بخاري بشير يكتب: (العمالة) للأجنبي في ثوبها الجديد!
التكهنات السياسية؛ ومآلاتها المستقبلية؛ والسناريوهات المتوقعة في حال فشل النخبة السودانية- (الأحزاب السياسية/ والمجموعات المدنية)- في التوصل لاتفاق الحد الأدنى الذي يؤهلها لتشكيل حكومة للفترة الانتقالية.. غالب هذه التكهنات تحدثت عن أن اقتراب (الفوضى) من السودان وأنها صارت على الأبواب؛ خاصة بعد أحداث النيل الأزرق.
وبعض المتحدثين قالوا إن حدوث الفوضى يقود (للتدخل الخارجي)؛ ولو كان عسكرياً؛ بنص البند السابع.. وظلت بعض الأقلام تنادي بصريح العبارة لهذا التدخل؛ ودعا داعيهم (بلا خجلة) المجتمع الدولي للتدخل الفوري في السودان على خلفية البند السابع.. أسماء معروفة نادت بهذا التدخل؛ واعتبرته المخرج الوحيد أمام السودان.
الدعوة للتدخل الخارجي؛ باتت عادية في الاعلام السوداني؛ وجاءت الدعوات من نخب سودانية.. ويبدو أن الاحساس بالوطنية؛ قد انعدم عند هؤلاء؛ لاعتبارهم أن السودان أصبح دولة ليست ذات سيادة؛ وأصبح من حق القوى الدولية التدخل في شأنها الداخلي رغم أنف مواطنيها.
لا أصدق ان من بقلبه ذرة من الوطنية للتراب السوداني يقوم بالدعوة الصريحة للقوى الأجنبية للتدخل في شأنه؛ وليت كان هذا التدخل ايجابياً؛ مثل دعم التوافق والوصول الى صيغة توافقية تجمع مكونات المشهد السياسي السوداني الى كلمة سواء- مثلما تعمل الآلية الثلاثية؛ أو بعثة الأمم المتحدة الى السودان.. لكن التدخل الذي تدعو له تلك (الفئة) هو تدخل عسكري .. يعني بالعربي (احتلال استعماري) من جديد.
هذه هي الهدية –الدعوة للاستعمار- قدمتها هذه المجموعة للرعيل الاول من أهل الاستقلال الذين سهروا عليه ؛ حتى سلموه للشعب في الأول من يناير عام 1956 استقلالاً نظيفاً (ما فهيو شق ولا طق مثل صحن الصيني).. هذه المجموعة اهدت للرعيل الأول من الاستقلاليين وهم في قبورهم؛ أهدتهم هدية (التدخل العسكري الاستعماري) في شأن السودان الداخلي.
بدأت هذه الهرولة نحو (العمالة) للأجنبي منذ أن ارسل رئيس الوزراء السابق الدكتور عبد الله حمدوك؛ خطابه المشؤوم الى الأمم المتحدة؛ وهو يدعوها للتدخل في الشأن السوداني- حتى أن الخطاب كان مفاجئاً للشريك الآخر في الحكم؛ مثلما كان مفاجئاً للقوى المدنية الأخرى في قوى اعلان الحرية والتغيير.. ما جعل حمدوك نفسه يقوم من جديد بتعديل صيغة الخطاب.
واذا اعتبرت الأطراف السودانية منذ ذلك اليوم أن (خطاب الدكتور حمدوك) ما هو الا (عمالة) للأجنبي بثوب جديد.. ويجب أن يوقف في حده؛ ويعاقب من اقترفه بالقانون الوطني وقانون السيادة الوطنية للتراب السوداني.. لكن من أسف ان ذلك الخطاب مر مثل غيره من المكاتبات الدولية ؛ ثم اعتمد عليه مجلس الأمن الدولي وهو يبعث ببعثته الحالية اليونيتامس؛ بزعامة السيد فولكر بيرتس.
بدأت (العمالة) للأجنبي منذ ذلك اليوم؛ لذلك لا نستغرب أن يكثر (العملاء) هذه الأيام؛ وهم يطالبون المجتمع الدولي بارسال بعثة عسكرية استعمارية للسودان.. ويعودون بنا القهقرى لما يقارب السبعين من الأعوام عندما كان السودان يقبع تحت (وطأة الاستعمار).. لا أدري كيف ينظر هؤلاء الى وطنهم السودان؟.. لكن ما لا شك فيه أنهم لا يستحقون العيش على ترابه.
صحيفة الانتباهة