مقالات متنوعة

السودان- سيولة وجود وجمود ادارة

د. وجدي كامل
الصحيح ليس ان يضرب معلمو مدرسة نيالا الثانوية فقط عن العمل ولكن كل المعلمين في مختلف المراحل بالسودان. ما حدث امر جلل ومن المفترض ان ينقل المواجهة مع مؤسسة الظلام الى مربع جديد. سياسة العنف تطور اساليبها بذات عقلية الانقاذ الامنية وتستهدف كسر كرامة السودانيين بنحو غير مسبوق. حادثة ضرب المعلمين بنيالا الثانوية رسالة تمعن في نشر ثقافة الاكراه والكراهية ليس على اساس العرق او القبيلة او الدين ولكن الثقافة المدنية بذات نفسها وما يمثله التعليم من قاطرة وداعم اساسي لها بنشر قيم الفضيلة والتربية العقلية الرامية لتطور الفرد والجماعة. القوات النظامية وغير النظامية التي ابتليت في عهد الانقاذ بداء النظر للشعب كعدو لن يساعدها مثل هذا العنف المفرط في بناء علاقة مستقبلية حسنة كمؤسسة وطنية وظيفية لها صلاحيات وقوانين وحدود في التعامل مع المواطنيين المدنيين.ان تكون نظاميا وتحمل سلاحا يعني انك مفوض من الشعب الذي يصرف عليك للدفاع عنه وحفظ امنه وكرامته وليس العكس بان تتحول الى جيش ناشر للرعب ومنتهكا للعرض وامن المواطنيين. القوات المسلحة التي تفعل ذلك لا بد وان تكون اجنبية او منتمية لدولة استعمارية لا تربطها وشائج مواطنة مع المدنيين.
الان نحن كمدنيين جميعنا تحت التهديد والازلال والعرضة للانتهاك. وليس امام هذه الحقيقة المخيفة سوى ان نتحد ونصنع دفاعاتنا المدنية المناسبة رغم قتامة المشهد وحدة الانقسام السياسي. المعركة الان ليست معركة سياسيين ينوبون عنا في الدفاع عن حياتنا ووجودنا، بل معركة مسؤولية عامة علينا خوضها بكل الأسلحة المتاحة.
لقد رفعت ثورة ديسمبر السلمية راية لها والتزم الثوار والثائرات بضوابطها وأدبياتها ، ولكن فان اللغة الجديدة من عنف الاجهزة النظامية اصبحت تذهب الى استفزاز كرامة الناس ووضعهم في خانة العدو وهو ما لا اعتقد انه سيقابل للابد وبصفة دائمة بالسلمية. فالناس يمكن ان تتحد تاكتيكاتها في شؤون ثورتها وتقر جميعا بعدم الاستجابة للعنف واتباع السلمية ولكن متى ما تجاوزت لغة العنف حدود استعمال السلاح الناري الى استعمال الاسلحة غير الاخلاقية كضرب المواطنيين واغتصاب النساء واستخدام السلطة دون قيود قانونية تستهدف كسر الكرامة فان ردود افعال الناس لن تجد لها ضامنا في السلمية وسيسود العنف المضاد وستراق الدماء دونما حساب باخذ القانون باليد. ترى هل يرمى الانقلابيون والقوى السياسية المدنية المتحالفة معهم الى زج الناس الى تلك الزاوية؟ ولمصلحة من يفعلون ذلك؟ هذه لحظة مفارقة في تاريخنا السوداني تستدعى تفعيلا في التفكير وافعالا مهمة في سبيل الخلاص من هذا الليل المدلهم والخطر الداهم.
الان ليس الخبر في ان الجهل يحكم بامثاله ونماذجه الحية الراجلة على ارض السلطة والممسكة بتلابيبها ولكن في الا يكون لجيش جرار من الخريجين السودانيين وحملة الشهادات العلمية الرفيعة ومن يصنفون انفسهم كصفوة ومثقفين الاثر العميق،الممتاز، الخلاق على السياسة والمجتمع بحيث يشكلون قيادة نابهة متحدة على المفاهيم الوطنية الايجابية المستجيبة لندائها الحضاري او ريادتها الفذة الارادات الاجتماعية مجتمعة وموحدة.
الانتشار على خطوط المصالح الفردية والطبقية، والتقزم ازاء ثقافة سياسية ومؤسسات سياسية معجبة بتاريخها، ضالعة في عبادة ذواتها، تدعى حيازة الحقيقة في تعايش خامل ، غير نقدي مع التراث والواقع لا يساعد في انتاج وتحرير تلك القوة الافتراضية او الكتلة التاريخية الذكية لصناعة الاستنارة وتحقيق النهضة الفكرية وبذلك يتحول اغلبية اولئك الخريجين وحملة الشهادات الرفيعه وخدام الثقافة الافتراضيين الى جنود للخيبة وعميان عن الاهداف الاستراتيجية لحياة مجتمعاتهم المتمثلة في صناعة واقع التنمية فيزحمون الآفاق ضجيجا، ويغرقون السلوك انانية، والتقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي خيانة مطلقة باغتيال بعضهم البعض وعرقلة ادائهم غير ابهين لحطام غطى الطريق العام للتطور بكل ما هو شائه ولئيم وشائك، وذلك هو واقع الفساد على اوجه، وعياره الموحش، ومطلق معانيه التي تغلق اكثر من نافذة امام الاكثرية الباحثة عن الحرية والسلام والعدالة باثمن واغلى وافدح التضحيات

صحيفة التحرير

‫2 تعليقات

  1. لا أعرف الكاتب ولم اقرا له من قبل وانا اقرا الصحافة الورقية منذ نعمومة اظافري في اوايل السبعينات من القرن الماضي ولكن أرى أن المقال ملي بالاحقاد والكراهية المتجزرة في نفس الكاتب وأمثاله من أصحاب العهر السياسي تجاه القوات المسلحة السودانية وكان حري بهذا الرجل ان يعالج الموضوع بطريقة مهذبة ومحترمة لكن التهجم بهذه الطريقة يدل على الحقد الدفين وبث بذور الفتنة بين الشعب والقوات المسلحة السودانية صمام الأمان لوطنا من الفوضي والبلطجة والخيانة والغذارة والانحطاط والوسخ الذي يمارسه البعض

    1. ومن قال لك انه يقصد القوات المسلحة ( الجيش ) !!! وهل القوة التي تمارس العنف الآن في شوارع الخرطوم والمدن الأخرى من الجيش ؟؟ هل القوة المسلحة التي أنزلت الفتاة من الحافلة وتناوبت على اغتصبابها أسفل كبري المسلمية هل هي من الجيش ؟؟؟ هل القوة التي قتلت الشاب طعناً ونهبت منه مئتا مليون جنيه هل هم من القوات المسلحة ؟؟؟ والتي ضربت معلمي نيالا داخل مدرستهم هل هم من القوات المسلحة ؟؟؟؟ وكثير من الجرائم اليومية التي يرتكبها المسلحون والمرتدون لزي الشرطة والحركات المسلحة الأخرى في شوارع الخرطوم يوميا … هؤلاء جميعاً ليس لهم علاقة بالقوات المسلحة السودانية ( الجيش ) ، والجيش لم يعطى تعليمات للتعامل مع هذه الظواهر السالبة التي يقوم بها آخرون … فيا أخي الحال واضح لكل ذي عقل … هذه سياسة مقصودة لذاتها والمقصود منها إرهاب الشعب كما فعل قبلهم بني كوووز في بيوت الأشباح بإدخال السيخ في ادبار الرجال وإغتصابهم وغرز المسامير في رؤوسهم… والكاتب شخص الحالة بوضوح … فماذا تريد منه ان يكتب … هل يطبل كما يفعل كتاب الكيزان المنتشين بهذه الأفعال طمعاً في العودة لحكم البلاد وتسليمها لعيسى كما قالوا ؟؟