رأي ومقالات

حسين خوجلي يكتب: حكاية من دفتر حزب السودانيين

قابلت قبل سنوات أحد الكفاءات السودانية بالسفارة السودانية بأبوظبي، وكان من المحبين الكبار والموثقين لحواراتي ببرنامج أيام لها ايقاع، وقد احتفظ بحزمة من التسجيلات لكثير من النجوم. وأصر بموهبة الكرم السوداني دعوتي مع مجموعة من الأصدقاء لوليمة فاخرة بڤيلته الأنيقة، وقابلت عنده مجموعة من السودانيين الذين كنت أظن أني أختلف معهم وكانوا يظنون، وما انفتحت سيرة السودان إلا وجدنا أنفسنا أسرة واحدة.
وقد حكى صاحب الدعوة قصة رامزة اعتقد أنها تصلح اليوم للحجة والاعتبار قال: بإنه تخرج في منتصف السبعينات في الجامعة وكان يسارياً متطرفاً أيام الطلب، وقد عين في إحدى الوزارات في الحقبة المايوية، وكان يحمل كثير من الشكوك والظنون حول الوزير المايوي للوزارة التي يعمل بها وكانت اغلبها حسب اعترافه سماعية وقد شكلت بمجملها تقييماً ظالماً للرجل.
وفي إحدى الاجتماعات التي ضمت كوادر الوزارة مع الوزير ثُرت في وجهه بطريقة نزقة أو بالأحرى مبتذلة ليس فيها أي احترام ما بين المرؤوس والرئيس، أطلقت يومها أمام الجميع حمماً من الاتهامات صوب الرجل، فتحملها في جلدٍ وصبر، ولكنه بطريقة مهذبة منحني درساً في الأخلاق والذوق والإتيكيت الإداري.
فقررت استرداداً لكرامتي أن أقدم له استقالتي بطريقة عاصفة ومشفوعة بمجموعة من الإساءات المنتقاة بعناية. وفعلا اقتحمت مكتبه دون إذن من السكرتارية وكلت له مجموعة من الاتهامات الصارخة وجعلت آخرها إساءة التقطتها من أحد خصومه، بأن الرجل مشهور عنه خوفه من زوجته التي كانت حسب زعم الخصم ( لابساهو خاتم ) قلت له غاضبا في آخر وصلة التشنيع: أنت لا تستحق حتى هذا الهجوم ويكفيك مذلةً أنك تخاف من (مرتك) وكانت دهشتي بالغة حينما أجابني الرجل الكبير بمنتهى الجراءة والاستخفاف: (اومال دايرني اخاف من مرتك إنت؟) فدخلت في نوبة من الضحك الداوي وهرولت نحوه محتضناً ومعتذراً، وأصبحت بعدها يده اليمنى بالوزارة، وقد ثمن عاليا مقدراتي الأكاديمية واختارني لبعثة دراسات عليا بجامعة اوروبية محترمة، حزت بعدها على وظيفتي هذه بالخليج، ومنها قضيت كل متطلبات العائلة الكبيرة والصغيرة، وتخرج أبنائي وبناتي من أعرق الجامعات وبنيت بيتاً فاخراً في الخرطوم، وكان المدخل لكل هذه النجاحات تعليقٌ لطيف من رجل شفيف واعتذار مشفوع بالندامة من إداري شاب في العتبات الأولى من الوظيفة.
تذكرت هذه الحكاية وأنا أشاهد الراهن السياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي قد تغطى بالسباب والبذاءة والكراهية، فضاعت فضائل خفة الدم، وموهبة الاحتمال، وقيم العتاب، والمسامحة والغفران.

حسين خوجلي

‫4 تعليقات

  1. حبى ليك كل يوم بزيد ياحسين خوجلي سلمت يداك

    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟ قَالُوا الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ، قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ!». وقال: «مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رؤوس الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ».

  2. لا أريد أن اكون كما حال كل السودانيين لا يجيدون غير النقد والحسد والحقد ومحاولة تكسير وإفشال النجاح. فهذه القصة بصراحة تمثل مثلا صارخا أننا شعب لا يستحق هذا الوطن ولو أعطيت السلطة ليوم واحد لجردت أي سوداني تعلم منذ عهد الإستقلال وحتى نهاية الإنقاذ من جنسية هذا البلد هؤلاء هم من أضاعوا السودان بأنانيتهم وفسادهم وخستهم صاحبك هذا وغيره كثيرون وكاتب هذا اتعليق واحد منهم تعلموا على حساب فقر أبائهم وأمهاتهم وبقية الشعب ولما نالوا الدرجات العليات والتعليم الراقي بدل أن يقدوا ولو قليلا لهذا البلد المنهك بالجراح تركوا البلد لكي ينعموا بحياة طيبة وهموأبنائهم فقط ويعطون أهلهم الفتات. يعني شنو فيلا راقية وحياة مترفة وتنكر للماضي أننا والله أفسد شعب وأتفه شعب ولا نستحق هذا البلد والذي هو طال الزمن أو قصر سيتقسمه مصر واثيويبا وجنوب السودان لأنها بصراحة بلد ما عندها سيد. تبا لنا جميعا. الله ينتقم من هذه الأجيال التي ضيعت السودان.

  3. الراجلةهذا ينجر قصص ويضعها في ثوب سياسي والله الذي لا الاه الاهو مافي اكضب منو الا البرهان

  4. يا ريتك تتعظ وتتنفع بما رأيت وسمعت يا سيد حسين صاحب 98٪ من الشعب السوداني كما ادعيت ايام عهدكم المشؤم الذي أسس لهذة الكراهيه بينكم وبين الشعب السوداني عامه وطبعا لا يمكن أن تعترف وتقر بفساد وسؤ ادارتكم للدوله خلال خلال 28 سنه عجاف