مقالات متنوعة

عبد الله مسار يكتب : حرب الحضارات


روسيا التي دافعت عن أوروبا عندما هزمها هتلر،
كتب الأستاذ عبد الهادي المجالي رئيس مجلس النواب الأردني لتسع دورات متتالية، مقالاً رائعاً تحت عنوان حرب الحضارات قال فيه:-
فرح الناس في بلادنا لا يرتبط أبداً بحدوث حرب، ولا أظن أن أردنياً أو عربياً أو أفريقياً أو آسيوياً أو أمريكياً جنوبياً يرضى بكل هذا الدم في أوكرانيا. ولكن القصة هي هزيمة الغرب وليس نصر بوتين.
درجت العادة أن (يتمرجل) الغرب ومعه أمريكا على الدول الضعيفة.
فمن الممكن أن يكون الفضاء الليبي مفتوحاً للطائرات الفرنسية، ومن الممكن أن تكون سماء بغداد مفتوحة للطيارين الإنجليز كي يستعرضوا مهاراتهم في الارتفاعات المنخفضة، ومن الممكن أن ينزل المارينز الأمريكي في شواطئ الصومال ويقتل ويستعرض، ثم ينتج في هوليوود فيلماً يروي بطولة هؤلاء الجنود، وبالطبع الفيلم يكون مبنياً على الأكاذيب.
ودرجت العادة أيضاً أن يقصفوا كل شبر في أفغانستان وليقولوا ما يريدون ومتى شاءوا ولن يعترض أحدٌ.
كما درجت العادة أن تعربد إسرائيل بمكانتها العسكرية الأمريكية في غزة وجنوب لبنان وتقتل من تريد وتغتال من تريد، ولكن هذه المرة مختلفة. فالطيار الفرنسي لن يحلق فوق أوكرانيا كي يحمي الحرية وقيم العدالة، كما يقول وزير خارجيتهم يعرف أنه لن يعود إلا جثة أو أسيراً.
والإنجليز الذين استباحوا بر وسماء البصرة بطائرات الهارير والتايفون كل جسم متحرك، يدركون أن دبابتهم إن اقتربت من حدود أوكرانيا فستحرق بهم، والأمريكان يعرفون جيداً أيضاً أنّ روسيا ليست طالبان ولا العراق ولا شرق سوريا، ويدركون أنّ طائراتهم سيعود بمئات الجثث إن قرّروا الدخول في اللعبة.
تلك هي القصة باختصار، هي أن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق المرأة والعدالة وحقوق المثليين، وتمكين النساء والمناهج التي تحرر العقول، كل ذلك يطبق على الضعفاء والفقراء، مصحوباً ببعض المساعدات المادية وشحنات حليب الأطفال.
والقصة أن الغرب أمام روسيا لن يجرؤ أن يمارس ذات الأدوار التي مارسها في العراق أو أفغانستان، لأنه الآن يقف أمام دولة تعرف كيف تفكك المُؤامرات، وتمتلك ترسانة عسكرية ضخمة.
والأهم أنّ روسيا حضارة وثقافة صدرت للعالم الموسيقى والمسرح والرواية، وحمت كرامة أوروبا حين مرغها هتلر في الأرض.
من يعتقد أنها الحرب مخطئ، هذه أكبر من حرب بكثير، هي صراع حضارات، حضارة تعوّدت أن تفرض منتجاتها على العالم بالقوة وبالإغراءات، وحضارة أخرى تتعاطى مع العالم في إطار الشراكة وتقاسم رغيف الخبز.. حضارة ليس لها ماض استعماري مثل فرنسا وبريطانيا.. ولم تنهب ثروات الشعوب وتمارس القتل والتصفية. على الأقل في روسيا والصين، ولن تجد أسود يعاني من التفرقة، ولن تجد جمهور كرة قدم يرمي بالبيض أو الموز على اللاعبين الأفارقة.
نحن مع روسيا ليس لأنها منتصرة، بل لأنها تتحدّث باسم الفقراء في هذا العالم وتقاتل باسمهم وتفرض إيقاعهم وتقول للعالم كله يكفي سطوة الحضارة الغربية وتحاول تحرير العقل، ستنتهي الحرب حتماً، وسيدرك (الأوكرانيون) إنه تم توريطهم في لعبة كانت أكبر من أن يكونوا وقوداً لها، وسيدركون أيضاً أنهم كانوا حقل تجريب القوة العسكرية الساحقة، ولكنهم مع الوقت سيدركون أن فضاءهم هو (روسيا)، وأن روسيا هي عمقهم، وأن الغرب كله كان يكذب عليهم ويسير بهم نحو أتون المحرقة.
لقد فتحت قصة روسيا بوابة بداية النهاية للحضارة والثقافة الغربية، لأن القادم سيكون الصين، وهي ستستعيد (تايوان) بنفس الطريقة.
وكوريا الشمالية هي الأخرى ستشهد فصلاً جديداً من الصراع.
النار التي أشعلوها في كل العالم على مدار (50) عاماً، وحرقوا بها الفقراء والشعوب، وحرقوا الأحلام والطموحات ستشتعل في قصر الاليزيه ودواينغ ستريت ومبنى المستشارية، ولا أظنها ستكون بعيدة عن البيت الأبيض ولا عن مبنى الكنيست الإسرائيلي.
وفي النهاية اذا قدر الله لزيلينسكي الرئيس الأوكراني أن يبقى حياً، فستكون إسرائيل منفاه، علهم يتعلمون منه عبرة مفادها
أن نهايات الحلم اليهودي ستكون التغريب والسبب فهو منهم يفكر بذات طريقتهم ويحب الدم والدمار بذات شهيتهم.
انتهى قول المجالي. ومني
انها نهاية الحضارة الغربية وسيطرة أمريكا على العالم،
وقطعاً قيادة جديدة تبرز وهي الصين إن لم تكن نهاية العالم وقيام الساعة.