إبراهيم جابر : احذروا من الديمقراطية!
د. مرتضى الغالي
نحن جميعا في هذا الوطن في حاجة لان نتعرّف على طبيعة الإنقاذيين والاخونجية حتى نستطيع التعامل مع شرورهم..وهذه الطبيعة التي دمغوا بها عبر ثلاثين عاماً لهي على قدر كبير من الرسوخ والتماثل بحيث تشملهم جميعاً بلا استثناء..! ذلك أنها بلغت درجة من التطبّع بحيث أصبحت تجري منهم مجرى الدم في العروق وتتلبسهم أمراضها وعللها كابراً عن كابر حتى أصبحت بمثابة (اللوكيميا الأخلاقية الخبيثة)..! ومن مجريات الإحداث سوف نورد مثالاً عن هذا الضرب من (ضمير السوء) وكراهة معاني الحرية والمساواة والعدل بين ما ورد من كواليس التفاوض الذي جرى بحضور المبعوث الأمريكي بين موفدين من الحرية والتغيير وجماعة الانقلاب ..!!
تقول الكواليس أن السيدة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي كانت تطلع الحضور على المسودة التي تلخص ما تم التداول حوله ..وعندما ذكرت في حديثها (التحول الديمقراطي) انتفض رجل من أهل الانقلاب معترضاً على كلمة (الديمقراطي) وصفاً للتحوّل..! ..وكاد أن يخرج مسدسه انزعاجاً من هذه الكلمة التي جاءت ببراءة لتقرير طبيعة التحوّل من الحكم الشمولي القهري إلى الحكم المدني الديمقراطي الطبيعي ..! ذكرت الكواليس أن صاحب هذا الاعتراض هو ممثل الإنقاذ الرئيسي في المكوّن العسكري الانقلابي الجنرال إبراهيم جابر.. وطبعاً عندما نقول الممثل الرئيسي فإن هذا لا يعني أن الإنقاذ ليس لديها ممثلون كثر في المكوّن العسكري من جماعة البرهان ومن يتحلّقون حوله مثل ذباب الماشية…!
وقبل الحديث عن أسباب هذه الغضبة المُضرية من كلمة (الديمقراطي) يجب أن نتوقف لنقرر أمراً عاماً نرى انه من الأمور ذات الخطر الماحق؛ وهو أن ينحرف ولاء قادة الجيش في أي بلد من القومية والمهنية إلى الولاء السياسي والإيديولوجي الذي يقدّم مصلحة الانتماء الفئوي والحزبي على الولاء القومي في مؤسسة قومية..وقد شاهدنا من ذلك ما لا يحتاج إلى بيان وإيضاح طوال عهد الإنقاذ الأغبر عندما جعلت الولاء لحزبها الأثيم هو سبيل التعيين والتوظيف والترقية في مؤسسات الدولة النظامية القومية مثل الجيش والأمن والشرطة..دعك من المؤسسات المدنية الأخرى..! وإذا كانت هذه الكارثة التي جاءت بها الإنقاذ في حاجة لضرب الأمثلة (فيا فؤادي رحم الله الهوى)..!!
ما هو سر اعتراضك يا رجل على (التحول الديمقراطي) ..؟ قال انه يريد كلمة التحوّل عارية بغير غطاء..! إذن ما معنى التحوّل إذا كان هكذا مبهماً ولم يتم توصيفه..؟! هل نترك التحوّل هكذا بلا تسمية وتوصيف و(لا قيد ولا رسن)..؟! إذن لأصبح مثل (الجحش العاير) الذي لا يعرف أي وجهةٍ يتخذ..! إن التحوّل بغير صفة قد يكون تحولاً (من الخير إلى الشر)..! هذا مثل أن تقول (إننا نؤيد الممارسات) ثم تصمت..ّ! فأي ممارسات تعني يا رجل..؟!! لينظر هذا الرجل ويسأل نفسه لماذا قامت الثورة أصلاً وضد ماذا..؟ ومن اجل ماذا..؟! ولماذا ألقى الشعب بالإنقاذ في مزبلة المزابل..! ثم لينظر ما كانت عليه الإنقاذ من طغيان وتجبّر وظلم واستبداد ليعرف ما هو المقابل الذي قدم الشعب من اجله كل هذا الركب المبارك من الشهداء الأبرار على طول عهد الإنقاذ ومنذ يومها الأول.. وحتى ثورة ديسمبر وبذل الأرواح واسترخاصها من أجل الوطن والحرية ومن اجل التحوّل من هذا الطغيان الدموي والاستبداد الأرعن والجهل العريض والخروج من جاهلية الإنقاذ إلى فجر الحرية وأضواء المدنية والديمقراطية..!!
هل تتأذي يا رجل من الديمقراطية..أم ذلك من باب المراءاة والتدليس..؟! ألم تدعي الإنقاذ بأنها نظام ديمقراطي وتستخدم كلمة الديمقراطية حتى كادت أن تستهلك رصيدها في قواميس العالم..؟! ولماذا تكره الديمقراطية..؟ وبماذا تريد أن يوصف التحوّل..؟ لعلك تعني أن يكون التعبير الصحيح (الاتفاق على التحول الاستبدادي القمعي) حتى يطمئن قلبك وجماعتك..! هل يمكن أن يصدر هذا الاستدراك من رجل وطني قومي مهني ينتسب للجيش السوداني ويقف على مسافة واحدة من الشعب والقوى السياسية..؟! هذا الرجل يحرّك مراجل الشرور ويحاول خلخلة الأوتاد..!
وفي ذلك تقول رواية أن ابليس أراد الرحيل مع قومه إلى مكان آخر..فقال أحد العفاريت إن بالجوار خيمة لرجل مع عائلته ولن ارحل حتى افعل بهم الأفاعيل؛ فذهب فوجد بقرة مربوطة إلى وتد وامرأة تقوم بحلبها فحرّك الوتد.. وهاجت البقرة واندلق اللبن..ودهست البقرة ابن المرأة فقتلته..غضبت المرأة وطعنت البقرة حتى قتلتها..وجاء الرجل فرأى طفله والبقرة صريعين ..فطرد زوجته وضربها فجاء قومها فضربوه.. ثم جاء قومه هو واشتبك الجميع وتقاتلوا…تعجّب إبليس وسأل العفريت ماذا فعلت..؟ قال: لا شيء ..فقط حرّكت الوتد..!!
حتى لا نخطئ في إسناد الأقوال والأفعال إلى مصادرها الحقيقية يجب أن نعلم طبيعة هذه الشخوص التي تنتمي إلى مؤسسات قومية وتتحدث بلسان الفلول من (جماعة الترابي) وتضع مصالحهم الذاتية غير المشروعة فوق مصلحة الوطن…. (ومن لا يُحسن إساءة الظن بالإنقاذيين) عليه ألا يلومن إلا نفسه..جفت الأقلام وطويت الصحف..!!
صحيفة التحرير