التاج بشير الجعفري يكتب: عجبا من تصريحات وزير المالية!!
بقلم/ التاج بشير الجعفري
في تصريحاته قبل يومين والني نقلتها “صحيفة الانتباهة” أعلن وزير المالية خلال إجتماع المجلس الإقتصادي والإجتماعي لجامعة الدول العربية بالقاهرة [أن السودان مستعد بالكامل لإستقبال الإستثمارات العربية، مضيفا أن السودان في حالة استعداد تام وإرادة سياسية كافية ومتوفرة لتذليل كل العقبات التي تحول دون الاستثمارات العربية] هكذا جاءت تصريحات الوزير!!
ورغم أنه يسعدنا أن تتدفق الاستثمارات العربية وغيرها على بلادنا ونتمنى ذلك اليوم قبل الغد؛ إلا أن واقع الحال لا يدعم مثل هذه التصريحات التي تعبر عن التمنيات أكثر منها للواقعية، خاصة أننا نتحدث عن رؤوس الأموال والإستثمارات وكلنا يعلم أنها ذات حساسية مطلقة لعوامل مثل غياب الاستقرار السياسي والإقتصادي وعدم وجود نظام مالي ومصرفي مؤهل ومرتبط بالنظام المصرفي العالمي وفي ظل عدم وجود قوانين وتشريعات تقنن وتشجع دخول مثل هذه الاستثمارات لبلادنا.
وهنا نتساءل كيف لدولة أو مستثمر أن يفكر مجرد التفكير في إستثمار أمواله في دولة تعاني من عدم الإستقرار السياسي ولا توجد بها حكومة تنفيذية لما يقارب العام تقريبا وساستها غير قادرين على إدارة خلافاتهم بطريقة توافقية وتتوافد عليها المبادرات التي تسعى لمساعدتها على إجتياز ازمتها ولكن بدون جدوى؟!
من بالله عليكم يمكن ان يفكر مجرد التفكير في الإستثمار في بلد “مثقلة بالديون” لدى المؤسسات المالية الدولية وعلاقتها متوقفة مع تلك المنظمات؛ وقد طالعنا في الأخبار قبل أيام تصريحات البنك الدولي التي أكد فيها أن لا قرار حول عودة الدعم المالي للسودان في الوقت الحالي وأن مثل هذا القرار يجب ان يخضع للتقييم!!.
أيضا المستثمرون في كل أرجاء العالم يبنون قراراتهم الإستثمارية في جانب منها على مثل هذه التصريحات الصادرة عن هذه المؤسسات المالية المرموقة ولذلك فإن أي تصريح يعطي صورة غير جيدة عن إقتصاد أي دولة سيكون له أثر سلبي على فرص تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إليها.
لا أعلم على أي حيثيات بنى وزير المالية تصريحاته تلك فبرنامج الإصلاح الإقتصادي الذي بدأته حكومة الفترة الإنتقالية، وأثمر نتائج جيدة في وقتها، توقف منذ الإطاحة بحكومة الفترة الإنتقالية بقيادة الدكتور حمدوك في أكتوبر 2021 ولذلك فإن تصوير الوضع الحالي على أنه جيد ويمكن من استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية يجافي واقع الحال ودوننا الفشل الذي صاحب الإستعداد للموسم المطري والذي يهدد بإحتمالية نقص كبير في الإنتاج الزراعي لهذا الموسم بسبب قلة المساحات المزروعة هذا العام نسبة للأسعار الخيالية “للجازولين” وإرتفاع تكلفة الأيدي العاملة وعدم توفر التمويل اللازم من البنك الزراعي، هذا بالإضافة لعدم وجود استراتيجية واضحة لدعم الإنتاج والمنتجين من قبل الجهات المسؤولة عن الزراعة.
ولذلك لا مجال للحديث عن إمكانية دخول للاستثمارات الأجنبية في ظل المعطيات
الحالية.
ولكن إن أردنا انتشال بلادنا مما هي فيه وجعلها من البلدان المتقدمة، وهى تملك المقومات المطلوبة لذلك؛ فعلينا التركيز على جلب الإستقرار السياسي المطلوب وهو العامل الأول والمرتكز الأساس لأي تنمية محتملة؛ وبدون إستقرار سياسي يصبح الحديث عن أي إستقرار إقتصادي أو إجتماعي أو تنمية وإزدهار هو فقط ضرب من الخيال وتصريحات لا يسندها أي منطق.
إن “طريق الوفاق” الذي سيؤدي للإستقرار السياسي المنشود واضح ولا يحتاج لكثير عناء؛ فقط يتطلب الأمر إعلاء المصالح العليا للبلاد على المصالح الشخصية والحزبية الضيقة وكذلك الاستعداد لتقديم التنازلات لتحقيق المصالح الوطنية بدلا من التصريحات المتناقضة او إنتظار كل طرف للآخر للقيام بالخطوة الأولى؛ فهذه الجدلية لن توصلنا للحلول والنتائج المرجوة والوقت يمضي والناس تعاني.🔹
صحيفة الانتباهة