مقالات متنوعة

هنادي الصديق تكتب: خيانة عظمى

رحم الله ضحايا أحداث النيل الازرق القبلية وعاجل الشفاء للجرحى، و لايبدو أن في الافق بصيص أمل يلوح لإيقاف نزيف دماء السودانيين بالولايات خاصة الحدودية منها، في ظل الفوضى الأمنية التي تفتعلها اللجنة الأمنية للنظام الإنقلابي وحركاته ومليشياته المسلحة، وما لم يتم حسم (الصراع الأبيض) الذي تشهده الساحة السياسية بالعاصمة الخرطوم بين المكونات المناهضة للإنقلاب، وإتفاقها بلا إستثناء على آلية محددة لإسقاط إنقلاب 25 اكتوبر وإعادة البلاد إلى مربع الأمن والسلام والعدالة الإجتماعية. ما حدث بالنيل الازرق متوقع حدوثه بجميع الولايات فاللعب بات (على المكشوف)، ولم يعد خافيا على أحد ما يدور في مطابخ سياسية يقودها فلول النظام المباد من كتائب ظل ودفاع شعبي وهلم جرا. وللتأكيد على عدم صدقية اللجنة الامنية الانقلابية ، ما يحدث في ولايات دارفور الحدودية، والذي وصفه أحد أبناء تلك الولاية بأنه أسوأ مما يدور في الشرق، (بالطبع قبل أحداث النيل الأزرق المؤسفة). فالمواطن بعث هذه الرسالة قبل فترة ولم تجد نصيبها من النشر لتسارع الأحداث بالخرطوم حيث مصنع القرار. فحوى رسالته (اللا وجود للجيش السوداني في الحدود الغربية)، فالحدود فاتحة على مصراعيها وللكل ومن كافة الإتجاهات. وتحديدا حدود السودان مع افريقيا الوسطى وتشاد، لا وجود للقوات السوداني بما يتناسب مع وضعية المنطقة، وتحديدا منطقة (جغمة الغربية) التابعة لمحلية بندسي ولاية وسط دارفور، حيث لا يتجاوز عدد الجنود المتواجدين بها بقادتهم ( 20) جنديا ، منهم 10 جنود شرطة و7 جندي جيش فقط. ورغم أن حمل السلاح في تشاد ممنوع إلا أن المواطن او الجندي التشادي يدخل بسلاحه الى داخل سوق (جقمة الغربية) السودانية ويصل حتى محلية بندس والمعتمدية، بل يصل الى (مكجر) ويدخل الى (زالنجي)، يخبئ دراجته النارية في (الفريق) يدخل الولاية بدون حسيب أو رقيب وفي طرف المدينة تجده متجولا بدراجته البخارية حاملا سلاحه (يعبث ويسرق ويغتصب وينهب) حتى عودته تشاد، إضافة إلى هذه التجاوزات، فهناك ماهو أخطر على الأمن القومي، حيث يصل تجاوز التشاديين مداه في فصل الصيف، حيث تمنع الحكومة التشادية قطع الأشجار ويعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، فيلجأ التشاديين إلى التوغل داخل الأراضي السودانية بمواشيهم وإبلهم و يبدأون في قطع الأشجار، وغالبية الرعاة التشاديين يدخلون المزارع السودانية في فصل الخريف ويطلقون فيها ماشيتهم التي تدخل على مزارع الأهالي هناك وتقضي على (حصاد العام) للمزارع السوداني، فتتجدد الأحداث بسبب المراعي والمحصلة النهائية مشكلة قبلية. ما نخلص له أن الجيش السوداني أهمل دوره الرئيسي في حماية حدود السودان، ووفر أسلحته الخفيفة والثقيلة مشاركاً في القوات المشتركة لمواجهة شعبه الاعزل داخل المدن بينما الحدود تشكو غياب الجنود حماة الارض والعرض. المهربين السودانين والتشاديين بسياراتهم الكروزرات يدخلون سوق (ام دخن) و (جقمة الغربية)، (خور برنقا)، (الجنينة) نهاراً جهاراً ومنها يدخلون الى تشاد وكلهم اما منتسبين للدعم السريع أوالحركات المسلحة بحسب مواطني تلك المناطق. أما الحديث عن القوات المشتركة فهو عبارة مخدر فقط، فمناطق تواجدهم (داخل المدينة) أما المناطق الحدودية فهي (سداح مداح)، وقد تجد فيها أحيانا قوات سودانية تشادية بدون صلاحيات. من (الجنينة) يمكن للمواطن التشادي أن يدخل حتى (نيالا) بالرشوة، ويمكن أن يصبح مواطن سوداني بسهولة. في الوقت الذي تمنع فيه السلطات التشادية خروج (حبة الدخن والفتريتة) ودخولها إلى السودان، يرى المواطن السوداني كل موارده تدخل بسهولة الى تشاد تحت حراسة وحماية قواتنا النظامية. هذه جزء يسير جدا من تجاوزات تحدث على حدودنا الغربية، ويبقى السؤال المُلَح، أين القسم الذي أدته قواتنا المسلحة وأين قسم العسكرية الذي أداه القائد العام للقوات المسلحة الفريق برهان من كل ما يحدث؟ هل يعلم ويغض الطرف ولمصلحة من ؟ أم لا يعلم وهذه أم الكوارث التي يُعاقب عليها القضاء العسكري لأنها وببساطة تعتبر (خيانة عُظمى) وإهانة لشرف العسكرية. السؤال الأخير من يحمي حدود السودان الغربية من الحشود التشادية التي قريبا جدا سيتكرر بدارفور ذات سيناريو النيل الازرق الذي يحدث الآن؟

صحيفة الجريدة