منوعات

«خطافة الرجالة» و«خرابة البيوت».. الزوجة الثانية بين الأمل في حياة جديدة واتهامات المجتمع

«خطافة الرجالة» و«خرابة البيوت»، وغيرهما من الألقاب العديدة التي عادة ما تلاحق المرأة التي قررت أن تكون زوجة ثانية، حتى وإن لم يستمر هذا الزواج، فستظل هذه الوصمة تلاحقها أينما كانت وذهبت، ووسط كل هذه الاتهامات التي تلقى على «الزوجة الثانية» من كل حدب وصوب يبقى السؤال الأهم: «ما الذي يدفع بعض السيدات لتكون في نظر المجتمع تلك المرأة التي سعت لهدم بيت أفنت امرأة أخرى عمرها بأكمله لبنائه؟»، بحسب هذه الاتهامات.

رزق ساقه الله لي

في العام 2016، تقدم «محمد» (اسم مستعار) لخطبة «سهير»، التي لم تتردد ولو ثانية واحدة في الموافقة عندما وجدت به جميع المواصفات التي تحلم أن تكون في زوجها المستقبلي.. تلك الصفات التي جعلتها تتغاضى عن ارتباطه بزوجة أولى وأسرة وحياة كاملة ستكون هي دخيلة عليها.

تقول «سهير» خلال حديثها لـ«المصري اليوم»، إن زوجها هو رزق ساقه الله لها، وهي والزوجة الأولى كلتاهما كانتا قسمة لرجل واحد، ولكن بترتيب مختلف، قائلة: «الحكاية كلها نصيب».

وأوضحت أنها لا تكترث لما يقوله الناس من حولها، لأنها لم تسع لخراب بيت أو أخذ رجل من زوجته، بل كل ما تهتم به هو أن تتقي الله في زوجها وفي معاملتها له.

الزوجة الثانية بين شرع الله ونظرة المجتمع
«دي حاجة شرعها ربنا»، بهذه الجملة بدأت «سمر» (اسم مستعار) حديثها عن زواجها من رجل متزوج، مضيفة أنه عندما تقدم زوجها لطلب يديها لم تهتم بأن هناك زوجة أخرى، ولم تتخوف من فكرة حدوث خلافات فيما بعد أو أن يكون هذا الزواج مصيره الفشل، إذ أن الرجل هو الذي يستطيع أن يسيطر ويتحكم في علاقة الزوجة الأولى بالثانية، وفقًا لما قالته لـ«المصري اليوم».

واجهت «سمر» أثناء إقدامها على تلك الخطوة- التي ترى أنها شرع أباحه الله والدين لها- رفضا كبيرا ليس فقط من المجتمع بل من أقرب الأقربين لها، إذا قوبل تقدم زوجها لخطبتها بالرفض من قبل أهلها بعد علمهم بأنه رجل متزوج، ولكن أراد القدر أن تنتصر قصة الحب التي كانت تجمعهما على ما يرفضه المجتمع والناس.

وأوضحت أن حب زوجها لها جعله يحاول جاهدًا إقناع أهلها لقبولهم هذا الزواج، حتى وافقوا في نهاية الأمر، مشيرة إلى أن أمر زواج المرأة من رجل متزوج يخصها وحدها، وهى من تقرر ما إذا ستكون سعيدة بهذا الزواج أم لا، لذلك لا دخل للمجتمع بهذا الأمر.

الزوجة الثانية من الحب إلى الندم
في عمر الـ17 عامًا، عندما بدأت «ندى» (اسم مستعار)، حياتها المهنية بعد أن تركت التعليم لظروف عائلتها، لم تكن تعلم بأنها ستعيش قصة الحب التي تحلم بها كل فتاة ولكن ستجعلها تحمل لقب «الزوجة الثانية».

صغر عمرها وحبها للرجل الذي وقعت في غرامه منذ لقائهما الأول، كانا الدافعين الأساسيين لها لتكون زوجة ثانية دون الاهتمام بما سيقوله المجتمع، قائلة: «كنت صغيرة واتعلقت بيه جدًا وكان طيب وحنين قوي معايا ومع أهلي».

تقول «ندى» إنه في بداية الأمر حاول زوجها إقناعها بالزواج منه، مبررًا فشل زواجه الأول بأن علاقته بزوجته الأولى ليست على ما يرام، لذلك لم تتردد ووافقت على الفور، ولكن ما إن تزوجت حتى تحول حبها الكبير إلى ندم شديد، إذ تصف حياتها كزوجة الثانية قائلة: «الزواج كان كويس لحد السنة الرابعة بس، ومن بعده ماشوفتش هنا في حياتي».

وأوضحت أن تلك الحياة السعيدة انقلبت رأسًا على عقب بعد علمها بأنها حامل بفتاة، وهو الحلم الذي كان ينتظره زوجها منذ سنين بعد أن أنجبت له زوجته الأولى الذكور فقط، هذا ما أثار غيرة الزوجة الأولى التي سرعان ما بدأت تقتحم حياة «سمر» لإقناعها بأنه سيتزوج عليها، مثلما فعل معها من قبل وأدخلت الشك في عقلها حتى قلبت حياتها لجحيم، بعد أن تسبب هذا الشك في إقدام الزوج على ضربها وإهانتها وهجران منزل الزوجية لأسبوع كامل.

كل هذا دفع «ندى» صاحبة الـ26 عامًا، لطلب الطلاق بشكل شبه يومي ولكن رفض الزوج لهذا الأمر بسبب حبه لها وخوفها من أن يكون الشارع هو الملجأ الوحيد لابنتهما بعد الانفصال، أوقف هذا الطلب المتهور، خاصة أنها ليس لها مأوى ولا مصدر دخل تستطيع أن تعتمد عليه بسبب تركها لعملها بعد أن طلب منها زوجها ذلك قبل الزواج.

الهروب من لقب «مطلقة» إلى لقب «الزوجة الثانية»
يختلف وضع «منى» (اسم مستعار)، عن من سبقوها، إذ أن الهروب من الوصم المجتمعي لها لأنها مطلقة كان السبب في قبولها دون تردد بأن تكون زوجة ثانية، تلك التجربة التي وصفتها بالـ«فاشلة»، إذ دائمًا ما تكون أولوية الرجل للزوجة الأولى وقناعاته كلها تدور حول أنه من المفترض على الزوجة الثانية أن تتنازل حتى تستمر حياتها الزوجية، وفقًا لقولها.

تقول «منى» لـ«المصري اليوم»، إنها بعد انفصالها عن زوجها الأول والذي نتج عنه طفل، كانت تظن أن زواجها من رجل متزوج بالفعل سيساعد في تقبله لوضعها وظروفها التي ستحتم عليها وجود ابنها معها في الكثير من الأحيان.

عكس الحالتين السابقتين، أوضحت «منى» أنها لم تجمعها قصة حب بزوجها الحالي، ولكن تحكم أخواتها بها ورفضهم لعملها بعد طلاقها كان السبب وراء قبولها الزواج من رجل متزوج حتى تتثنى لها الفرصة للعمل وإيجاد مصدر دخل.

ورغم أنه منذ اللحظة الأولى من زواجها لم تنعم «منى» بحياة سعيدة، إذ أن المشكلات واهتمام الزوج بزوجته الأولى بشكل أكبر بدأ مع بداية الزواج، حتى أصبح الزوج يعيش بمدينة مع زوجته وهى وأبنائها في مدينة أخرى ولا يجتمعون إلا كل شهرين أو ثلاثة أشهر، مضيفة أن عدم الاستقرار هذا دفعها إلى إنجاب طفل واحد فقط من زوجها الحالي، ولكن مع كل هذا لا تستطيع طلب الطلاق خشية نظرة المجتمع لها بعد أن تصبح «مطلقة» مرتين، كذلك خوفها للعودة للحياة من أخواتها مرة أخرى والتحكم بها وبحياتها يحول بينها وبين طلب الطلاق، وفقًا لما ذكرته.

رأي دار الإفتاء عن تعدد الزوجات
من جانبها، قالت الأمانة العامة لدار الإفتاء المصرية، إن الأصل في الشريعة الإسلامية الزواج بواحدة وليس التعدد، وإنما أُبيح للرجل الزواج مرة أخرى على خلاف الأصل عند الحاجة.

وأضافت، في منشور لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنه من المعلوم أن الإسلام لم يأت بتعدد الزوجات، بل جاء بالحد منه، حيث كان شائعًا في الجاهلية تزوج الرجل بمن شاء من النساء دون تقيد بعدد معين.

وأوضحت أنه من المعلوم أنه لم يرد في القرآن، أو السنة ما يدل على أنه يجب على من تزوج واحدة أن يتزوج بأخرى، وإنما أُبيح للرجل الزواج مرة أخرى على خلاف الأصل عند الحاجة، لما فيه من المنافع، فتعدد الزوجات ليس مقصودًا لذاته، ولذلك نص الجمهور على استحباب الاقتصار على زوجة واحدة عند خوف الجور في الزيادة استنادًا لقول الله تعالى: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.

مشروع قانون يعاقب الزواج دون علم الزوجة
وفي العام الماضي أثار مشروع قانون يجرم إقدام الزوج على الزواج للمرة الثانية دون إخبار الزوجة الاولى، الجدل داخل المجتمع المصري، بعد أن نص على عقوبة واضحة للزوج الذي يتزوج دون إخبار زوجته، بالحبس لمدة لا تتعدى عام وغرامة مالية تبدأ من 20 ألف جنيه وتصل إلى 50 ألف جنيه.

المصري اليوم