اقتصاد وأعمال

العوائد الجليلة .. جدلية الرفض والقبول

الرسوم والضرائب المفروضة على الذهب والمصدَّرين والمنتجين في المجال تواجه بتململ وعدم رضا ويدفعها البعض مجبراً لا محالة والبعض الآخر يقوم بسدادها في إطار المسؤولية تجاه الدولة،

وطرحنا سؤالاً عن ماهية تلك العوائد؟ ولماذا تواجه حرباً ضروساً، رغم الإنتاج الكبير للذهب في البلاد إلا أن الشواهد تؤكد تهريب كميات كبيرة من الذهب بعيداً عن عين الرقابة ودون الإيفاء بالرسوم والضرائب المحدَّدة .

وقال الخبير في العمل الضريبي د. عادل عبد المنعم: إن العوائد الجليلة تفرض على قطاع الذهب والمعادن والمتعاملين فيه وهي نصيب الحكومة من المعدن النفيس،

وأوضح أن اتفاقيات المعادن هي اتفاقيات قسمة إيرادات وكان الأولى أن توضع أسوة باتفاقيات البترول وعدم السماح للشركات بالعمل في تعدين الذهب والمعادن بهذه الكثافة، لأن الذهب معدن نادر وناضب وليس من المنطقي أن تتحصل الحكومة على العوائد فقط.

وشدَّد على أهمية حصولها على مانسبته (٥٠ إلى٦٠٪) من الإنتاج وما تبقى خاص بالشركات، وأردف بأن الذهب ثروة قومية ورغم ذلك خصصت للشركات مربعات للاستثمار وتم السماح لها بتصدير الإنتاج وحصل عدد منها على إعفاءات بموجب قانون تشجيع الاستثمار وهو خلل كبير في قطاع الذهب واعتبره استنزاف ونهب لموارد الشعب

وجزم بأن هناك عدداً محدوداً من الشركات يقوم بسداد ما عليه من التزامات مالية للحكومة، وشدَّد على أهمية أن يكون للحكومة والشعب أكبر قدر من عوائد الثروة المعدنية والذهب.

وذكر بأن دولة مصر تملك الذهب، ولكن قامت بتحديد وتخصيص العمل فيه لشركات الجيش فقط، وأيضاً الغاز والبترول ولديهم اتفاقيات شراكة وفقاً لأسس محدَّدة.

وأكد أن العاملين في قطاع الذهب يردِّدون بأنهم في حالة خسارة دائمة وعقب فرض مبلغ الألف جنيه، على جرام الذهب وتم تخفيضها إلى (٤٠٠) جنيه، وأضاف: أي مساهمات حكومية يتم الاعتراض عليها والتهديد باللجوء إلى التهريب من قبلهم لتحقيق مصالحهم الشخصية ومنعاً لأي اتجاه لفرض رسوم أو ضرائب جديدة.

وأقر عادل باستمرار تهريب الذهب عبر المطار والحدود، وتابع: الشعب يعاني من ارتفاع الأسعار والتضخم رغماً عن الثروات التي تملكها الدولة.

والذهب كان له أن يلعب دوراً كبيراً في سد الفجوة في الإيرادات عقب انفصال الجنوب وفقدان (٧٥٪) من البترول، فضلاً عن حل مشكلات الاقتصاد السوداني وبدلاً عن ذلك يتم استنزافه وتهريبه مما يترك علامات استفهام كبيرة تبحث عن إجابة.

وفي السياق نفسه أكد أحد المصدَّرين -فضَّل عدم ذكر اسمه – أن القرارات الخاصة بالذهب إنتاجاً وتصديراً توضع بعيداً عن أصحاب الشأن والمتعاملين في قطاع الذهب وقطع بأنه لا يتم مشاورتهم في الأمر.

وأكد سداد أموال طائلة ورسوم وضريبة تفرض عليهم في مناطق الإنتاج وعقب عملية الصادر.

وزاد: هنالك أشخاص يبحثون عن صلاحيات لأخذ أموال من تجار الذهب وأكد قيامهم بتصدير الذهب سبائك، وشكا من تنفيذ حملات على المحلات التجارية رغماً عن سداد كافة الرسوم المحدَّدة، ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادي د محمد الناير، أن العوائد الجليلة التي تحصل من قبل الزراع الفني لوزارة المعادن الشركة السودانية للموارد المعدنية تمثل نسبة (٧٠٪) من شركات الامتياز الكبرى، إضافة إلى أرباح تؤخذ للدولة مابين (٢٠ إلى ٣٠ ٪) لشركات الامتياز، فضلاً عن الزكاة بواقع (٢٥٠٠٪) وكل هذه الرسوم التي تحصل من شركات الامتياز مقابل السماح لها بتصدير (٧٠ ٪) من إنتاجها وتسليم (٣٠٪) المصفاة وبنك السودان المركزي وتمثل (٧٠٪) مايمكنها من استجلاب المعدات والآليات وغيرها من الأشياء.

وقلَّل الناير من الاعتقاد بأن هذه الرسوم أو قسمة الإنتاج هي السبب في التهريب، وأوضح أن غالبية التهريب في قطاع التعدين والذي يشكِّل إنتاجه (٨٠٪) من إنتاج الذهب في السودان، بالتالي يفترض وضع الضوابط والسياسات لضبط قطاع التعدين التقليدي، منوِّهاً إلى أن وزارة المعادن كان لديها سابقاً رؤية بتحويل القطاع التقليدي إلى منظم خاصة أن كثيراً من المعدِّنين التقليديين تحسِّن مستواهم الاقتصادي من خلال عائدات الذهب التي تحصلوا عليها وأصبح لديهم القدرة على امتلاك مربع صغير وآليات للتنقيب مما يساعد في تحوُّل القطاع التقليدي إلى منظم.

سهولة المتابعة

وجزم الناير بأن المشكلة الكبيرة في التعدين عدم وجود بورصة للذهب، وأضاف: مازال السؤال مطروحاً لماذا لا تنشئ الدولة بورصة حتى اللحظة؟ وما الذي يعيق هذا المشروع وهو يعتبر أحد أهم الطرق التي تحد من التهريب وتضيف للدولة وضعاً أفضلاً للاقتصاد سوقاً منظماً يتم التداول فيه تحت عين الدولة.

واستبعد بأن تكون العوائد سبباً في التهريب وقسمة الأرباح بقدر ما يتعلق بقطاع للتعدين التقليدي الذي هو في حاجة إلى ترتيبات محدَّدة للحد من عملية تهريب الذهب.

الخرطوم: رشا التوم
صحيفة الصيحة