محمد عبد الماجد يكتب: التعايش السلمي وبرنامج (عالم الرياضة) !
(1)
اذا سألنا انفسنا لماذا فقدنا تعايشنا السلمي ، بعد ان كان الشعب السوداني اهم ما يميزه عن كل الشعوب التعايش السلمي والاجتماعي رغم تعدد الثقافات والقبائل في السودان؟ الاجابة على هذا السؤال سوف تتمركز في عدد من المحاور.
لعل المحور الاول يتمثل في (السلطة) التى يرجع لها السبب الاول في هذه الاوضاع المأسوية التى يعيش فيها السودان.
الاوضاع السياسية اوصلتنا الى هذا التناحر الذي جعل قيادات البلاد تجعل ارصدتها وقوتها في (جيوشها). لكل قائد في مجلس السيادة (جيش) حتى وصل عدد الجيوش في الخرطوم الى (10) جيوش.
كيف يكون هناك تعايش سلمي مع هذه (الجيوش) – حدود البلاد مفتوحة والمطار الدولي يتم عبره تهريب ثروات البلاد من الذهب والمنتجات الاخرى بصورة غير شرعية ، مع وجود هذه الجيوش في الخرطوم.
جيوش توجد في (المولات) التجارية ، وفي صالات الافراح ، وفي شارع النيل ومتنزهات العاصمة القومية التى جعلتها مرتكزات لها.
نمتلك (10) جيوش ويسقط بسبب هذه الجيوش في كل موكب سلمي عدد من الضحايا اما بالإصابات الخطيرة او بالارتقاء الى الرفيق الاعلى .
على الحكومة ان لا تستعجب من النزاعات القبلية التى تشتعل في انحاء السودان اذا كانت هي تتعامل مع مواكب (سلمية) بذلك القمع والبطش.
الطبيعي ان يمتد القمع الى اطراف السودان اذا كانت السلطة غير قادرة على توفير الامن والسلام في الخرطوم.
المواكب التى تخرج احتجاجاً على السلطة بصورة سلمية تمثل كل السودان وتجمع بين كل القبائل – لذلك ثقافة القمع الذي تتبعه السلطة مع تلك المواكب يمتد اثرها لكل الانحاء في السودان.
ماذا تنتظرون من سلطة تتعامل مع شعبها بالرصاص والغاز المسيل للدموع وتغلق الجسور لحماية كراسي السلطة بالحاويات؟
ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.
لو استعملوا هذه (الحاويات) في النيل الازرق وفي كسلا لما سقط مواطن واحد .. لكن للأسف الشديد الحكومة تحمي سلطتها وغير معنية بالشعب.
(2)
المحور الثاني الذي اوصلنا الى هذا التناحر يرتكز في الوضع الاقتصادي. الاوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيش فيها الشعب السوداني من الطبيعي ان تؤدي الى هذه النتائج وتخلق هذا الضيق والضجر.
التفلتات الامنية في الخرطوم قامت على اساس (قبلي) – لكن الحكومة لم تستوعب هذا الامر بل قامت بتغذية التفلتات حتى ترجح كفة الحكم العسكري.
لا بد من معالجات (اقتصادية) للأوضاع الحالية في السودان – الحل السياسي الناجع لهذه الازمات يتمثل في الحل الاقتصادي.
الحكومة العسكرية فشلت في ان تقدم رؤية اقتصادية لانتشال السودان، وهذا كان امراً طبيعياً لأن الحكومة فشلت حتى في الجانب (الامني) المختصة فيه فهل تنجح في الجانب الاقتصادي؟ .. مع تأكيدنا ان التفلتات الامنية والنزاعات القبلية يلعب الاقتصاد دوراً كبيراً في تحريكها وتفجيرها.
حكومة لا تملك رؤية اقتصادية ولا تعتمد على خبراء ومدنيين مختصين في هذا المجال لن تستطيع ان تقود السودان الى بر الامان.
(3)
المحور الثالث الذي اوصلنا الى هذه الدرجة – هو غياب او تغييب الدور الثقافي والفني والأدبي والرياضي في رتق النسيج الاجتماعي.
وصلنا الى مرحلة من الانهيار الفني والثقافي ادت الى هذا الخراب.
الفن والرياضة تحديداً لعبا دوراً كبيراً في السنوات الماضية في تعايشنا السلمي.
لم يتبق لنا من هذا الجانب غير الهلال والمريخ اللذين يمثلان القومية السودانية بعد ان فقدناها.
هلال ام درمان ومريخ ام درمان خلقا لنا تعايشاً جميلاً لو انفقت السياسة عمرها كلها في ان توصلنا اليه لعجزت عن ذلك.
سوف اكتفي بأثر هلال ام درمان ومريخ ام درمان اللذين اصبحا هلال السودان ومريخ السودان بالقول ان الفاشر يوجد فيها الهلال والمريخ .. في كريمة الهلال والمريخ وفي الابيض (هلال مريخ) وفي الجنينة (هلال مريخ ) وفي شندي (هلال مريخ).
في معظم مدن السودان توجد اندية تحمل اسم الهلال والمريخ .. هل هناك حزب او ساسة يمتلكون هذه القدرة على الشيوع والتغلغل في الوجدان السوداني؟
فنياً غاب عنّا محمد وردي – وأصبح السودان عاجزاً عن ان يقدم عثمان حسين اخر.
كانت اغنية (عشرة الايام) او (قصتنا) لعثمان حسين ينتظرها الشعب السوداني كله في برنامج (ما يطلبه المستمعون) على اذاعة ام درمان.
كان ذوقنا واحداً وسمعنا واحداً .. لهذا كان هناك ترابط ثقافي لا يقل عن الترابط الاجتماعي الذي كان يمثله في تلك السنوات قطار كريمة وقطار نيالا.
ثقافتنا الآن اضحت ثقافة (احادية).. ثقافة (فردية) حتى على نطاق البيت والأسرة الواحدة تعددت امزجتنا.
كنا نمتلك ثقافات متعددة ولكن كان هناك مزاج واحد.
شاي الصباح وصينية الغداء وقهوة المقيل وعالم الرياضة ومحمد وردي عند المساء – كل هذه الاشياء كانت تجمعنا وتلمنا في قالب واحد .. الآن الالعاب الجماعية تلعب بشكل (فردي) في غرفة مغلقة ، او عبر الهاتف الجوال وأنت في عزلة تامة.
الاسرة السودانية كلها كانت في الماضي تجتمع حول الراديو للاستماع لبرنامج (عالم الرياضة).
لم يتبق لنا غير نسجينا الاجتماعي الذي يستمد صموده من تاريخه ومن الماضي الجميل.
ارجوكم انتبهوا لهذا – حتى لا تسقط صفقة التوت.
(4)
بغم /
عندما ارى الحلول التى يقدمها الاستاذ عثمان ميرغني لحل الازمة السودانية اقول لا بد ان عثمان ميرغني هذا يعيش في كوكب اخر.
كتب عثمان ميرعني في صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي في الايام الماضية :
الحل الآن.. الآن..
أولاً: توافق مدني على رئيس وزراء يكون حكومة تنفيذية فوراً.
.. كيف؟
ممثل واحد من كل مجموعة من أربع مجموعات كالتالي:
المجموعة الأولى: الحرية والتغيير المجلس المركزي: يمثلها عمر الدقير.
المجموعة الثانية: أطراف السلام :يمثلهم مناوي.
المجموعة الثالثة: أسر الشهداء ولجان المقاومة يمثلهم الصادق سمل.
المجموعة الرابعة: الحزبان التاريخيان (الأمة والاتحادي) : يمثلهم إبراهيم الميرغني.
الممثلون الأربعة يختارون خلال 24 ساعة رئيس الوزراء من شخصيات خارج الأحزاب.
ثانياً : حل مجلس السيادة وتعيين آخر من المدنيين فقط.
تشرع الحكومة المدنية فوراً في مواجهة الأوضاع الاقتصادية والأمنية؟.
صحيفة الانتباهة