مقالات متنوعة

محمد أحمد الكباشي يكتب: منصة كرم الله عباس


اشتهر القيادي ووالي القضارف الاسبق كرم عباس الشيخ منذ ولوجه العمل العام بتصريحات ومواقف متشددة مع من يخالفه الرأي من خلال المناصب التي تقلدها بولاية القضارف، بدءاً برئيس اتحاد المزارعين هناك ثم رئيساً للمجلس التشريعي فوالياً للقضارف. وما ان يدخل في ذاكرة النسيان او أنه يرى أنه قد صار نسياً منسياً حتى ينفض الغبار عن نفسه ويطلق التصريحات ذات الأثر الباقي ولو بعد حين، فتراه يصمت دهراً ثم يعود ليطلق رصاصاً من الكلمات علها تجد حظها من ردة الفعل بين مؤيد ومعارض.
سبق أن أيد كرم الله عباس قبل سنوات التطبيع مع إسرائيل، مما قاد الى قطيعة بينه وبين عدد من قادة المؤتمر الوطني حينما كان عضواً في المكتب القيادي، واجبر بسبب هذا التصريح على الاستقالة من منصبه، كما استقال من حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية حينها.
وبعد ذهاب الانقاذ ظل والي القضارف الاسبق قريباً من المشهد العام وما يدور بولاية القضارف، باعتباره احد كبار المزارعين بالولاية، حتى تهيأت له فرصة الظهور عبر بوابة الزراعة عندما أعلن قبل أشهر عن ميلاد حزب سياسي جديد بالسودان تحت مسمى (تجمع المزارعين الوطنيين)، وكان ذلك وسط حضور والي القضارف محمد عبد الرحمن محجوب ولجنة امن الولاية، معللاً هذا الموقف بتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالسودان. وقال كرم الله الذي كان يخاطب حشداً جماهيرياً في محلية باسندة بالشريط الحدودي في ذلك الوقت إن المزارعين والمنتجين تأثروا بأفعال الصبية وقوى اليسار وانحراف الثورة عن أهدافها الأساسية.
ولم تمر هذه التصريحات وغيرها من الهجوم العنيف الذي شنه على قوى الحرية والتغيير، فانقسم الناس حوله بين مؤيد للفكرة وداعم لما اعلنه عن ميلاد حزب مهني كحزب المزارعين. وفي المقابل لم يسلم كرم الله من هجوم مضاد أطلقه عليه مؤيدون لقوى الحرية والتغيير. وقبل ان تزول آثار هذه التصريحات مع جريان مياه كثيرة تحت جسر المشهد العام عاد
كرم الله عباس الشيخ الى هوايته المحببة، وفتح النار هذه المرة على عدة جهات سياسية واجتماعية وإدارت أهلية، بل انه توقع حدوث مجاعة بالبلاد بسبب ما وصفها بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية وتراجع الإنتاج وعجز الدولة عن تمويل المزارعين وتوفير الوقود والمدخلات اللازمة للزراعة.
وببساطة نتفق هنا مع ما ذهب اليه كرم الله، وهذا امر لا يحتاج الى كثير عناء لإثباته، لكن يبدو ان كرم الله يريد من هذه التصريحات الدخول مع والي الولاية وحكومته في معركة دون معترك، باعتبار ان كرم يعلم جيداً الظروف التي تمر بها البلاد وبالتالي ولاية القضارف، وان وصفها بالعجز لم يكن منصفاً ونسف كل الجهود التي ظلت تبذلها حكومة الولاية خاصة في مجال المياه والطرق وحتى معاش الناس.. نعم ربما لا يكون ذلك بقدر طموح اهل الولاية ولكنه بالكاد جهد المقل. على ان أسوأ ما جاء به كرم في تصريحاته الاخيرة انتقاده غير المبرر القافلة التي سيرتها ولاية القضارف لولاية النيل الأزرق، وقال: (كيف للحكومة أن تدعم أخرى وهي محتاجة؟) وبالتأكيد أن الذي حدث في النيل الأزرق يستوجب أن تتداعى له بقية الولايات، اذ ان قيمة هذا الموقف تتجاوز محطة الدعم المادي إلى المعنوي وإصلاح ذات البين، والتأكيد على أن الولايات كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له بقية الولايات بالدعم والمؤازرة.

صحيفة الانتباهة