أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

بنك السودان المركزي.. الكشف عن مخاطر تضر بالإقتصاد

كشف بنك السودان المركزي علي موقعه الرسمي، عن مخاطر حقيقية تضر بالاقتصاد السوداني، في مقدمتها زيادة عرض النقود التي تؤدي إلى زيادة معدلات التضخم والاسعار والغلاء، وتراجع حجم الودائع المصرفية والتى تعكس تراجع الثقة في البنوك، وهروب الأموال خارج الجهاز المصرفي مما ينذر بحدوث زيادة في المضاربات في الدولار والسلع والخدمات لتحقيق أرباح فقد أصحاب تلك الودائع تحقيقها عبر البنوك.

وحذر خبراء اقتصاديون ، من مغبة الآثار السالبة لزيادة عرض النقود بنسبة 21% في شهر ابريل الماضي، بجانب تراجع حجم الودائع المصرفية بالبنوك والتى تضر بالاقتصاد بزيادة التضخم والغلاء وتراجع الثقة في البنوك، بجانب تهيئة المناخ الي مضاربات متوقعة في الدولار واسعار السلع والخدمات.

وطالب الخبراء بنك السودان المركزي، بضرورة اتباع سياسات جديدة لتحجيم الطلب على النقود، والاستيراد، وتشجيع الإنتاج للصادر.

حقائق صادمة
وكان بنك السودان المركزي قد نشر في موقعه الرسمي بالارقام أداء أهم المؤشرات في القطاع النقدي والقطاع الخارجي وسعر الصرف ومعدل التضخم وتدفق ورصيد التمويل المصرفي بالعملة المحلية حسب القطاعات خلال الفترة من الاول من ابريل هذا العام وحتى الثلاثين منه.

وأظهرت المؤشرات ان عرض النقود ارتفع من 3,820,363 في مارس الى 3,983,689 مليون جنيه ابريل الماضي بمعدل نمو بلغ نسبته 20.8% ، بينما انخفض إجمالي الودائع بجميع أنواعها (الجارية، والاستثمارية) فى ابريل الى 2,398,793.8 مليون جنيه مقارنة بمارس 2,409,313.6 مليون جنيه.

وبالنسبة للتمويل المصرفي خلال الفترة (1 -30/04/2022) بلغ المتوسط الترجيحي لهوامش أرباح المرابحات 23.8 ٪ونسب المشاركات 57.5٪ (فيما يتعلق بنسب التضخم فقد إنخفض معدل التضخم من 263.1 ٪ بنهاية مارس 2022م إلى 220.7 ٪ بنهاية أبريل 2022م .

تدفق التمويل
ونشر موقع البنك فى اخر نشراته الدورية التى تصدر عن إدارة الإحصاء مؤشرات تدفق التمويل المصرفي لقطاعات الزراعة والصادر والنقل والتخزين والتجارة المحلية والطاقة والتعدين والتشييد والعقارات والإستيراد، وعدد من القطاعات الأخرى، وموقف التعامل في الأوراق المالية وميزان المدفوعات وموقف السيولة

تاثر الاقتصاد السوداني
ويري دكتور محمد سرالختم الخبير الاقتصادي وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة أمدرمان الإسلامية الاسبق، أن الإقتصاد السوداني سيتأثر سلباً بزيادة عرض النقود بهذه النسبة الكبيرة التي أعلن عنها بنك السودان المركزي والبالغة 21% خلال شهر ابريل الماضي، حيث ستؤثر زيادة عرض النقود علي زيادة أسعار السلع والخدمات وزيادة معدلات التضخم، وزيادة معاناة المواطنين ، كما تؤدي إلى زيادة المضاربات في الدولار والسلع الأساسية.

واضاف دكتور محمد سرالختم: تراجع حجم الودائع المصرفية مؤشر خطير علي فقدان وتراجع الثقة في البنوك نتيجة لضعف العائد على أصحاب الودائع المصرفية من أرباح الأمر الذي سيضطر أصحاب الودائع المصرفية الي سحبها من البنوك والعمل على المضاربة بها في شراء المعروض من السلع والخدمات أو الدولار لتحقيق أرباح، مما يؤثر سلباً على اسعار السلع والخدمات وزيادة معدلات التضخم وخلق مضاربات في اسعار الدولار تضر بالاقتصاد السوداني وتؤثر على سعر صرف الجنيه السوداني وفقدانه لقيمته التبادلية أمام العملات الأجنبية.

لا حلول في الأفق
وحول فرص الحل لتجاوز تداعيات الآثار الاقتصادية لزيادة عرض النقود وتراجع حجم الودائع المصرفية علي الإقتصاد السوداني ومعاش الناس أكد الدكتور محمد سرالختم الخبير الاقتصادي، أنه لا توجد فرص للحل في الأفق لتجاوز الوضع الراهن، نتيجة لعدم وجود جهة مسؤولة عن إدارة الإقتصاد السوداني.

واضاف: الآن مافي جهة مسؤولة عن إدارة الإقتصاد السوداني، وما في جهة تتم محاسبتها علي الأخطاء، بل ما في جهة تخطط لإدارة الاقتصاد، وبالتالي ليست هناك أفق للحل.
زيادة طباعة العملة

وفي ذات السياق يري محمد نور كركساوي الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية يقوي الحرية والتغيير (نيار الوسط)، انه بناءا على تقرير بنك السودان خلال شهر أبريل الماضى لهذا العام ٢٠٢٢م ، يظهر التقرير بأن هنالك ارتفاع فى عرض النقود بنسبة ٢١% تقريبا اى زيادة فى الكتلة النقدية عن المخطط له فى الموازنة وهى الاستدانة من الجهاز المصرفى ، هذا يتناقض مع انخفاض نسبة التضخم من ٢٦٣% لشهر مارس إلى ٢٢٠% فى شهر ابريل الذى يليه مع تراجع حجم الموارد وتمويل القطاعات الحيوية المنتجة ؟

لان سياسة عرض النقود تحتاج إلى حزمة من الإصلاحات وبيئة اقتصادية مستقرة قبل تنفيذها على مستوى الاستقرار السياسى ، الأمنى، الادارى والقانونى وهذا ما لم يتوفر منذ أكتوبر ٢٠٢١ الماضى وحتى اليوم.

تأزم الوضع الحالي
واضاف: ان حساب نسبة التضخم قد تكون ميكانيكية وقد تكون حقيقية فهى تعتمد فى الأساس على متوسط مجموعة اسعار السلع والخدمات الأساسية لنفس الشهر وبحسب البيانات السابقة فقد كان عدد قاعدتها بحدود تسعة اما اليوم فلا ندرى ماهية الأسس القاعدية التى تم احتسابها بها.
ومضي كركساوي الي القول : فإذا أستمر الحال هكذا دون إصلاحات جادة فإن الوضع الاقتصادي سوف يتازم أكثر ربما نصل إلى مرحلة إفلاس الدولة.

تأثر السيولة بالبنوك
وفي السياق نفسه يري دكتور هيثم محمد فتحي الباحث الاقتصادي، أن العامل الأساسي الذي يؤثر على قدرة البنوك في توفير التمويل للاقتصاد بكافة قطاعاته هو توفر السيولة لديها، وما يؤثر على السيولة بالمقام الأول هو نمو الودائع بمختلف أشكالها لأنها المكون الرئيسي للسيولة في الاقتصاد، و دون ما يؤثر على الودائع هو حجم النشاط الاقتصادي وحجم التحويلات والمساعدات وإيرادات الصادرات، والأهم من ذلك هو منح الائتمان من البنوك وغيرها من المؤسسات المالية، فكل قرض أو تمويل جديد هو وديعة جديدة تصب في مكونات السيولة.
واضاف هيثم محمد فتحي: هناك ضغوط كثيرة أثرت علي تراجع الودائع المصرفية منها الارتفاع الملحوظ في الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة إلى تقلبات الأسواق المالية في الدول الناشئة؛ مما أدى إلي ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط علي الميزان الخارجي.

قدرة البنوك علي ايجاد النقود
ونوه دكتور هيثم الي أن ودائع البنوك ترتفع بسبب زيادة القروض التي تقدمها البنوك لجميع العملاء من شركات وجهات حكومية وشبه حكومية، وهذا هو صلب عمل البنوك، وهو ما يعرف بقدرة البنوك على إيجاد النقود من لا شيء.

ومضي الي القول : ارتفاع الودائع المصرفية ليس بالضرورة إيجابيا ولا سلبيا، وهو ينتج بسبب عمليات الإقراض التي تقوم بها البنوك لجميع العملاء، وبالتالي لمعرفة ما إذا كان نمو الودائع إيجابيا أم سلبيا، علينا معرفة أسباب الاقتراض.

واضاف : في الاقتصادات الحديثة تعد عملية نمو الائتمان والتوسع في الاقتراض أمرا محمودا إذا كانت نسبة كبيرة من هذه القروض يتم توجيهها إلى طرق استثمارية وتنموية، وليس فقط بهدف سد الاحتياجات الاستهلاكية المعيشية.

لابد من منهج سليم تتبعه
المصلرف السودانية عند ارتفاع معدلات التضخم بحيث لا يؤدي إلى هبوط الأرباح الحقيقة للودائع الاستثمارية كما لا يؤدي إلى تأكل رأس مال المصرف .

تقريرST