مقالات متنوعة

محجوب مدني محجوب يكتب: لا خير في أمة تهين العلم


محجوب مدني محجوب

ورد في صحف اليوم أن جامعة الخرطوم استغنت عن مئة بروفسورا.
كما ذكر الخبر أن هؤلاء البرفات محتجون وغاضبون.
فإن كانت هذه نهاية العلم والعلماء يا جامعة الخرطوم فما الفائدة إذن؟!
أفضل لكل طالب علم يرى حال الدرجات العلمية بهذه الإهانة وبهذه الذلة أن يبتعد عن العلم من الأساس ويبحث له عن مجال آخر لا يتعب ولا يكد فيه مثل العلم ولا تكون هذه نهايته.
يبحث عن مجال آخر لا يقدم فيه زهرة عمره وفي النهاية يطرد مثله مثل أي شخص عديم الفائدة.
حسنا فلتكوني يا جامعة الخرطوم لا تستطيعين تلبية حقوق هؤلاء البرفات بعد التعديلات الأخيرة في الرواتب، والذي يبدو أن تعديل الرواتب جاء رغما عن أنف الجامعة مادام هذا هو سلوكها مع منتسبيها.
فلتكن ميزانية الجامعة لا تسمح، فيمكن عرض هذا السلوك السخيف الذي لا يرضى به أحد يمكن أن يكون بطريقة مختلفة إذ بالإمكان أن تقول الجامعة: تم منح مئة دكتور بالجامعة درجة البروفسور وسوف يقوم البروفات القدامى بتقديمهم، ومن ثم يتم من خلال التكريم وداع هؤلاء البروفات من خلال منحهم وشاحات شكر لا تكلف الجامعة شيئا، وإن رأت الجامعة أن هذا الحفل مكلف، فيمكن أن يعرض هذا الحفل لأي شركة من الشركات التجارية وسوف تقوم به بكل تفاصيله.
أليس هذا أفضل من أن تختم الجامعة لهؤلاء البروفات حياتهم العملية بهذه الطريقة المزرية.
طرد من جهتها واحتجاج من جهتهم وكأنهم شخصيات لا عمل لها ولا وزن لها وغير مرغوب فيهم.
وحتى لا تهين العلم والعلماء بهذه الطريقة يمكن أيضا اتباع هذا المخرج:
فلتكن جامعة الخرطوم بجلالة قدرها لا تحتاج لدرجة البروفسور هذه، فبدلا من أن تستغني عن هؤلاء المئة بروفسور بهذه الطريقة المخزية، فهي مخزية ليست لهم وحدهم بل لكل طالب علم، فبدلا من ذلك تطلب منهم أن يقدموا استقالاتهم حفظا لماء وجههم، فهذه هي الطريقة التي يتم بها الاستغناء عن كبار المسؤولين في الدولة، وقطعا البروفسور لا يقل مكانة عن أي مسؤول في الدولة.
فمهما يكن من أمر فإن كانت إدارة جامعة الخرطوم لها أدنى تقدير للعلم والعلماء لما كانت أن تتصرف هذا التصرف مع درجة يحلم بها كل طالب علم، إذ يمكنها أن تلصق على الأقل هذا القرار بأي جهة غيرها.
لكن أن تعتدي الجامعة نفسها على علمائها وبهذه الصورة المباشرة، فلا يوجد أسوأ من هذا.
قد تكوني يا إدارة جامعة الخرطوم قد وفرت على خزينة الجامعة مبلغا من المال باستغنائك عن مئة بروفسور، فحسب التعديلات الأخيرة فراتب البروفسور ٥٠٠ مليون ج يعني باستغنائك عن المئة وفرت ٥٠ مليارج لكل شهر لكن تأكدي يا أيتها الجامعة العريقة مع توفيرك هذا المبلغ أنك خسرت العلم بأكمله بهذا التصرف المشين، فهذا التصرف إن دل على شيء، فإنما يدل على أنكم ليس لديكم أي علاقة بالعلم والعلماء.
يدل على أنكم مجرد سماسرة في العملية التعليمية.
يلام على البروفات كذلك إزاء هذا الموقف أنهم كان ينبغي عليهم ألا يدخلوا مع هذه الإدارة في احتكاك، وكان ينبغي عليهم مجرد إصدار القرار أن يأخذوا أطرافهم ويخرجوا من الجامعة في صمت حفظا لمكانة التعليم وحفظا لماء وجههم.
لكن هم أيضا معذورون في بلد يقيم ويقدر فيه السمسار أكثر من البروفسور.
وقطعا إذا وقف هذا البروفسور الذي ينبغي أن تحرص عليه الجامعة أكثر من حرصه هو عليها إذا وقف هذا البروفسور وحكى موقفه هذا لأي سمسار أمامه – فما أكثر السماسرة في بلادي – لرد عليه السمسار بقوله:
أنت الملام يا بروفسور وليست الجامعة، فلا أحد قال لك ضيع سنين عمرك في دراستك وتحصيلك للعلم!!!!

صحيفة الانتباهة