عبد الله مسار يكتب : رسالة إلى دكتور جبريل
قيل إنّ أسعد باشا تولّى حكم دمشق، وكان في حوجة ماسّة إلى المال للنقص الحاد في إيرادات خزينة الدولة، فأشار إلى حاشيته، فاقترحوا عليه أن يفرض ضريبة على صناع النسيج في دمشق. فسألهم أسعد باشا وكم تتوقّعون أن تجلب لنا هذه الضريبة؟
قالوا من 50 إلى 60 كيساً من الذهب.
فقال أسعد باشا ولكنهم أناسٌ محدودو الدخل فمن أين سيأتون بهذا القدر من المال؟
فقالوا يبيعون حلى وجواهر نسائهم يا مولانا.
فقال أسعد باشا ماذا تقولون لو حصلت على المبلغ المطلوب بطريقة أفضل من هذه؟
فسكت الجميع وانتظروا كيف يتصرّف الحاكم دون أن يفرض ضريبة على المساكين.
كان أسعد باشا يُريد مُلاحقة الأغنياء والمترفين والفاسدين، وأن يُغيِّر الحاشية كلها عند استلامه الحكم (وهم على شاكلة النخب السودانية منذ الاستقلال وحتى اليوم).
وأراد أن يسترد الأموال التي حصلوا عليها من الشعب ويعيدها إلى خزينة الدولة ومن ثَمّ يطردهم.
وفي اليوم التالي، قام أسعد باشا بإرسال رسالة إلى كل من يعتقد أو يظن أنه أخذ من أموال الشعب مباشرةً أو غير مباشرة، ويستدعي كل واحد منهم بطريقة سرية، ويقول له أنت عملت كذا وكذا وكنت تسلك كذا، وعليه قبل أن نتّخذ الإجراءات ضدك بالعزل أو إبلاغ إسطنبول (الباب العالي)، أنا أفضل أن أخبرك.
ولما سمع كل واحد منهم هذا الكلام، أراد معالجة الأمر، ووافق كل واحد أن يدفع كذا من أكياس الذهب حتى لا ينفضح أمره ويُعزل ويُحاكم.
وجمع أسعد باشا بهذه الكيفية بدل 60 كيس ذهب أكثر من عشرة آلاف كيس ذهب.
وبعد أن جمع المال، دعا حاشيته الذين أشاروا إليه بفرض ضريبة جديدة لكي يجمع 60 كيس ذهب، فقال لهم هل سمعتهم أن أسعد باشا قد فرض ضريبة في الشام؟
فقالوا لا يا مولانا ما سمعنا،
فقال مع ذلك أنا جمعت عشرة آلاف كيس ذهب بدل الـ60 كيساً التي سأجمعها بطريقتكم.
فسألوه باستغراب كيف فعلت هذا يا مولانا؟
فأجاب (إن جز صوف الكباش خيرٌ من سلخ جلود الحملان).
أخي د. جبريل أسهل طريقة في جمع المال زيارة الأسعار وفرض الضرائب على الفقراء والمساكين، ولكن هنالك طرقٌ أخرى، منها طريقة أسعد باشا حاكم دمشق.
ومثال حي آخر ما قام به الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية، حيث جزّ صوف الكباش لترتاح جلود الحملان.
صحيفة الصيحة