دردشة سودانية من أستراليا
*هذه ليست المرة الأولى التي أزور فيها أستراليا، ولا أنسى كيف أنني كتبت عند زيارتي الأولى لها “كلام الناس”عن تداخل الليل والنهار في هذه السفرية الطويلة التي تمتد لقرابة العشرين ساعة، إستلهمت عنوانه من القران الكريم”يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل”.
*أوشكت على إعادة نشر ذات الكلام اليوم، لكنني عدلت عن ذلك لأنني لست من أنصار الذين يعيدون كتاباتهم من الأرشيف، وكنت أنبه الأعزاء الكتاب الذين كانوا يرسلون كتاباتهم التي نشرت في مناسبات ماضية – خاصة المناسبات الدينية -إلى الصحيفة، وأطلب منهم إعادة كتابتها مستصحبين المستجدات والمتغيرات الجديدة في الحياة اليومية والعالم المحيط بهم.
*لست في حاجة إلى القول بأن الحياة متجددة، حتى الروتينية، لأن الحياة كالنهر الذي تتجدد مياهه في كل حين، ولأن أسباب الدهشة الأولى قد انتهت بحسابات فروق الوقت المعروفة سلفا،لكن صدمة الدهشة الأولى كانت قد جعلتني أعود للمرجع القراني الذي لاينضب مهما تغير الزمان والمكان.
*تسببت الأتربة العالقة بسماء الخرطوم في اليوم المحدد لسفرنا في إلغاء عدد من السفريات لمختلف الخطوط الجوية إلى مختلف أنحاء العالم، ومن ضمن السفريات التي ألغيت سفرية طيران الاتحاد الأماراتية التي كانت ستقلنا إلى أبوظبي في طريقنا إلى سدني، وبحمد الله قامت في اليوم التالي في ذات الموعد بعد أن أضيف لها ركاب السبت الأمر الذي جعلهم يحضرون طائرة جامبو كبيرة لتستوعب ركاب اليومين.
*أردت القول بأن صدمة الدهشة الأولى إختفت هذه المرة وبدأت أحسب أسباب هذا التداخل الرباني الذي سخر لنا الكون والأفلاك بمشيئته، فقد تحركنا من الخرطوم يوم السبت في الثانية ظهراً وكانت الساعة في سدني تشير إلى الثامنة والنصف مساء، وعندما أقلعت الطائرة من أبوظبي في السابعة مساء بتوقيت أبوظبي، كانت في سدني الواحدة من صباح الأحد ١٤ مارس، وعندما وصلنا إلى سدني كانت الساعة تشير إلى الثامنة والنصف مساء الأحد، وهذا هو سبب التداخل في المواقيت الذي جاء في محكم التنزيل قبل علم الانسان المحدود رغم كل إكتشافاته التي زادت مع تطور الصناعات والإتصالات والمواصلات والتقنية الحديثة.
*هناك ملاحظة معروفة لكم جميعا لكنهاكثيرة الحدوث عند السودانيين، وهي حرصهم على حمل الحاجات السودانية، مثل “حاجات رمضان” بما فيها ” الشرموط” – اللحم المفروم المجفف، والدلكة والبخور والطلح و…. الخ من حاجات السودانيين السمحة ، خاصة عندما يزورون أهلهم في أصقاع الدنيا المختلفة، رغم علمهم بالمحظورات التي لايمكن تمريرها على ناس الجمارك في البلد المستهدف.
*ففي أستراليا مثلاً يمنع منعاً باتاً إدخال المواد التي بها بذور، والجلود، والمأكولات الجاهزة ، والأخشاب ذات اللحاء، ويبقى “السعوط” معضلة المعضلات الذي تسبب في توقف الكلاب البوليسيةأكثر من مرة عند حقائب بعض السودانيين الذين يحملون معهم مخزونهم الإستراتيجي المزاجي منه.
نورالدين مدني أبوالحسن
صحيفة التحرير