محمد عبد الماجد يكتب.. ميادة ظهرت!
(1)
هناك شخصيات في السينما العربية ارتبطت بالقيام بادوار محددة، واقترنت في ذهنية المشاهد العربي بـ (النمطية) التى اشتهروا بها في تجسيد شخصيات معينة.
مثلاً اشتهر كل من محمود المليجي وتوفيق الدقن وعادل ادهم بادوار (الشر) وأبدعت امينة رزق في دور (الام) رغم انها حرمت من هذا الاحساس في الواقع، اشتهر طارق الدسوقي في ادوار (ضابط الشرطة)، كما اشتهر الممثل عادل امين في ادوار (المحامي)… واشتهر حمدي الوزير بشخصية (المغتصب) فهو اشهر مغتصب في السينما العربية.
نذكر في العهد البائد وضمن افراد القوات الامنية كان هناك من يقول في المحكمة ان وظيفته هي (مغتصب)، هكذا هي التسمية الوظيفية له.
في السودان اشتهر الطيب الشعراوي بدور الرجل (الخوّاف) ، واشتهر جمال حسن سعيد في ادوار الرجل (المديون)، واشتهر محمد نعيم سعد في اداور الرجل (المزهلل) … ووضع الاستاذ مكي سنادة علامة فارقة في شخصية (السكير) الذي جسد شخصيته في مسرحية (خطوبة سهير) فأصبح ذلك الدور (ماركة مسجلة) للعربيد، يقاس عليه في ارض الواقع.
في السياسة السودانية هناك شخصيات ظلت تقوم بنفس الدور في كل الحكومات وهي تجسد (الطرف الاخر) الذي يصنع خصيصاً لخدمة اهداف (الطرف الحاكم).
هناك شخصيات سياسية ظلت تقوم بدور (الحوار الوطني) مع أي حكومة وفي أي وقت .. ادمنوا تلك الادوار ولو كان الحوار مع العدو الاسرائيلي من اجل (التطبيع).
هم شخصيات (حوارية) بطبيعة الحال – لا يحسنون شيئاً غير ان يكونوا في (منصات الحوار) وان كان ذلك (شكلياً).
مبارك الفاضل لم يعرف ان يتخلص من دور (الكومبارس) بسبب نشأته مع الامام الصادق المهدي وتحت قبته وعباءته، ليظل يقوم بتلك الادوار (الهامشية) في حياته كلها، وهو يعاني من عقدة اداور (البطولة).
ازمة مبارك الفاضل .. هي ازمة (بطولة).
مساعد الياي لا يمكن ان يصبح ياي .. والكومبارس لا يصلح ان يكون بطلاً.
(2)
الحكومة الانتقالية (النسخة الانقلابية) بدأت من حيث انتهت حكومة الانقاذ – وذلك ليس في (ايجابيات) الانقاذ ان كانت هناك ايجابيات وإنما ذلك كان فقط في السلبيات.
بدأوا من حيث انتهت الانقاذ في القتل والقمع والفساد والحوار (الصوري) و (الديكوري).
عندما شاهدت صورة منصة الحوار للمحادثات المباشرة بين الأطراف السودانية (الكروتنية) التى هي اصلاً جزء مع الحكومة بتيسير من الآلية الثلاثية ممثلة في “الاتحاد الافريقي، الايقاد، يونيتامس” والحكومة السودانية ، عادت بي الايام الى ما كان يحدث في الايام الاخيرة لحكومة الانقاذ.
نفس الشيء.
انهم يستعملون نفس (المخدر الموضعي) الذي كان يستعمل في العهد البائد.
الحوار الوطني والوفاق الذي كانوا يحدثونا عنه في العهد البائد يظهر الآن بنفس الصورة ، حتى اننا لا نستبعد ان يظهر في الايام القادمة (حوار الوثبة) طالما يسيرون على نفس الخطى – ومع نفس الشخصيات.
قد تشاهدون مبارك الفاضل (واثباً) فهو افضل من يثب على ارض الواقع ضد الواقع.
وثبة النظام البائد اسقطته.
الحوار الوطني في العهد البائد لم يسفر عن شيء إلّا (سقوط النظام) فلماذا يجرب النظام الحالي نفس الدواء الذي كان سبباً في سقوط النظام البائد؟
ميادة سوار الدهب التى ظهرت في منصة حوار الحكومة الانقلابية بنفس الهيئة التى كانت قد ظهرت بها في الحوار الوطني مع النظام البائد – لم يتغير فيها شيء حتى على مستوى (اللبسة) و(المحنة) التى كانت قد ظهرت بها في السابق.
الحوار مع ميادة سوار الدهب لا يمكن ان ينتج اكثر من مشروع (كوافير) نساء، او محل للملبوسات الجاهزة … ليس عند ميادة سوار الدهب اكثر من ذلك… وهذا ما انتهى اليه الحوار في العهد البائد.
حكومة الانقاذ انتهت بالحوار مع ميادة سوار الدهب عندما فقدت كل شيء – وحكومة الانقلاب الآن تبدأ من ميادة سوار الدهب فهذا اقصى مدى لها ، في ظل الفراغ الذي تعاني منه الحكومة (فكرياً).
الانقاذ لم تلجأ لميادة سوار الدهب إلّا بعد ان ترنحت السلطة وتفككت وتساقطت … وليس هناك سقوط اكثر من ان تستعين السلطة الحالية بميادة سوار الدهب فهذا دليل ترنح.
(3)
الفصل الاخير في مسرحيات العهد البائد كان في الحوار الوطني وحوار الوثبة … الغريب ان هذه الاشياء هي الفصل الاول في مسرحيات هذا النظام.
مناوي وجبريل ابراهيم ومبارك اردول (جزء من النص المفقود) الذي كان في حوارات النظام البائد.
يبتسمون الآن ويضحكون وهم في منصة الحوار الوطني لأن الدور يستوجب منهم ذلك.
السلطة عندما تقوم بالقمع والقتل تكون في حاجة ملحة الى ما يجمّل نفسها ويجعلها تشعر بشيء من الراحة من خلال الظهور في منصات للحوار.
الشكليات احياناً تكون لإخفاء المضمون.
حميدتي في منصات الحوار يبدو مثل الممثل التراجيدي الذي يقوم بدور كوميدي لا يتوافق معه في مسرحية سخيفة.
قد تضحك من ذلك ليس للإجادة ولكن للمفارقة – تضحك على ولا تضحك من.
(4)
بغم /
لن ينعدل الحال اذا لم نتخلص من الطفيليات السياسية. الطفيليات التى تعرف انها لن يكون لها دور إلّا عن طريق الانتهازية.
هناك كائنات تتحرك فقط في الظلام – لا تعرف العيش في النور.
قيادات الحركات المسلحة يعلمون انهم اذا فقدوا (سلاحهم) فلن يعرفوا السيطرة حتى على حرسهم الشخصي.
في الفوضى يكسب ويربح صاحب الضجيج الاعلى .
لهذا فان مصلحة هؤلاء تبقى فقط في هذا الفساد.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة