هاجر سليمان تكتب: أسرار المحكمة العسكرية.. هاكم الزيت!!
تابعنا عن كثب لأكثر من عامين محاكمة رئيس الأركان الأسبق الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب و (9) من كبار الضباط أمام محكمة عسكرية صرفة شكلت لذات الغرض، في وقت عقدت فيه محكمة مدنية موازية للمحكمة العسكرية لمحاكمة مدبري الانقلاب المزعوم والمتهمين الرئيسين في القضية، ولما كان القضاء السوداني يتمتع بعدالة ونزاهة وإنصاف لا يختلف عليه اثنان، وعند إطلاعه على القضية رأى أنه لا قضية ولا دلائل كافية، فأمرت المحكمة بتبرئتهم في مرحلة سابقة لتوجيه التهمة نسبة لعدم كفاية الأدلة، وأمرت المحكمة بإخلاء سبيلهم، وبالفعل خرج المصباح وود إبراهيم وتنفسا الصعداء ونالا حريتهما أخيراً بفضل نزاهة القضاء.
المصباح وود إبراهيم بحسب لائحة الاتهام هما العقل المدبر ورأس الحية، وهما من خطط ودبر، ومن ثم استعان ببعض الضباط وهم هاشم عبد المطلب ورفاقه، بمعنى أن الأخير ورفاقه ليسوا سوى متهمين فرعيين وليسوا أساسيين وأدوارهم ثانوية، ولكن ما حدث أن المتهمين الأساسيين الرئيسين تمت تبرئتهم، فما هو مصير المتهمين الثانويين الذين حددت لهم جلسة (14) مارس للنطق بالحكم في قضيتهم التي مرت بكافة مراحل التقاضي، وطالما أن القضاء المدني وصف بالنزاهة، فمن باب أولى أن يكون القضاء العسكري أساس العدالة ومن يرسي قواعدها.
إن الأمر المتوقع بالنسبة لنا أن تتم تبرئة هاشم عبد المطلب ورفاقه تيمناً برفاقهم، أما إن تمت محاكمتهم وإدانتهم فذلك سيكون أمراً غير طبيعي وينافي العدالة تماماً، ولا نريد أن نستبق الحوادث.
وكان من المفترض أن تتخذ المحكمة العسكرية خطوة مماثلة لخطوة المحكمة المدنية قبل عامين ولكن دون جدوى، لاسيما أنه نفس البلاغ ونفس التهمة ونفس الوقائع، ولكن الفرق هو انهما محكمتان منفصلتان إحداهما مدنية والأخرى عسكرية، ولكنهما بذات الدرجة، وقال القضاء المدني كلمته، فيا ترى ماذا سيقول القضاء العسكري، خاصةً أنه لا حيثيات ولا تحرك مادي تبني عليه الإدانة.
وحسب معلوماتنا فإنه حينما تم الإعلان عن إحباط محاولة انقلابية وتم اعتقال الفريق أول هاشم والضباط التسعة، وقتها لم تكن الوثيقة الدستورية قد وقعت بين الطرفين المدني والعسكري، مما يعني أن البلاد وقتها لا دستور يحكمها، وبالتالي أي فعل يحدث لا يقع تحت طائلة المساءلة القانونية نسبة لعدم وجود دستور يبنى عليه.
وسؤال يطرح نفسه ، هل كان المجلس العسكري آنذاك عندما أعلن عن المحاولة الانقلابية وزج بأولئك الضباط في المعتقلات ، هل كان يرمي إلى تحفيز المكون المدني ولفت انتباهه إلى خطورة المماطلة والتسويف، واعلانه ذلك كان بمثابة كرت ضغط على المكون المدني حتى يسارع إلى طاولة الحوار ويوقع على الوثيقة الدستورية، وبالتالي تصبح التضحية بأولئك الضباط من باب إرغام المدنيين على التوقيع،فهل كان ذلك كذلك ، واستخدمت لغة الانقلاب (بعبعاً) لتخويف المدنيين من أن النظام البائد مازالت أذرعه تسعى لنهش لحم السلطة؟.
وفي رأيي الشخصي أن الضباط المعتقلين ربما كان لديهم رأي في سياسة استخدام قوات الدعم السريع، وبعضهم كان صوته قد علا بالاحتجاج ضد هذه القوات منذ النظام البائد، هذا بالإضافة إلى التنافس المهني غير الشريف، خاصة أنه في ذلك الوقت راجت كثير من الآراء التي كانت ترى أن هاشم عبد المطلب أفضل خيار وأقوى مرشح للسلطة، وغيرها من الأسباب التي نمسك عن سردها حتى لا ندع مجالاً لجماعة (المديدة حرقتني).
وأخيراً.. توقعاتنا هي أن تكون المحكمة العسكرية كعادتها نزيهة وعادلة.
صحيفة الانتباهة