التغيير لم يأتِ بعد .. السينما تعود إلى عهد المنع!!
معاناة قطاعي السينما والمسرح لم تكن وليدة حكم المخلوع عمر البشير، لكن حدة وتيرتها ارتفعت إبان اعتلاء الإسلاميين سُدة كم البلاد، وبالضرورة فإن المسرح والسينما والفنون عموماً لا تنتعش إلا في أجواء ديموقراطية فكانت للدكتاتوريات المتعاقبة على الحكم الوطني دور سالب في ذبول وردة الفن.
معركة البقاء
وبحسب النقاد والباحثين فإن السينما بالبلاد تخوض معارك البقاء منذ 109 عاماً، ففي العام 1912م دخلت السينما السودان مع قوات الاحتلال البريطاني، حيث شهدت مدينة الأبيض عرض أول فيلم وثائقي قصير يوثق لافتتاح خط سكة حديد لربطها بالعاصمة، لتشهد صناعة السينما في البلاد بعد ذلك مراحل مُتغيرة بين الازدهار والذبول، علاوة على القيود المُجتمعية التي ظلت تُواجهها بجانب المتاريس البيروقراطية والسياسية خلال 30 عاماً مضت حيث صار تصوير فيلم سينمائي من الجرائم التي تصل عقوبته السجن والغرامة والمصادرات.
الخرطوم والأوسكار
وبرزت 5 أفلام سودانية بقوة مؤخراً بعد سنوات من الحرب التي شهدت صناعة السينما السودانية التي كانت مزدهرةً في الماضي بقيادة المخرج السوداني الرائد جاد الله جبارة، بعد أن أجبرت حكومة البشير صالات السينما التي كانت ملكاً للدولة على الإقفال أو التصفية.
ففي العام 2019م شهدت السينما في السودان انفتاحاً كبيراً نحو العالم بحصدها العديد من الجوائز بالمهرجانات العالمية حيث فاز فيلم “الحديث عن الأشجار” للمخرج صُهيب قسم الباري على عدد من الجوائز في المهرجانات الدولية بينها مهرجان “برلين السِّينمائي الدَّولي التَّاسع والسِّتين”، بجانب فيلم “ستموت في العشرين” للمخرج أمجد أبو العلاء، والذي فاز بجائزة Luigi De Laurentiis في مهرجان البندقية السينمائي وجائزة النجمة الذهبية في مهرجان الجونة وجائزة أفضل نص في مهرجان قرطاج، علاوة على فيلم “تسلُّل الخرطوم” والذي يروي قصَّة أوَّل فريق نسائي لكرة القدم في العاصمة، والذي قامت بإخراجه مروة الزَّين، وأظهر أنَّ النِّساء السُّودانيَّات شاركن أيضاً في النهضة السينمائية، وفيلم 4 أمتار ونصف من إخراج وسيناريو ليلى إبراهيم، وغيرها من الأعمال.
وباء السينما
ليعود وباء صناعة السينما بالبلاد إلى الواجهة مرة أخرى جراء عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي بالبلاد، بعد أن أصبح واقع السينما مُختلفاً بعض الشيء خلال السنوات الأخيرة.
ويقول استشاري الأمراض النفسية والعصبية، البروفيسور علي بلدو في حديثة لـ(اليوم التالي) إنه تعرض لإيقاف مسلسله (بيت الجالوص) من قبل النظام البائد بسبب تناوله قضايا الفساد والرشوة، إلى أن العمل تم بثه في رمضان المنصرم، وتابع: للأسف وفي هذا العهد أيضاً تم منع مسلسلي “الخازووق” من البث، لذات السبب، مما يعني أنها لم تسقط بعد!!
السينما المستقلة
وفي حقب ماضية بعد أن لم يجد الشباب الهواة مكاناً لعرض أفلامهم السينمائية القصيرة إلا على “يوتيوب” لتمكن جيل من الشباب السينمائيين من تشكيل “تيار السينما المستقلة” التي تتصف بالجرأة، وتطمح في الوصول إلى مستوى مثيلاتها من الأفلام على مستوى الساحة العربية.
الخرطوم: مهند بكري
صحيفة اليوم التالي