مقالات متنوعة

بخاري بشير يكتب: صراع السياسة..واعتراف الشيخ !


بالتأكيد أن حديثاََ مثل الذي أدلى به ابراهيم الشيخ القيادي الكبير في حزب المؤتمر السوداني سيفرح القلب؛ وتنشرح له النفس؛ لأنه أول اعتراف بأن سياسة (فش الغبينة) لن تنجح في المعترك السياسي السوداني؛ و(من فش غبيتو خرب مدينتو).. ورحم الله إمام الأنصار الراحل (الصادق المهدي)؛ ذاك الرجل الذي افتقدته سوح السياسة وافتقدت حكمته؛ وكلامه الرصين.

المهم ؛ عودة الوعي لابراهيم الشيخ الذي كان من أكثر المتشددين في بدايات الثورة؛ هو ما يهم اليوم؛ وهو حديث ظللنا نقوله كثيراََ مؤكدين أن (الاقصاء المتبادل) الممارس في الساحة السياسية بين التيارين الكبيرين (اليساري والاسلامي) أورد البلاد موارد الهلاك؛ ولم تجن منه الا (العدم) على حد قول الشيخ.. وهي الحقيقة الماثلة منذ ما قبل الاستقلال؛ ولم تنج منه فترة من الفترات.

صراع (اليسار العلماني – والاسلام السياسي).. كان السمة الأبرز في الممارسة السياسية السودانية؛ وعلى خطاه سارت الساحة السياسية؛ وامتد أثره على كافة الاحداث.. سوى كانت هذه الأحداث ثورات مثل (أكتوبر- وأبريل-ثم ديسمبر ).. أو الانقلابات بدءاََ من (عبود ونميري والبشير)؛ وما بينهما.. تلك هي الحقيقة المجردة التي برأت الجيش السوداني المهني من ربقة الانقلاب.. اذ لم يتحرك ضباط في المنظومة العسكرية (المهنية الحقة) بأي تحركات منفردين لاستلام السلطة؛ وفي كل الحقب هناك من يحركهم من القوى السياسية.. وهي (براءة) نمنحها للجيش في يوم عيده؛ ويدفعنا هذا للقول إن الجيش يظل معافى؛ ما لم يدنس بذته السياسيون.

نعود لاعتراف ابراهيم الشيخ؛ الذي يؤكد من خلاله أن الأعوام الثلاثة الماضية كانت مليئة بالأخطاء من النخبة السياسية التي سيطرت على ثورة الشباب؛ حيث جاءت هذه النخبة مندفعة تسوقها (أحقاد وغبائن) متراكمة؛ أعمتها من أن ترى الحقيقة الساطعة أن هذا الشعب ينتظر.. أرادت النخبة أن تنتصر لنفسها؛ فأحكمت قبضتها بالاقصاء.. وسياسة التشفي؛ حتى أطلق البعض على الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة ديسمبر بالفترة (الانتقامية)- بدلاََ عن الفترة الانتقالية.. لدرجة أن وزيرة مشهورة في خطاب عام ارادت أن تقول الفترة الانتقالية؛ فسبق لسانها بنطق (الفترة الانتقامية).

المهم أن اعتراف الشيخ يؤكد خطأ وخطل المنهج والسلوك السياسي الذي استمر لثلاثة أعوام.. وانغمست فيه النخب السياسية.. دون أن تنظر لأبعد من ارنبة أنفها في شأن المواطن ومشكلاته.. لدرجة ان هذه النخب ولجت ميدان السلطة وهي خالية من (خطة) تقود بها البلاد ؛ كما جاء في اعتراف رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.. ودارت البلاد دورانها بـ (الأحقاد والتشفي والانتقام).. وظل المواطن ينوم ويصحى على صراع السياسيين دون أن يجد مشروعاََ واحداََ قد اكتمل في فضاء الوطن.. وتراجع الاقتصاد لدرجة الانهيار.

آن الأوان أن يتجه الجميع نحو (المعايشة)- و(التسامي) فوق الخلاف؛ والاتفاق على حد أدنى من المشتركات التي ستجنب البلاد كثيراََ من السيناريوهات المخيفة.. ونحمد الله أن أطراف العملية السياسية بكل أطيافهم لهم (مشاركات جيدة) ومقترحات (بناءة) حول كيفية ادارة الفترة الانتقالية.. ويبقى من الذي يلتقط القفاز ليدمج هذه المقترحات والخروج باتفاق كبير يحفظ ما تبقى من الوطن؟

صحيفة الانتباهة