ورشة التقييم :قراءة وتحليل : ما ادراك ما الحكومة!(2-3)
(1)للحديث عن ورقة (تجربة الحكومة الإنتقالية: الإنجازات والاخفاقات والدروس المستفادة)، ضمن ورشة تقييم قوي الحرية والتغيير لتجربة الحكم، لابد من الإشارة للاتي :
أولاً : إن تناول ونقاش تجربة الحكم يخص المواطن، في حقه وموارده وكسبه، فإن جاز لي قوي الحرية نقاش تجربتها السياسية فإن المحاذير اقل، أما تجربة الحكم فإنها قضية ذات أطراف متعددة وفق العقد الإجتماعي.. ولذلك من حق اي مواطن المشاركة فيها، ومن العيب مناقشتها في صالونات مغلقة، هذا خلل منهجي ومنطقي..
ثانياً : هذا الضعف البائن في الكفاءة، والقدرات وإنه لأمر محزن ان يكون هؤلاء على قمة الجهاز التنفيذي، هل نتصور ان شخصية وزارية لا تعرف مفهوم (إصلاح الدولة) وحصره فى (إعفاءات وتعيينات)، إن إصلاح الدولة في السياسات الكلية والقوانين والبناء الهيكلي والحوكمة والشفافية وفاعلية الأداء وسهولة الأعمال ، والأخيرة تؤسس عليها كثير من عمليات وإجراءات الإستثمار وجذب روؤس الأموال..
ثالثاً : التأسيس الدستوري ، وأوراق ومناقشات الحرية والتغيير تزدحم بالتشكيك فى الوثيقة الدستورية والتفويض والتغيير والتبديل، وكل ذلك ينزع المشروعية من الحكومة ومن كل مؤسسات الحكم..
(2)
ولم يكن من الأمانة عدم مواجهة الحقائق ، ومحاولة تزييفها، وإليكم نماذج :
– لم تتحدث الورقة إطلاقاً عن التطبيع مع إسرائيل، وهو أمر على خطورته، فإن حكومة قوي الحرية والتغيير وافقت عليه وسانده أعضاء السيادي من المدنيين..
– لم تتحدث الورقة عن قضية مفاوضات السلام ومواقف الحكومة المضطربة مع الجبهة الثورية وحلفاء السلام، بل لم تورد معارضة الحكومة لمجلس شركاء السلام..
– تحدثت الورقة ضمن ٨ اهداف عن الحريات، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، بينما الحكومة وبموافقة مجلس السيادة الإنتقالي احد أسوأ القوانين في مجال الحريات (تعديلات قانون المعلوماتية) وأغلبه تشديد العقوبات مضاعفة، إضافة لإيقاف أنشطة المنظمات التطوعية والإنسانية..
– عابت الورقة على السلطات الراهنة، تأخير تشكيل الحكومة، بينما حكومة حمدوك الثانية تأخر تشكيلها ٧ أشهر، منذ أستقالة الوزراء في ٩ يوليو ٢٠٢٠م، وأعلنت الحكومة فى ٨ فبراير ٢٠٢١م..
– لم تتحدث الورقة عن إضطراب السياسات والتحيزات الحزبية والاجندة الخاصة، ونشير هنا لمعركة تغيير المناهج، والسيطرة على وزارات التوجيه من قوي سياسية معينة، وخلاف وزير المالية مع مستشار حمدوك، ومن جهة أخرى مع وزير الصحة د. اكرم، وتلك النظرة الضيقة للأمور.. وقضايا الحكم، وهتاف وزير التعليم العالي (المسح والكسح)، وحكايات الولاة..
– سمحت الحكومة للجنة سياسية، إتخاذ قرارات حول اي شئ، من إعفاء الموظفين والعمال إلى مصادرة الشركات والمنظمات والممتلكات إلى إيقاف المشاريع الإنتاجية، دون وجود إتباع إجراءات قانونية وإتاحة حق التظلم والإستئناف..
– وأغرب ما ورد في الورقة، التنصل عن مسؤولية كل قرار وموقف معيب، والإدعاء بأن الحكومة التي رشحت قحت (رئيس الوزراء فيها والوزراء والولاة وكل مدير وموظف) تصرفت دون إرادة قحت.. هذا هروب من المسؤولية، لإن ما حدث كارثة..
(3)
والكارثة نوردها بالأرقام..
ففي يوم الخميس ٥ أبريل ٢٠٢٠م و بمنزل د. حمدوك، أجتمع وزير المالية د. إبراهيم البدوي مع وفد المجلس المركزي برئاسة إبراهيم الشيخ وأقر سياسة التحرير الإقتصادي دون ضمانات، مع رفع المرتبات أكثر من ٥٠٠٪ وبعجز تجاوز ٤٠٪ في الموازنة العامة وذلك إستجابة لروشتة صندوق النقد الدولي.. ولأن الخزينة خاوية ومع غياب العملية الإنتاجية، فإن النتيجة كارثة.. نوردها بأرقام تقرير بنك السودان..
(ارتفع عرض النقود من 430,785,980 (بآلاف الجنيهات السودانية) أي 430 مليار جنيه تقريبا عام ٢٠١٨م، وأصبح في يونيو الماضي ٢٠٢٠م ٨٣٩.٢٣٨.٠٤٦ (بآلاف الجنيهات)، بزيادة ٤٠٨.٤٥٢.٠٦٦ (بآلاف الجنيهات)، بمعنى أن ما تم عرضه من نقود وأوراق وسندات وودائع خلال هذين العامين يساوي تقريبا كل النقود بأنواعها منذ الاستقلال! هل عرفتم من الكارثة؟
إن ما تم عرضه من نقود خلال ٦ أشهر يقترب من 1.5 تريليون جنيه. ولذلك ارتفع التضخم من ٧٢ ٪ عام ٢٠١٨م إلى ١٤٢ ٪ بنهاية يونيو وكان الدولار في حدود ١٢٠ جنيها في السوق الموازي، واليوم الدولار تجاوز ٥٧٠ جنيهاً..)
هل عرفتم سبب الكارثة.. إنها (جماعة حزبية إختطفت المشهد السياسي السوداني علي حين غفلة).. هل ورد ذلك في التقرير، لم يحدث.. وإنما تحدث عن حفر ٢٠ بئر في ولاية كذا..!
لقد أصبح السودان الدولة الأعلى معيشة في العالم وأكثر من ١٣ مليون مواطن على حافة المجاعة، ومع إنعدام الرعاية الصحية ودعم التعليم وجودته وضنك العيش.. وأصبح السودان الثاني عالمياً فى التضخم، بعد فنزويلا، كل ذلك على كاهل المواطن، ويحدثونك عن (لعاعة) ثمرات وسلعتي.. إن الإقتصاد تديره السياسات الكلية وليس مجرد معالجات مؤقتة.. لقد كنتم بلاء..
دعكم من حوارات النقاش الباهتة وتحدثوا بالواقع.. يتبع بإذن الله (3—3)
د. إبراهيم الصديق على