محمد عبد الماجد يكتب: الكاتشب (الوطني)
(1)
أيام حكومة الإنقاذ كانت التجارة الرابحة والسائدة هي تجارة الاضافة الى (الوطني) ، فقد كان كل شيء يعرف بأنه (الوطني) حتى تجارة تهريب الذهب كانت عندهم تعرف باسم التهريب (الوطني)على غرار المؤتمر (الوطني) و الحوار (الوطني) و العيد (الوطني) وهلم جرا من (الوطنيات) التى لا حصر لها ولا عدد.
كانت الزيجات الجماعية التى تقام تحت عنوان (العرس الجماعي) تسمى العرس (الوطني) – المثل السوداني الدارج كان يقول (الموت مع الجماعة عرس)، لذلك كان يجمعوهم في جماعات باسم (العرس الجماعي) ، فقد كان (العرس) فعلاً (موت) بسبب الغلاء والمظاهر الاجتماعية (الفاخرة) او (الفاجرة).
(2)
عادت الآن التجارة التى تسببت ثورة ديسمبر المجيدة في كسادها للترويج من جديد بعد انقلاب 25 اكتوبر.
اصبحوا يدخلون شعارات الثورة في كل تحركاتهم وهم ابعد ما يكونوا عن الثورة.
ينهبون باسم السلام والعدالة.
يسرقون باسم الحريات.
في العهد البائد كانت (كل شيء لله) بما في ذلك (جكة) المجندين في الدفاع الشعبي الذين يبحثون عن طريق تلك (الجكة) عن الترقية وفرصة للسفر للخارج.
ما هي علاقة الحركات المسلحة بثورة ديسمبر المجيدة؟ .. لقد كانت تلك الحركات اخر من انضم لركب الثورة بعد سقوط النظام عبر اتفاقية سلام جوبا، ليخلص لهم الجمل بما حمل بعد ان (طردت جدادة الخلا جدادة البيت).
الذين صنعوا الثورة الآن هم اما في السجون وإما ارتقوا الى الرفيق الاعلى بعد الاستشهاد.
من صنعوا الثورة يتحركون بين المشافي بأربع من اجل العلاج والاستشفاء بعد ان فقدوا اطرافهم وأصبحوا غير قادرين على (الحركة) اما اصحاب (الحركات) المسلحة فهم من يتصدرون الموقف.
في خضم ذلك النفاق ظهرت (توابل) الانقلاب وهي تحمل تلك (التعريفات) التى تفوح رائحتها فتزكم الانوف.
الامور اضحت على ذلك النحو الذي تمور احداثه بتلك التفاصيل – مثلما كان هناك الحوار الوطني في العهد البائد اصبح الآن هنالك التوافق الوطني او مجموعة الوفاق الوطني ـ لم يحدث تغيير حتى على مستوى المصطلحات المستعملة فهؤلاء الذين يحكمون السودان الآن ثقافتهم لا تتعدى حدود (كتابي الاول).
وأمل كتبت.
وبدر قرأ.
السلام اصبح مجرد (تكت) لكي تصرف من خلاله البنزين والسكر والدقيق. الطبخة السياسية تقوم بهذه الاصناف التى تتشكل من (شمار) السلام، و(فلفل) التغيير و(ملح) الحرية و(توم) التوم هجو و(بصل) ابوالقاسم برطم و(شطة) حميدتي و (فجل) عسكوري.
اذكر انه عندما راجت ثقافة المؤتمر الوطني، بحث احد التجار عن اسم لسلعته فلم يجد افضل من ان يطلق عليها (الوطني) ، فكانت مرقة دجاج (الوطني).
يمكن ان يظهر في الاسواق حديثاً (كاتشب) الوطني فقد استنزفوا هذا الوطن ولم يتبق لهم إلّا ان يلتهموه بـ (الكاتشب).
الكاتشب الوطني.
ارجو ان تمسحوا (افواهكم) بعد ذلك.. اما ايديكم فقد تلوثت بالدماء فلا جدوى من غسلها.
(3)
كل ما كانت تدعو له الحركات المسلحة قبل الثورة جاءت ووقعت فيه بعد الثورة.
كانوا يرفضون (الانقلابات) فانقلبوا على حكومة حمدوك.
كانوا ينادون بالحريات والسلام فاصبحوا الآن يضيقون ذرعاً من الحريات ويدعون الى الكبت والتكميم.
الحركات المسلحة لم يبق لها من (كروت الضغط) إلّا كرت اللعب على (العنصرية) والاضطهاد من اجل ان يحققوا المزيد من المكاسب التى توضع في بنك مصالحهم الخاصة.
السلام الذي اتفقوا عليه وشاركوا باسمه في الحكومة الانتقالية اضحى اليوم مفقوداً بعد ان شاركوا في السلطة.
عندما كان النظام البائد في حرب مع الحركات المسلحة التى كان يطلق عليها الحركات (المتمردة) لم يكن يحدث في دارفور والنيل الازرق كل هذا الموت.
حصة السلام التى استلموها راحت في شراء المزيد من الاسلحة والقنابل والرصاص والكراسي.
(4)
بغم /
السودان يدار الآن بـ (21) حكومة.
(8) حكومات (اهلية)…. و(13) حكومة (اجنبية).
مع ذلك البلاد لا يوجد فيها أمن ولا سلام ولا كهرباء.
صحيفة الانتباهة