رأي ومقالات

كيف مضى يوم 30 يونيو 2022م ؟


الشهداء الشباب الضحايا الشجعان …
قطع الإنترنت … ضجر مذيعي القنوات …
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الشهداء الشباب الضحايا بالرحمة والمغفرة وأن يربط على قلوب أمهاتهم وآبائهم وينزل الصبر والسكينة على أحبائهم وأقاربهم ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي الجرحى منهم ويجزيهم عن جراحاتهم خيرا في الدنيا والآخرة.
ونسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة والمغفرة والقبول لشهداء وجرحى أجهزتنا الأمنية في الفشقة والمظاهرات وغيرها من ساحات الفداء والواجب ، فجميعها في نظرنا دماء وجراحات سودانية وضحايا لبغضاء وكراهية يؤجج نيرانها من لا يريد لهذا البلد خيرا إن كان بحسن نية مدفوعا بالعناد والمكابرة والأطماع ، أو كان بتخطيط وسوء قصد ممن عناهم الله تعالى من الذين كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين.
قطع الانترنت أجبرنا للإلتفات نحو الشاشات الكبيرة التي هجرناها هجرانا شديدا حفاظا على أنفسنا من ضغط الدم والسكري والجلطات أعاذكم الله ، ولاحظت في حوارات مذيعي الفضائيات العربية الضجر والضيق وهم يصارعون قلوتية محاوريهم من القوى السياسية الرافضة للإنتخابات للوصول للسلطة بالتفويض الإنتخابي بدلا عما يطلقون عليه التفويض الثوري.
آخر حجة نجرتها بعض أدمغة هؤلاء أنهم لا يريدون تكرار النموذج المصري حين فاز محمد مرسي في انتخابات حرة نزيهة لكنه لم يتمكن من الحكم لأن المال ومفاصل الأمن ظلت بيد العسكريين.
لم أملك سوى التصفيق قائلا : حكمة والله وحكاية.
ربما لا يعرف الكثير من الشباب المتظاهر اليوم أن عددا من أحزابنا السودانية المتباكية والرافضة لإجراءات 25 أكتوبر 2021م تفاعلت مع إسقاط حكومة محمد مرسي المنتخبة عام 2013م بالتأييد أو الشماتة لأنه كان من الإخوان المسلمين وتلك الحكومة المصرية جاءت بعد إنتخابات حرة شهدت تنافسا ضروسا إنتهى بفوز محمد مرسي بفارق ضئيل جدا من الأصوات بنسبة 51.7% وهي مرحلة لم نصلها في بلادنا حتى الآن ولا وصلتها المجموعة المدنية التي ظلت شريكة الحكم إلى ما قبل 25 أكتوبر 2021م.
استمر محمد مرسي في الحكم إثني عشرة شهرا فقط لا غير وفي يونيو 2013م وتحت غطاء تحركات ومليونيات لتحالفات المعارضة المصرية قرر الجيش أن يتحرك إستجابة لرغبة الشارع المصري الذي كان بإمكانه الإطاحة برئيسه من خلال نفس الآلية وهي صندوق الإقتراع كما أتى به نفس الصندوق.
ونستعرض هنا مواقف أحزابنا والبعض منها كان شريكا في قحت المركزية في أكتوبر 2021م من ذلك التغيير في مصر 2013م.
أولا :الحزب الشيوعي السوداني استنكف من وصف الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي بالإنقلاب ، وأصدر بيانا طويلا يبرر فيه ماحدث بأنه مواصلة لثورة 25 يناير 2011م المصرية :
(ما حدث في مصر خلال الأيام الماضية، تحت أبصار كل العالم، كان كتاباً مفتوحاً لا غموض فيه.
فقد بلورت قوى المعارضة المصرية، في جبهة الأنقاذ وحركة تمرد وغيرها، المطالب الشعبية الضاغطة والجوهرية التي يتوقف عليها إنسياب العملية السياسية الديمقراطية في سهولة ويسر. إنها قضايا تتعلق بالدستور ومجلس الشورى والنائب العام والأداء الحكومي في مجمله وكل تفاصيله.
وتأكيداً لإلتفاف الشعب حول هذه المطالب المشروعة، جمعت قوى المعارضة أكثر من (20) مليون توقيع. كما نظمت مسيرات مليونية في كل ميادين مصر بما في ذلك ميدان التحرير بالقاهرة.
وتوجت المعارضة حملتها بإنتفاضة 30 يونيو 2013. وتماماً كما إنحاز جيش مصر للمطالب الشعبية في ثورة 25 يناير العظيمة، إنحاز مرةً أخرى لإنتفاضة الشعب. وأكد البيان الأول ضرورة الإستجابة للمطالب الشعبية خلال 48 ساعة لفتح الطريق أمام مواصلة العملية السياسية تفادياً للمواجهات وحقناً للدماء.
غير أن د. محمد مرسي، رئيس الجمهورية المنتخب، لم يضع إعتباراُ بالمرة لا للمطالب الشعبية ولا لبيان القوات المسلحة. بل أخذ يردد ويكرر الحديث حول شرعيته هو بالذات. وكأن التوقيعات والمسيرات المليونية لا مكان لها في هذه الشرعية لا من قريب أو بعيد….)
وختم الحزب الشيوعي بيانه بالقول : (…. وإستناداً على هذه المعطيات فإن أحداث مصر الحالية هي تأكيد وزخم جديد لثورة 25 يناير 2011 العظيمة.
والنصر معقود بلواء الشعب المصري -سكرتارية اللجنة المركزية – 6 يوليو 2013 )
المصدر لقراءة البيان كاملا :
https://www.alrakoba.net/…/%d8%a8%d9%8a%d8%a7%d9%86…/
ثانيا :موقف حزب الأمة القومي والإتحادي الأصل :
الخرطوم 5 يونيو 2013 اعلن الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل بزعامة محمد عثمان الميرغني وقوفه مع الشعب المصري في إختيار من يشاء رئيساً، وأكد أن الشعب هو مصدر الشرعية (يمنحها ويمنعها) .
وقال المتحدث الرسمي بإسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل إبراهيم الميرغني في بيان له: “نؤكد موقفنا الراسخ بأننا مع الشعب المصري في إختيار من يشاء رئيساً له” .
في السياق إعتبر حزب الأمة القومي أن الخطوة التي قامت بها القوات المسلحة في مصر ليست إنقلاباً عسكريا بل محاولة لتنظيم الممارسة الديمقراطية ومراجعة الاخطاء واعطاء النظام الديمقراطي فرصة جديدة.
وقال المتحدث باسم الامانة العامة للحزب السفير نجيب الخير عبدالوهاب في تعميم صحفي الخميس ، إنهم يتفهمون تماماً ماقامت به القوات المسلحة في مصر وإنحيازها للشعب.
https://sudantribune.net/article235294/
أما حزب الأمة جناح الصادق المهدي :
فقد اعتبر على لسان أمين العلاقات الخارجية السفير نجيب الخير عبدالوهاب (عليه رحمة الله) في تعميم صحفي الاحد ، أن أكبر أخطاء حزب الحرية والعدالة في مصر هو الاقتداء بتجربة الحركة الإسلامية في السودان في استبدال دولة الوطن بدولة الحزب أو الحركة فضلاً عن انتهاج سياسات التمكين غير الرشيدة واحتكار كل مؤسسات الدولة وإلغاء اللآخر.
https://sudantribune.net/article235314/
موقف حزب البعث السوداني :
وأرجح حزب البعث قيام ثورة مضادة في مصر لفشل مرسي في إدارة التنوع السياسي والاجتماعي في مصر، واتجاه الإخوان لفرض واقع آحادي في ظل مجتمع متعدد، مشيراً إلى أن ذلك أدى لخروج المصريين في ثورة شعبية ثانية لإزاحة الإخوان من حكم مصر . ورجح الحزب إعلان الجيش لحالة الطوارئ في أية لحظة في حال استمرار العنف والعنف المضاد.
https://sudaneseonline.com/…/%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9…
إذن يمكننا القول أن الأحزاب السودانية قبلت وبررت الإطاحة برئيس منتخب بحجة حراك الشارع وجمع ملايين التوقيعات باعتبار أن تلك الآلية تكرار لنفس الآلية التي أطاحت بالرئيس مبارك في 2011م.
بالمختصر المفيد فإن آلية غطاء حراك الشارع المصري في 2011م و2013م نجحت لأنها كانت في حقيقتها آلية الجيش المصري ، ولذلك فإن كل محاولات الأطاحة اللاحقة بالرئيس السيسي فشلت إلا أن يشاء الله تعالى ، وهكذا في السودان حيث تم استنساخ نفس الآلية فنجحت في أبريل 2019م وبدلا من السير في نفس خارطة الطريق المصرية وصولا لانتخابات حرة نزيهة فإن النسخة السودانية استولدت فترة انتقالية بشراكة بين العسكر وتحالف مدنيين غير منتخبين وظل المكون المدني يتقلص تدريجيا حتى تحرك قائد الجيش في 25 أكتوبر 2021م منهيا ذلك التحالف ، وكما فشلت محاولات استنهاض الشارع المصري للإطاحة المنفردة بالسيسي فستواجه محاولات استنهاض الشارع السوداني عقبة إحجام العسكرين عن دعمها اللهم إلا إذا توافرت ضغوطات خارجية قوية تجبر العسكريين على التنازلات وهو ماتعول عليه القوى المدنية السودانية للأسف.
#كمال_حامد 👓