محمد عبدالقادر: عودة حمدوك .. ؟!
بالتزامن مع زيارة الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي الي دولة الامارات العربية المتحدة نشطت الاحاديث حول ترتيبات للقاءات تمهد الطريق امام عودة الدكتور عبدالله حمدوك الي رئاسة الوزراء من جديد بتخطيط امريكي وتنفيذ اماراتي…
بعض هذه الاحاديث نسجت رواياتها علي منوال وصول الفريق عبدالرحيم دقلو الي العاصمة الاماراتية ؛ ومعروف ان الرجل ظل ومنذ قرارات الرئيس البرهان التي اطاحت بالدكتور عبدالله حمدوك يقود وساطة بينه والمكون العسكري انتهت في النهاية بعودة حمدوك لرئلسة مجلس الوزراء قبل تقديمه لاستقالته الشهيرة..
ومع تواتر الاقاويل المتضاربة التي تتحدث عن وصول الفريق البرهان الي الامارات ضمن ترتيبات لاجتماعات مع حمدوك تعيده لرئاسة الوزراء قطعت تصريحات للعميد الطاهر ابوهاجة مستشار البرهان قول كل خطيب بتاكيده علي ان زيارة البرهان الي ابوظبي تاتي في سياق تعزيز العلاقات الثنائية،
ابوهاجة الذي دائما ما ياتي بالمفيد تجاوز الحديث المباشر عن اجتماعات بين البرهان وحمدوك لكنه لم يغفل ماتردد عن امكانية عودة الدكتور عبدالله حمدوك لرئاسة الوزراء من جديد بقوله : ( إن زيارة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي للإمارات تهدف إلى بناء وتعزيز التعاون الاستراتيجي والتشاور المتواصل بين البلدين بما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة في تحقيق الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي.)
ويمكن القول اجمالا ان الحديث عن عودة حمدوك لايعدو ان يكون شائعة اطلقتها الجهات التي تضررت من مغادرته المشهد، ويبدو انها جاءت جزءا من محاولة التشبث بحلم ترتجيه مجموعات مطرودة من نعيم السلطة الذي وفره لها عبدالله حمدوك، كما انها محاولة خبيثة للايقاع بين اطراف التوافق الوطني التي شكلت مشهد ما بعد الخامس والعشرين من اكتوبر الي جانب انها شائعة هدفت للوقيعة بين اطراف داخل المكون العسكري ترى ان وجود حمدوك ابطا كثيرا بعملية الاصلاح السياسي وحمل الجيش مالايطيق وهو يواجه حملات الاستهداف المستمرة من قيادات احزاب التغيير والمكونات المدنية التي كانت تمثل الحاضنة السياسية للدكتور عبدالله حمدوك.
الذين يتمنون عودة حمدوك اليوم هم الذين ظلوا يذمون الشراكة مع العسكر خلال المرحلة الماضية ويروجون الي فشلهم في ادارة الدولة ويؤكدون ان البرهان ومن حوله سيضطرون في يوم من الايام لاسترضاء حمدوك الذي يتحمل عودته احلولا سحرية رغم علم الجميع بفشله الكبير في ادارة شؤون الدولة وتسببه في انسداد الافق السياسي وكافة الاخفاقات التي ادت الي قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر.
الذين اضاعوا حمدوك هم الذين يبحثون عنه اليوم في الاحاديث منبتة الاصل مجهولة المصادر غامضة الاسانيد، اذ لا توجد اية حيثيات الان ترشح حمدوك للعودة بعد مغادرته رىاسة الوزراء وتركه لشركاء الامس نهبا للمواكب والمتاريس والافق المسدود.
الحقيقة التي ينبغي ان يواجهها (اهل قحت) انهم اضاعوا التغيير و الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء وحكومته باصرارهم علي التشاكس والتناقض وممارسات الكيد المتبادل ، الحديث عن حمدوك وعودته لا يعدو ان يكون من باب البكاء علي اللبن المسكوب ان لم يكون من قبيل المثل القائل ( حلم الجعان عيش).
لا اعتقد ان المكونات التي تحكم اليوم او الشعب يريد عودة حمدوك او يحن لايامه في السلطة (اداء ضعيف له ولوزرائه الناشطين الذين فقدوا البوصلة وظلوا يغردون خارج السرب .. هؤلاء هم الذين اضاعوا حمدوك، اهتماماتهم وتصريحاتهم ظلت تثير حفيظة وتندر الرأي العام ، انصرفوا لقضايا البل والتمكين و(سيداو) وجدل العلاقة بين الدين والدولة وعودة اليهود ، ومحاربة القران في المناهج الدراسية، ومكافحة اللغة العربية ، وبيع أصول المؤتمر الوطني لحل الأزمة الاقتصادية، و(بل) المؤسسات والافراد وصفقة الفاخر الفاسدة، فعلوا كل هذا ولم يعيروا الخبز والوقود وارتفاع الاسعار وهموم المواطن اليومية وتامين احتياجاتهم الاهتمام اللازم والمطلوب.
الذين اضاعوا حمدوك ويحلمون بعودته اليوم هم الذين استمراوا دق الاسافين بين المكونين المدني والعسكري وظلوا يحرضون الرجل ضد العسكر، والدعم السريع وبقية القوات المنوط بها حراسة الفترة الانتقالية وتسيير دفة الحكم الي حين قيام الانتخابات، الذين فعلوا ذلك هم من اضاعوا التغيير وحمدوك وادخلوه في دوامة حكم لم ينتج الا الخيبات والازمات..
لا اعتقد ان هنالك اية مبررات لاعادة انتاج ازمات السودان في عهد حمدوك ، صحيح ان الاوضاع الان ليست علي ما يرام ولكن ماضي التحالف بين حمدوك والعسكر اضاع علي السودان فرصا كبيرة للعبور والانتصار ، ليس هنالك معنى لاعادة الشراكة الفاشلة ، الشائعات بعودة حمدوك تعبر عن اماني (الفلول الجدد) الذين تركهم الرجل خارج السلطة بعد ان تمرغوا في نعيمها واستاثروا بسطوتها وخيراتها واستغلوها في تصفية الحسابات مع خصومهم السياسيين اسوأ استغلال وكانوا اول من اجهزوا علي شعارات الثورة وذبحوا الحرية والعدالة في قارعة الطريق.
محمد عبدالقادر
فعلا الحياء من الإيمان.
ماذا نتوقع من كاتب لاعق لبوت العسكر.
الذين تنعموا مع لصوص الإنقاذ، من الصعب عليهم الفطامة.
و لسوف تسألون.