الطاهر ساتي يكتب: من غير ذريع..!!
:: قد يفشل المسؤول، وقد يعجز، وقد يُخطئ التقدير في أمر ما، وكل هذا لا ينتقص من قدره في حال أن يعترف بالفشل و العجز و الخطأ، ثم يعتذر ثم يجتهد في تصويب الخطأ أو إنجاز ما عجز عنه.. ولو عجز عن الاجتهاد، فعليه إفساح موقعه لآخر.. أي ليس هناك أي خيار آخر أمام المسؤول غير الاجتهاد أو الاستقالة، وفي الحالتين يحظى باحترام الناس..!! :: ولكن من يرصد أحاديث نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، منذ أن كان نائباً للمجلس العسكري وحتى مطلع هذا الأسبوع، لا يجد فيها شيئاً غير الشكوى، ثم الإقرار بالفشل، ثم إلقاء مسؤولية الفشل على الآخرين.. ثلاث سنوات، لا يطرح للشعب شيئاً غير الشكوى، ثم الإقرار بالفشل، ثم تبرئة نفسه مما يحدث للناس و البلد ..!! :: ولذلك، ليس في الأمر عجب ألا يأتي بجديد مقابلته مع (B B C)، و من الطبيعي أن يُعيد إنتاج الشكوى، ثم الاعتراف بفشل تصحيح المسار ، ثم تحميل المسؤولية لآخرين، فالخطاب (مكرر).. ومن الغرائب احتفاء المجلس المركزي لقوى الحرية بعبارته الشهيرة والمعتاد عليها (فشلنا )، وهذا الاحتفاء يؤكد أن النشطاء يحملون (ذاكرة الأسماك).. ذاكرة الأسماك لا تدوم لأكثر من ثلاث ثوانٍ..!! :: لو رجعوا لما قبل 25 أكتوبر فلن يجدوا فيه لحميدتي غير الشكوى و الفشل، أو هكذا كان يصف الوضع في عهد حكومتهم، وكانوا يغضبون ويشتمون؛ ولا يفرحون ويحتفون كما اليوم.. وبالمناسبة، أشهر شكوى واعتراف لحميدتي موثق – بتاريخ 26 مايو 2020 – في إرشيف (سودانية 24)، بحيث وصف الحال بالنص : (فشلنا فشل ذريع)، أي كان أسوأ مما عليه اليوم، بدليل أنه اكتفى اليوم بوصف (فشلنا)، أي من غير ذريع..!! :: و احتفاء النشطاء بتصريح حميدتي اليوم ليس بغريب على المواقف الانتهازية؛ فحميدتي عندهم مثل شريف خيري في فيلم (السفارة في العمارة)؛ بحيث يكون رمزاً للصمود – و الرجل الضكران الخوف الكيزان – حين يحرس مقاعدهم في حكومة غير المنتخبة؛ و خائن و عميل و جنجويد حين يشاركهم في تلك الحكومة و لو بمثقال ذرة من الصلاحية.. !! :: المهم.. خطَب مالك بن دينار في الناس وصَلّى بهم – ذات جُمعة – حتى أبكاهم جميعاً، ثم بحث عن مصحفه ولم يجده، فصاح فيهم : (ويحكم، كلكم يبكي فمَن سرق المُصحف؟)..و هكذا لسان حال الشعب حين يستمع لشكاوى النائب.. فالمسؤولية لا تقبل القسمة على اثنين أو أكثر، بحيث يتحملها هذا و يسقط عن ذاك، فالكل مسؤول عما يحدث للناس و البلد طالما لم يغادر موقع المسؤولية..!! :: وكما البرهان و الكباشي و جابر و العطا و كل الذين شاركوا في التغيير، فالنائب حميدتي أيضاً مسؤول عن أوضاع البلد حتى يوم تسليم السلطة لحكومة منتخبة، وعليه أن يتحمل مسؤولية ما يحدث يومياً – فشلاً كان أو نجاحاً – بكل شجاعة؛ أو يفسح الموقع لآخر يؤمن بأن المسؤولية (جماعية).. فالبرهان لم يعلن تصحيح المسار دون موافقة حميدتي و الآخرين.. ولا يحق لأحد في المكون العسكري أن يُبرِّئ نفسه أو يلعب (دور الضحية)..!! :: و إن كان الوضع الاقتصادي أسوأ عما كان عليه قبل (25 أكتوبر)، كما قال النائب في الحوار، لقد فات على المحاور تذكيره بأن سيادته هو رئيس اللجنة الاقتصادية منذ ذاك التاريخ وحتى يوم الشكوى والاعتراف بالسوء.. وإن كان الوضع الأمني أسوأ عما كان عليه قبل (25 أكتوبر)، كما يقول، فقد فات على المحاور تذكير سيادته بأنه المسؤول عن قوات الشرطة حسب توزيع مهام لجنة الأمن و الدفاع بالمجلس السيادي..!
صحيفة اليوم التالي