الحديث مجدداً عن خصخصة شركات الجيش
إبان مشاركته في اجتماعات البنك الإسلامي للتنمية بشرم الشيخ بمصر، صرح الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والاقتصاد السوداني، بأن الحكومة السودانية في طريقها لإغلاق الكثير من الشركات المملوكة للدولة، وعددها 650 شركة، وخصخصة شركات أخرى. وقال إنه سيتم طرح جميع الشركات التجارية للاكتتاب العام، باستثناء تلك التي تنتج أسلحة، وسوف يحدث ذلك قريباً.
الكثير من المحللين استندوا الى هذا التصريح ليستخلصوا أن الحكومة بصدد خصخصة شركات الجيش، طبعاً التحليل غير دقيق، ولا يعبر بدقة عن مرامي تصريح الوزير، الذي بتقديري يشير لخطة مستقرة في الاقتصاد السوداني من زمن طويل، تقضي بتخلص الحكومة من عدد من الشركات الحكومية التي تمثل عبئاً على المالية العامة لا إضافة إليها. وهي خطة دأبت على التوصية بها بعثات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي منذ فترة الحكم السابق.
غير أن مثل هذا التوجه الاقتصادي، الذي يمكن أن يتم تأييده أو معارضته باقتراح سياسات اقتصادية مخالفة له، سرعان ما يتحول في السودان إلى أداة من أدوات الصراع السياسي، حيث يتم في المجتمع السياسي السوداني الحديث حول شركات الجيش في اتجاهين الأول ينادي بتفكيك منظومة الصناعات الدفاعية (شركات الجيش) بوصفها مشوهة للاقتصاد وداعمة لحكم العسكر، وهذا في الأغلب اتجاه مدعوم من قبل مخابرات ودول معادية لها أهداف استراتيجية ترمي للسيطرة على الاقتصاد والجيش السوداني.
الاتجاه الثاني يدور حول تطوير عمل المنظومة من خلال تحويل شركاتها، بخلاف المتخصصة في إنتاج الأسلحة، لشركات مساهمة عامة تسجل في سوق الخرطوم للأوراق المالية والأسواق الإقليمية الأخرى، وبالتالي تكون لها فرص واسعة في الحصول على تمويلات وشراكات مختلفة، تمكنها من خدمة الاقتصاد السوداني وتطوير موارده. وهذا اتجاه محمود فيه فائدة للاقتصاد والمساهمين الذين يمكن أن يكونوا مجموعة واسعة من المواطنين المقيمين والمغتربين. وهذا اتجاه نؤيده ونرى فيه الحل الأمثل.
إن منظومة الصناعات الدفاعية مجموعة اقتصادية تضم عدداً كبيراً من الشركات والأنشطة، بعضها دفاعي بحت متعلق بالمركبات والطائرات الحربية والأسلحة والذخائر المختلفة، والآخر متعلق بمجالات اقتصادية تشمل الزراعة والصناعة والخدمات.
أغلب شركات المنظومة تحقق نجاحاً وأرباحاً مقدرة، ونالت بعض النماذج في الصناعات الحربية البحتة جوائز إقليمية ودولية ووجدت فرص تصدير للخارج.
تحقيق النجاحات في المنظومة يعود لسببين: الأول كفاءة الإدارة ، والثاني العنصر البشري المتميز المستوعب لدى المنظومة. في هذه المرحلة الحساسة من عمر البلاد ليس من الحكمة التوجه نحو خصخصة شركات الجيش، لأن وزارة المالية سوف تعجز عن تلبية احتياجات الجيش، فضلاً عن أن عدداً من الشركات رأس مالها مكون من استقطاعات من معاشات الضباط والصف.
والله الموفق.
د/ عادل عبد العزيز الفكي
صحيفة اليوم التالي