مقالات متنوعة

جامعة الخرطوم، الجميلة ومستحيلة،،، إلى أين ؟!

نهى محمد الأمين أحمد
nuha25@yahoo.com

طالعت بالأمس في الفيس بوك؛ مذكرة لأحد أبنائنا، طالب بكلية الهندسة (العمارة)، السنة الأولى، يتقدم في مذكرته بشكوى ضد أحد الأساتذة في الكلية، ويسرد في مذكرته كيف أن الأستاذ ومنذ الوهلة الأولى كان عدائياً مثبطاً للهمم، حيث أنه سأل سؤالاً في أول محاضرة له، وأجاب هو إجابة خاطئة فأخبره الأستاذ أنه في حياته لم يسمع أغبى من هذه الإجابة، وقام بطرده من المحاضرة، وأخبرهم منذ الوهلة الأولى أنهم لم يدخلوا إلى كلية الهندسة، بل دخلوا إلى الجحيم، وكان صادقاً تماماً في ذلك، فقد تفوق الأستاذ، المربي الكريم، الحاصل على أعلى الدرجات العلمية، تفوق في أن يحيل حياة هذا الطالب إلى جحيم، بين طرد غير مبرر من المحاضرات، إلى الاستفزاز اللفظي وطلبه منهم صراحة أن يذهبوا لكليات أخرى، وحين كلفهم ببحث، قال إنه سيقوم بتمزيق البحث الذي لا يعجبه.
لم يقف الأمر عند ذلك الحد للأسف؛ بل بذل الأستاذ المحترم قصارى جهده لجر الطالب إلى الشجار وانحدر إلى درك (تعال لاقيني في الميدان).
لا أخفيكم سراً ، لقد فغرت فاهاً، امتلأت غبناً وحسرة، جامعة الخرطوم، منارة العلم في السودان، جميلتنا المستحيلة التي ظلت دوماً شهادتها التي تحصلنا عليها وساماً نتقلده بفخر، أيعقل هذا ؟؟
هل انحدرت إلى هذا الدرك الأسفل؟؟
هل هذا هو المستوى الأخلاقي لهيئة تدريس أحسن جامعة في السودان؟ والتي كانت وحتى الأمس القريب واحدة من أميز الجامعات حتى على مستوى العرب، أفريقيا والعالم؟؟
والقصص كثيرة عن أبرز جامعات العالم والتي يكفي فقط أن تبرز لها شهادة تخرجك من جامعة الخرطوم ليتم قبولك دون قيد أو شرط.
أعلم يقيناً أن (القلم ما بزيل بلم) وأن التربية القويمة، السلوك والأخلاق الحسنة ليس لها علاقة بالتعليم، وكم من آبائنا الأميين الذين كانوا مثالاً لمكارم الأخلاق والقدوة.
حقيقة القول أنا بتجرد، لا أستطيع إلقاء اللوم كلية على الأستاذ، فربما كان مصاباً بواحد من الأمراض النفسية أو المتلازمات العصبية التي تظهر أعراضها في مثل ذلك السلوك الشاذ والمعيب، فقد فشلت صراحة في تقبل أن إنساناً في كامل قواه العقلية، حباه الله نعمة التعليم والاستنارة، حتى وصل إلى قمة الهرم الأكاديمي، يمكن أن يأتي بمثل هذه التصرفات المخزية، وليس على المريض حرج، ولكني أوجه اللوم كل اللوم إلى عمادة كلية الهندسة وإدارة الجامعة التي تغض الطرف وتصمت عن مثل هذا، فقد أورد إبننا الطالب في مذكرته أنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها هذا الأستاذ جر الطلبة للشجار.
أعي تماماً أن المجتمع ليس مثالياً، وأن هنالك الكثير من النقائص عند البشر، وجميع من ارتاد مؤسسات التعليم من المدرسة وإلى الجامعة، يحمل في ذاكرته قصصاً عن أساتذة تربصوا ببعض الطلاب، ومنهم من نجح للأسف في دفع الطلاب إلى مغادرة الكلية، الجامعة أو حتى مقاطعة التعليم من أساسه، ولكن أن يكون ذلك في أكبر صرح تعليمي في البلاد، وفي واحدة من أميز الكليات، فالجريمة تصبح أفدح، وذلك ينبئ عن كارثة حقيقية علينا مواجهتها، إلى جانب كل الكوارث والمحن الأخرى التي نواجهها الآن نحن كشعب سوداني،،،
من هذا المنبر أتوجه للأستاذ الدكتور عميد كلية الهندسة، والأستاذة البروف مديرة الجامعة، إلى فتح تحقيق فوري مستفيض في هذا الأمر، وتمليك الناس حقيقة ما جرى في هذا الأمر، ورد الحق إلى أصحابه قبل أن يجتمع عند الله الخصوم،،
والأهم من ذلك الإسراع في التقاط جامعة الخرطوم، منارة العلم والعلماء من الهوة السحيقة التي تكاد تسقط فيها.

صحيفة اليوم التللي
استغفر الله العظيم من قبل ومن بعد،،،