.

يقترح تأسيس شركة مساهمة عامة كبرى من خلال طرح أسهم للمغتربين في مهاجرهم، ويمكن أن تؤسس الشركة خارج السودان، وبإدارة دولية. تستهدف الشركة مشروعات محددة في السودان. على سبيل المثال الاستثمار في حقل الراوات النفطي، أو تنفيذ مطار الخرطوم الجديد، أو تنفيذ منظومة المسالخ الحديثة، أو تنفيذ طرق مرور سريع محددة، وذلك من خلال الشراكة مع الحكومة تحت القانون المشار اليه أعلاه.

حددت المادة (34) من القانون أهم البنود التي يجب أن يتضمنها عقد الشراكة، وأشارت على وجه الخصوص لضرورة أن يوضح عقد الشراكة (مقابل أداء الخدمة أو سعر بيع المنتج، وأسس وقواعد احتسابهما وتعديلها وكيفية معالجة معدلات التضخم) و (آلية توزيع مخاطر المشروع ومعالجة حالات اختلال توازن العقد بسبب تعديل القوانين أو بسبب حادث مفاجئ أو قوة قاهرة، وأسس تحديد واحتساب التعويض المستحق ان كان له مقتض).

في الواقع فإن هذا هو جوهر القانون، ذلك لأن النماذج التي تم تطبيقها في السودان في وقت سابق بنظام البوت عانت بشدة من معدلات التضخم المرتفعة، وعدم وجود حماية قانونية في حالة اختلال توازن العقد بسبب القرارات الحكومية.

ولضمان تحقيق الربح أعطى القانون في المادة (32) منه للقطاع الخاص أو شركة المشروع حق تحصيل رسوم أو تحقيق إيرادات أو كسب عوائد مالية من المشروع أو من أصوله أو من مستخدميه، وذلك وفقاً لأحكام عقد الشراكة.

أما المادة (36) من القانون فقد كفلت للجهة الحكومية المتعاقدة بموافقة الوحدة المركزية للشراكة تعديل شروط العقد بما في ذلك تعديل أسعار بيع المنتجات أو تحصيل مقابل الخدمات.

معنى هذا أن شركة المغتربين المقترحة إذا نفذت طريق مرور سريع مثلاً يمكنها بإجراءات مباشرة ومبسطة مع وحدة الشراكة المركزية بوزارة المالية وهيئة الطرق تعديل فئات رسوم عبور الطريق إذا ما انخفضت القيمة المبينة في التعاقد الأصلي بفعل التضخم، وفي هذا ضمانة للشركة فيما يتعلق باسترداد النفقات وتحقيق الأرباح. ونواصل.

د. عادل عبدالعزيز الفكي

‫2 تعليقات

  1. ما لم يتغير المشهد السياسي ويرضي تطلعاتنا وتختفي تماما سيطرة اللجنة الامنية للبشير۔۔۔۔انسي مسالة الاستفادة من مدخرات المغتربين ۔۔۔

  2. انت جنيت يعني نحن نغترب عمر عشان ندي مدخراتنا للفكي جبرين و العساكر الحرامية !!!!