لا يحدث إلا في السودان .. عندما نزرع كبدا ونعجز عن توفير شاش في الطوارئ
في إنجاز طبي غير مسبوق يعتبر نجاحا للكادر الطبي السوداني، أُجريت في مستشفى (ابن سينا) بالخرطوم، أول عملية زراعة كبد بمستشفى حكومي في السودان، بواسطة فريق عمل طبي سوداني متكامل من الجرّاحين والاستشاريين والمخدرين والمحضرين والعناية المكثفة والتمريض. وكنا نتابع الحدث لحظة بلحظة لوجود اخصائي الجهاز الهضمي دفعتي وصديقي دكتور هاشم مضوي من ضمن فريق الانجاز، وكانت الاستعدادات والتحضيرات لهذه الطفرة الكبيرة للعمل الطبي بالسودان، بدأت منذ فترة طويلة، بقيادة الدكتور عبد المنعم الطيب والدكتور علاء نقد والدكتور عبد الرحيم دبورة والدكتور منتصر عبد السخي. والتحية لهم من البعد وهم يصنعون الانجاز من لاشئ. مثل هذا الحدث لو كان في دولة متقدمة تهمها نابغيها لتم نقل هذا الإنجاز في جميع وسائل الإعلام ولسمع القاصي والداني هذا النجاح الكبير، ولاستفادوا من الحدث في مجال السياحة الطبية ولجعلوا للفريق الطبي هالة من البريق الإعلامي ليكونوا رمزا لدولتهم، أما في السودان فأعتقد أن وزير الصحة نفسه قد يكون تفاجأ بالخبر، أما المواطن العادي فطبيعي أن لا يهمه أن يزرع كبدا أو (فشفاشا) مادام أنه يذهب إلى الطوارئ ولا يجد في المستشفيات ابسط معينات العلاج من شاش أو ابره أو دربات، وزراعة الكبد بالنسبة له مجرد خبر لا يعنيه ولا يخصه ما دام محروم من زراعة ثقته في مؤسساته الطبية في ابسط احتياجاته، وهذا الخبر بالطبع دلالته فقط في أن الكادر الطبي السوداني، سواء كان كادر طبي خريج جامعة الخرطوم أو أم درمان أو دنقلا أو الابيض أو القضارف، أو غيرها من الجامعات، له من الإمكانات المهنية ما يجعله يفعل المستحيل ويكون مؤهلا وموضع ثقة وأنه لا يقل عن أولئك النظراء في اوربا وامريكا ودول الخليج الا أن حاجز الإمكانات وابتلاء البلاد بساسة جعلوا من اغني البلاد ثروة وموردا وموارد بشرية، جعلوا منها بلادا تموت مرضا وتموت عطشا والماء فوق ظهره، و التحية لكل كادر طبي في السودان صانعوا المعجزات بهمتهم وعزيمتهم، ولك الله يا وطني العزيز.
د.عنتر حسن الشريف