مشوار خُطاي!! (عندما يصبح الإبداع رسالة)
بقلم/ التاج بشير الجعفري
عنوان هذا المقال (مشوار خُطاي) هو عنوانا لحلقة مميزة قدمتها فضائية النيل الأزرق من تقديم المذيعة المتميزة والمتألقة وصاحبة الأداء التلقائي الجميل مودة حسن مع الفنان وعضو فرقة “عقد الجلاد” السابق الخير أحمد آدم.
أول ما لفت انتباهي في تلك الحلقة المميزة مع الفنان الخير والتي قُدِمَت خلال برمجة عيد الأضحى المبارك هو التلقائية والصدق في الحديث من جانب المُبدع الخير وقد تجلى ذلك من خلال تناوله وسرده المختصر للبيئة التي نشأ وترعرع فيها والتي، كما قال، أكسبته فضيلة حب الناس، كل الناس بمختلف مشاربهم وعرقياتهم وقد وصف البيئة التي ترعرع فيها بأنها شملت أناس وجيران من قبائل متعددة ومناطق مختلفة لكنهم عاشوا في منطقة واحدة بحب ومودة وتسامح وسلام ودون الحوجة لمعرفة أي تفاصيل عن قبائلهم وعرقياتهم وهو ما كان سائدا حتى وقت قربب قبل أن تلوح النعرات القبلية والجهوية المناطقية برأسها وتكاد أن تقضي على أهم ما يميز الشعب السوداني من خصال يتفرد بها عن بقية الشعوب وهي الكرم والتسامح والمروءة والشهامة وحب الخير المنتشر بين الناس بعضهم بعضا.
وقد ذكر الفنان الخير أنه يعتبر أن الفن رسالة ويتعامل معه من هذا المنطلق حيث يعمل مع بعض زملائه من الفنانين والمبدعين على القيام ببعض المبادرات التي ترسخ للحفاظ على الهوية والتراث والموروث السوداني الأصيل.
ما أعجبني حقيفة من حديث الفنان الخير هو إيمانه العميق بأن للمبدعين رسالة كبيرة ينبغي عليهم القيام بها نحو مجتمعاتهم واوطانهم وذلك بفضل ما أعطاهم الله تعالى من مواهب تجلب لهم حب الناس مؤكدا على أهمية أن يكون المبدع والفنان ملتزما بفنه وقادرا على العمل مع زملائه من المبدعيين في مبادرات تفيد المجتمع؛ وذلك لعمري هو الفهم الصحيح والنهج السليم للكيفية التي يجب أن تكون عليها رسالة المبدعين والفنانيين تجاه مجتمعاتهم وأوطانهم.
وقد نوه في ذلك السياق بإطلاق منظمة طوعية تحمل إسمه لتقديم المساهمة والإضافة المطلوبة في هذا الإطار وتلك بذرة حسنة ينبغي أن تكون نبراسا للأخرين.
ومن هنا أدعو كل المبدعيين لأن يحذو حذو الفنان المبدع الخير أحمد آدم ويعملوا على تأسيس مثل هذه المنظمات الطوعية التي تساهم في رفد المبادرات المجتمعية؛ كذلك يجب أن يعمل المبدعيين والفنانيين على وجه الخصوص على تبني المبادرات والبرامج التي تنادي بالوحدة والسلام ونبذ النعرات العنصرية والجهوية والمناطقية وتعمل على ترسيخ مفاهيم التسامح والعيش المشترك بين الكيانات المختلفة؛ وأعتقد جازما أن دور المبدعيين والفنانيين سيكون له الأثر الإيجابي الكبير في هذا الشأن وذلك لما تحظى به فئة المبدعيين والفنانيين من حب وشهرة لدى عامة الناس.
الفنان الخير احمد آدم إلتقيته بشكل عابر في دولة الإمارات قبل فترة وكعادة السودانيين حينما يلتقون؛ تعارفنا وقدم لي نفسه وهو شخص هاديء ومتواضع جدا، وقد كنت حقيقة أنوي الحديث إليه أكثر وسؤاله عن فرقة “عقد الجلاد” وسبب إنقطاعه عنها ولكن لم يكن الوقت يسمح بذلك في المرتين اللتين إلتقيته فيهما؛ وقد لا يذكرني هو الآن، لأن اللقاء كما قلت كان عابرا وغير مخطط له.
تبقى أن نشيد بالمذيعة المميزة مودة حسن وقد ذكرت أنها على معرفة أسرية مع الفنان الخير وهذا ما جعل إدارة اللقاء فيها شيء من الصعوبة بالنسبة لها ولكنها في إعتقادي تمكنت من تقديم حلقة مميزة بفضل الحرفية العالية التي تتمتع بها وكذلك تلقائتها في الأداء ومخزونها الوافر من اللغة الرصينة وإعدادها الجيد لمحاور النقاش بالإضافة لما إستطاعت أن تبرزه للمشاهد من الجانب الآخر لشخصية ضيف الحلقة والذي وفقت فيه لحد كبير.
ختاما أود أن أشير بأن وطننا بحاجة لجهود جميع أبنائه ومبدعيه ليساهموا في نهضته من خلال ما يمكنهم أن يقدموه بفنهم وإبداعهم وشهرتهم؛ ولذلك نأمل أن نرى المزيد من المبادرات في هذا الإتجاه من الفنانين ولاعبي كرة القدم والرياضات المختلفة وكذلك المبدعين في المجالات الأخرى والتي حتما ستصنع الفارق وتمكن هؤلاء الموهوبين من تسخير رسالة الفن والإبداع لخدمة المجتمع وترسيخ الموروثات والقيم السامية والتقاليد والعادات المتجذرة والأصيلة في المجتمع السوداني.🔹
صحيفة الانتباهة